جعْل المدن والمستوطنات البشرية
شاملة للجميع وآمنة وقادرة
على الصمود ومستدامة

تحميل الفصل

ألف. مقدمة

سيعيش حوالي 75 في المائة من سكان المنطقة العربية في المناطق الحضرية بحلول عام 2050 1، في تطوّر يكرّس أهمية السياسات الحضرية لتأمين رفاه مئات الملايين من الناس. ومدن المنطقة تقع بمعظمها على السواحل، وهي شديدة التعرّض، جراء أسباب أهمّها تقادم البنية الأساسية، للكوارث الناجمة عن تغيّر المناخ. ولا تزال الهجرة المحلية من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية المصدر الأساسي للتوسّع العمراني، ولكنّ المدن العربية هي أيضاً الوجهة الأولى للنازحين في العالم2. وتؤدي هذه الحالة إلى تفاقم مشاكل العمالة غير النظامية، والمساكن غير المستوفية لشروط السكن اللائق، والإفراط في استغلال الموارد الطبيعية، واستنزاف البيئة.

على الرغم من إطلاق سياسات حضرية وطنية3 وإحراز تقدم في التأهب للكوارث، لا تزال تشوب هذه السياسات فجوات واسعة في توفّر المساكن الميسورة الكلفة، والحصول على الخدمات الأساسية، وقلة المساحات العامة المفتوحة، وإدارة النفايات، لتسمية القليل. تواجه البلدان العربية أنماطاً غير مستدامة من الزحف الحضري العشوائي وعقبات تحول دون تحقيق الهدف 11 (المدن والمجتمعات المستدامة) مثل استمرار القيود على اللامركزية، وتعرّض البيئة للمخاطر، وعدم الاستقرار جراء الاضطرابات السياسية والصراعات. تشمل الأولويات المساكن الميسورة الكلفة، وحصول الجميع على الخدمات الأساسية، والتكيف مع تغيّر المناخ، وتحسين نوعية الهواء، وتحسين إدارة النفايات، والنقل المستدام، وتوسيع المساحات الخضراء والعامة، وحماية التراث الثقافي والطبيعي.

يتناول هذا الفصل مجالات السياسة العامة المعنية بالهدف 11 المتعلقة بالمستوطنات العشوائية، والأحياء الفقيرة، والمساكن الميسورة الكلفة، والشمولية في النقل، والقدرة على مواجهة الكوارث والحوكمة الحضرية.

يتناول الهدف 11 من أهداف التنمية المستدامة مواضيع تُعنى بالمدن والمجتمعات المحلية كالإسكان، والنقل، وإدارة النفايات، والتخطيط الحضري، والبيئة. وهو يشمل مؤشرات تتعلق بالحد من مخاطر الكوارث وتتكرر في إطار الهدفين 1 و13.

يعتمد التقدم في تحقيق الهدف 11 على التحوّل في أنماط الاستهلاك والإنتاج (الهدف 12)، والابتكار والبنية الأساسية (الهدف 9)، والحصول على المياه والصرف الصحي والكهرباء (الهدفان 6 و7)، والحوكمة الخاضعة للمساءلة (الهدف 16).

والتقدّم على مسار الهدف 11 يُحفّز التقدم نحو الحد من الفقر (الهدف 1)، وتحسين صحة الإنسان (الهدف 3)، وجعل الخدمات العامة في متناول النساء والفتيات (الهدف 5)، والحد من المخاطر البيئية (الأهداف 12، 13، 14 و15).

ما تقوله البيانات

البيانات في هذا القسم مستمدة من المرصد العربي لأهداف التنمية المستدامة التابع للإسكوا، ما لم يذكر خلاف ذلك (اطلع عليها في كانون الأول/ديسمبر 2023).
انخفضت نسبة سكان الحضر الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة أو المستوطنات العشوائية أو المساكن غير اللائقة في المنطقة العربية من 39 في المائة في عام 2006 إلى 32 في المائة في عام 2010 و24 في المائة في عام 2018 (حوالي 61 مليون من سكان الحضر في عام 2018). وقد بلغ المتوسط العالمي 24 في المائة في عام 2020.
ناهز عدد النازحين داخلياً بسبب الكوارث 1.8 مليون شخص في المنطقة في عام 2020 مقابل حوالي 200,000 في عام 2015، ما يشي بتزايد موجات النزوح جراء الكوارث البيئية.
تفاوتت نسبة سكان الحضر الذين يتمتعون بسهولة الوصول إلى وسائل النقل العام في المنطقة تفاوتاً كبيراً، بين 8 في المائة في بغداد (العراق) و10 في المائة عمّان (الأردن)، إلى 62 في المائة في الدوحة (قطر) و79 في المائة مراكش (المغرب) في عام 2020. وتتمتع المدن في البلدان المتوسطة الدخل بتغطية أفضل من حيث شبكات النقل العام، بنسبة 48 في المائة في تونس (تونس) مقابل 41 في المائة في دبي (الإمارات العربية المتحدة) و39 في المائة في الكويت، أو 36 في المائة في الإسكندرية (مصر) مقابل 21 في المائة في البحرين4. وهذا يبيّن الاعتماد الكبير على السيارات الخاصة في البلدان ذات الدخل المرتفع في المنطقة.
تسير المنطقة على الطريق الصحيح باتجاه تطوير استراتيجيات وطنية للحد من الكوارث ولكن عدداً قليلاً فقط من البلدان وضع استراتيجيات محلية للحد من مخاطر الكوارث: 32 مدينة في 10 بلدان لديها مثل هذه الاستراتيجيات وخطط العمل المحلية (الفصل الخاص بالهدف 13).
تتفاوت نسبة سكان الحضر الذين يمكنهم الوصول إلى المساحات العامة المفتوحة تفاوتاً كبيراً، بين 18 في المائة في صحار (عُمان) و20 في المائة في بغداد (العراق)، و82 في المائة في الفجيرة (الإمارات العربية المتحدة) و91 في المائة في توزر (تونس) في عام 2020 5.
نوعية الهواء في المدن العربية دون المتوسط العالمي. في عام 2019، سجّلت المدن العربية 45.7 ميكروغرام لكل متر مكعب من المتوسط السنوي لمستويات الجسيمات من الفئة 2.5، في المتوسط، مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 32.9.
تبلغ كلفة تلوّث الهواء في المنطقة 141 مليار دولار سنوياً، أي حوالي 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي6.
للاطلاع على أحدث البيانات الخاصة بالهدف 11 على المستويين الوطني والإقليمي وتحليل مدى توفرها، يرجى زيارة المرصد العربي لأهداف التنمية المستدامة التابع للإسكوا.

وصولاً إلى عام 2030: نُهُج السياسات المقترحة لتسريع التقدم في تحقيق الهدف 11

تهدف الرسائل التالية المتعلقة بالسياسات إلى معالجة التحديات التي تواجهها المنطقة العربية من جراء التوسع العمراني السريع، وعوامل الإجهاد البيئي في المدن، والحاجة إلى التحولات الاجتماعية والسياسية في المناطق الحضرية.

تفعيل آليات اللامركزية الإدارية والمالية لتحميل الحكومات والسلطات المحلية مزيداً من المسؤولية في زيادة الإيرادات ووضع الميزانيات (بما في ذلك الضرائب والتراخيص وغرامات المرور، وما إلى ذلك) للاستجابة بشكل أفضل إلى حاجات الناس المرتبطة بالبنية والخدمات الأساسية.
تعزيز قدرة الحكومات والسلطات المحلية على وضع الميزانية، وتعميم اعتبارات المساواة بين الجنسين، وإدماج الفئات المعرضة للمخاطر (مثل الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن)، وبناء مقترحات المشاريع، وجمع الأموال من الجهات المانحة، وتعزيز الشراكات.
استحداث آليات لرصد التقدم في تنفيذ خطة عام 2030 وأهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلي من خلال المراصد الحضرية بهدف تحسين جمع البيانات ومعالجتها وتحليلها، وتحفيز الحوكمة الشاملة والتحوّلات النابعة من المستوى المحلي.
تبنّي مفهوم المدن الصحية7 للربط بين نشر الاقتصاد الدائري والقدرة على مواجهة تغيّر المناخ وتحسين الصحة العامة والرفاه، وسواها من الفوائد.
المراصد الحضرية هي نقطة انطلاق لإجراء تقييمات محلية على أسس متينة، تدعم آليات صنع السياسات والرصد بالاستناد إلى الأدلة على مستوى المدن. تزوّد صانعي القرار وغيرهم من الجهات المعنية والمواطنين بمعلومات غير متحيزة لتيسير التعبير عن الآراء المستنيرة، وتقديم المساعدة التقنية لصياغة السياسات واستعراضها، وتشجيع المشاركة من خلال تبادل المعلومات بشفافية. وينتج عن ذلك استعراضات شاملة تغطي مجموعة متنوعة من الآراء والوجهات، ويكون من شأنها المساعدة في تحميل صانعي القرار المسؤولية عن تنفيذ تحسينات ملموسة. ويوفر الجمع بين المراصد الحضرية والاستعراضات المحلية آلية فعالة لرصد التحديات الحضرية وبناء الحلول التعاونية.
الاستعراضات المحلية الطوعية

يمكن للاستعراضات المحلية الطوعية، باعتبارها جسراً بين الرؤية العالمية للتنمية المستدامة والإجراءات المحلية، أن تكون عنصراً مسرعاً قوياً لتوطين أهداف التنمية المستدامة. فهي تعزز السياسات القائمة على الأدلة، وتنظر في التحديات والفرص المتاحة لمناطق محددة، وتوفر رؤية مشتركة وفرصة سانحة للتخطيط الطويل الأجل للتنمية المستدامة على المستوى المحلي. كما تعزز مشاركة الجهات المعنية والحوكمة الأفقية المتعددة المستويات، فيما تتيح الفرصة للحكومات والسلطات المحلية لتحديد الأولويات الاستراتيجية بما يتوافق مع الخطط العالمية والمشاركة في الساحة الدولية.

وقد ساهمت الاستعراضات المحلية الطوعية التي وضعت مؤخراً في عمّان (الأردن) في 2022 وأغادير (المغرب) والمدينة المنورة (المملكة العربية السعودية) في 2023 في حوار بين الجهات المعنية المحلية واتساق السياسات الحضرية. وأسفرت عن زخم غير مسبوق لتطوير البيانات المحلية، مما أعطى المدن دافعاً لتعزيز العمليات المتصلة بالبيانات وتحسين التعاون الأفقي لتبادل المعلومات والتنسيق الرأسي مع المكاتب الإحصائية الوطنية. وأسهمت الاستعراضات الطوعية في المساءلة والشفافية من خلال مشاركة الجهات المعنية المتعددة. وساعدت في تحديد آليات التمويل للمجالات الإنمائية ذات الأولوية.

المصادر: UN-Habitat, 2023b; ESCWA, UN-Habitat and UCLG-MEWA, 2024.
تنفيذ إطار شامل ومتكامل لسياسة الإسكان والتخطيط الحضري يشمل الاستثمار المحدد الأهداف في البنية الأساسية ويحفّز مشاركة القطاع الخاص في تطوير المساكن اللائقة والميسورة الكلفة (على سبيل المثال، من خلال الصناديق العامة والخاصة للإسكان الاجتماعي).
تنظيم أسواق الأراضي والعقارات، وتوجيه استخدام الأراضي العامة لمشاريع بناء المساكن الميسورة الكلفة، وتحديث مجموعة المساكن المنخفضة الجودة، مع احتواء الزحف الحضري العشوائي من خلال أنماط سليمة من التوسّع العمراني.
الاستثمار في نُظُم النقل العام لتشجيع التحوّل في وسائل النقل من السيارات الخاصة إلى نُظُم النقل المستدامة، بما في ذلك النقل الجماعي والترابط مع أنماط النقل الأخرى.
تضمين الاعتبارات المتعلقة بالنقل في التخطيط الحضري وصنع القرار، وتحفيز أنماط النقل غير الآلية، ودمج التقنيات الذكية لإدارة حركة المرور بهدف تحقيق نُظُم نقل حضري فعالة، صديقة للبيئة ويمكن الوصول إليها.
تقيّد العقبات التي تواجهها النساء في الوصول إلى وسائل النقل العام الآمنة والفعالة فرص عملهن، وتحدّ من الوصول إلى التعليم ومن المشاركة في الأنشطة الثقافية والاجتماعية. وتؤثر القيود المفروضة على التنقل تأثيراً سلبياً على قدرة المرأة على كسب عيشها، مما يسهم في عدم المساواة بين الجنسين في العمل بسبب ضياع فرص العمل والنكسات المالية. ويتطلب سد هذه الفجوات اتخاذ تدابير لتعزيز يُسر كلفة النقل العام وسلامته بالنسبة للمرأة، وتشجيع زيادة مشاركتها في قطاع النقل، والاستفادة من التكنولوجيا لتعزيز إمكانية الوصول إلى وسائل النقل وكفاءة استخدامها.
إلغاء القوانين التمييزية في الحصول على الأراضي والسكن، وإصلاح تمليك الأراضي، وتبسيط آليات التسجيل، ورقمنة نُظُم تمليك الأراضي والمساحة بهدف حماية حقوق الفئات المعرضة للمخاطر، بمن فيهم النساء.
إيلاء الأولوية للتخطيط الحضري الشامل في إعادة الإعمار في حالات ما بعد الصراع، باستخدام إعادة تأهيل التراث المبني كأداة للمصالحة بين المجتمعات؛ والحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي وحمايته؛ وترميم التراث المتضرر مع احترام القيم والتقاليد الموروثة من السياقات الثقافية المختلفة.

باء. مشهد السياسات المعنية بالهدف 11

لا تزال السياسات الحضرية في المنطقة العربية تركز في المقام الأول على توفير السكن اللائق والخدمات الأساسية. ولا يزال يتعين على إطار السياسات العامة أن يواصل إدماج إدارة المخاطر البيئية ومخاطر الكوارث (بما في ذلك نُظُم الإنذار المبكر)؛ ونَهج متوازن للتنمية العمرانية، مثلاً بين المناطق الحضرية والريفية وبين مختلف الأحياء داخل المدن؛ وفرص تعزيز التنمية الاقتصادية على المستوى المحلي بما يتماشى مع الاستراتيجية العربية للإسكان والتنمية الحضرية المستدامة 2030.

تم استكمال الاستراتيجية العربية للإسكان والتنمية الحضرية المستدامة 2030 التي صدّق عليها مجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب تحت رعاية جامعة الدول العربية، بتقرير صدر في عام 2016 بعنوان "نحو أجندة حضرية عربية" ، تضمّن آليات لتعزيز التعاون الإقليمي. وتدعو هذه الاستراتيجية الإقليمية الدول العربية إلى الحد من الزحف الحضري العشوائي، وتعزيز المساكن الميسورة الكلفة، وإشراك مختلف الجهات المعنية في التخطيط والتنمية الحضرية.
تظهر عدة توجهات مشتركة للسياسة العامة على الصعيد الإقليمي
لا يزال توفير إمكانية الحصول على السكن اللائق والميسور الكلفة والخدمات الأساسية للجميع محور التركيز الرئيسي للسياسات الحضرية في معظم بلدان المنطقة 8. وقد أدت البرامج الوطنية إلى تحسين المستوطنات العشوائية والقضاء على الأحياء الفقيرة، بما فيه من خلال عمليات إعادة التوطين والإسكان الاجتماعي التي تستهدف أكثر المجتمعات المحلية عرضة للمخاطر. غير أن التقييم الذي يتناول برامج الإسكان الاجتماعي يكشف عن مشاكل متكررة، مثل تدني النوعية، وفقدان الفرص الاقتصادية والمساحات الاجتماعية بسبب الانتقال إلى أمكنة أخرى، والافتقار إلى النُهج المجتمعية، وتغاضي البناء المنخفض الكلفة عن المعايير الخضراء. أضف إلى ذلك أن ملكية المنازل والخدمات الرسمية (مثل المياه والكهرباء) تؤدي إلى تكاليف إضافية يصعب تغطيتها من ميزانيات الأسر المعيشية المستفيدة من مشاريع الإسكان الاجتماعي، حتى ولو توفرت الإعانات المالية من القطاع العام. هذا وإن ارتفاع كلفة الأراضي في المناطق الحضرية يجعل توفير المساكن الميسورة الكلفة أكثر صعوبة. وهذه كلها قضايا قد تؤدي إلى تفاقم الإقصاء الاجتماعي.
تعيق قوانين البناء التي عفا عليها الزمن البناء الموفِّر للطاقة. ففي حين أن اتخاذ تدابير لتحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني يرفع التكاليف الأولية للبناء، فإنه يؤدي إلى تخفيض فواتير الطاقة، ما يعزز يُسر الكلفة على المدى الطويل. ويُعَّد تحسين تصميم المباني أمراً بالغ الأهمية لتحقيق التوازن بين تكاليف البناء ونفقات الملكية والتشغيل، ما يضمن يُسر الكلفة على مدار دورة حياة المسكن. ويفضَّل استخدام مواد موفّرة للطاقة بطبيعتها منذ البداية على إجراء تعديلات مكلفة لاحقاً.
نفّذ المغرب برامج إسكان اجتماعي لدعم ملكية المنازل من خلال تحديد سعر أقصى لبيع المساكن الاجتماعية، وإتاحة مناطق حضرية جديدة وإنشاء مدن جديدة، واستخدام الأراضي العامة لمشاريع الإسكان، وتشجيع التعاون بين الجهات المعنية المحلية والوطنية، وإنشاء آليات للتمويل وضمان القروض. وقد أدى ذلك إلى انخفاض كبير في العجز في الإسكان وتنويع المعروض من المساكن، بما في ذلك من خلال مشاركة القطاع الخاص في توسيع نطاق المساكن الميسورة الكلفة أ . وفي إطار برنامج "مدن بدون صفيح"، أُعلِنت 59 مدينة من أصل 85 مدينة خالية من الأحياء الفقيرة اعتباراً من كانون الأول/ديسمبر 2022.

أ. Morocco, Rapport national sur la mise en œuvre du nouvel agenda urbain 2016-2020, 2016.
في تونس، أُنشئ "صندوق ضمان القروض السكنية لفائدة الفئات الاجتماعية من ذوي الدخل غير القار" في عام 2018. وهو يمكّن الفئات ذات الدخل غير الثابت المستثناة من القروض المصرفية، بسبب عدم انتظام دخلها الشهري، من تمويل منازلها بضمان من الصندوق. وتشمل تدخلات الصندوق ضمان قروض الإسكان التي تعهدت بها المصارف لتمكين شراء منزل جاهز. كما يهدف الصندوق إلى إدراج أكبر عدد ممكن من المباني في إطار منظّم للحد من البناء الفوضوي وانتشار المستوطنات غير القانونية.
تتحول السياسات الحضرية تدريجياً من برامج الإسكان الاجتماعي القطاعية إلى نُهُج أكثر تكاملاً واستراتيجيات تنمية اقتصادية أوسع نطاقاً9. ويمثّل اعتماد السياسات الحضرية الوطنية تطوراً في إدارة التوسع العمراني، الذي لم يعد يُنظر إليه على أنه ظاهرة مدمرة ذات نتائج خارجية سلبية، بل على أنه فرصة لتعزيز التنمية الاقتصادية، بما فيه من خلال التنويع الاقتصادي وإتاحة فرص العمل. غير أن أربعة فقط من بلدان المنطقة وضعت بشكل واضح سياسة حضرية وطنية؛ ومعظمها بلدان متوسطة الدخل. وتُعد المملكة العربية السعودية الدولة الوحيدة في مجلس التعاون الخليجي التي لديها سياسة حضرية وطنية. وقد أصدرت عشرة بلدان تقريراً وطنياً حول تنفيذ الخطة الحضرية الجديدة10، بما فيها ثلاثة بلدان من مجلس التعاون الخليجي، وستة بلدان متوسطة الدخل، وبلد واحد في حالة صراع (الجدول 11-1). وقد التزمت هذه البلدان بدمج الركائز المختلفة للخطة الحضرية الجديدة في صنع السياسات والتخطيط ووضع الميزانيات والحوكمة. كما وافقت على اعتماد سياسات وبرامج في مجال تغيّر المناخ تراعي الفوارق بين الجنسين.

الجدول 11-1

السياسات الحضرية الوطنية والخطة الحضرية الجديدة في البلدان العربية
البلد السياسة الحضرية الوطنية الخطة الحضرية الجديدة - التقرير الوطني
الأردن 2023 2022
الإمارات العربية المتحدة لا سياسة حضرية وطنية صريحة لم يصدر تقرير وطني
البحرين لا سياسة حضرية وطنية صريحة 2021
تونس قيد الصياغة (وافقت عليها اللجنة الوطنية في عام 2022 ولكن لم تصدّق عليها الحكومة بعد) 2021
الجزائر 2010 2021
جزر القمر لا سياسة حضرية وطنية صريحة لم يصدر تقرير وطني
الجمهورية العربية السورية قيد التشخيص لم يصدر تقرير وطني
جيبوتي لا سياسة حضرية وطنية صريحة لم يصدر تقرير وطني
السودان اكتملت الدراسة التشخيصية في عام 2021 لم يصدر تقرير وطني
الصومال قيد التشخيص لم يصدر تقرير وطني
العراق بدأت مرحلة دراسة الجدوى في عام 2023 قيد الإعداد
عُمان لا سياسة حضرية وطنية صريحة لم يصدر تقرير وطني
دولة فلسطين 2023 2021
قطر لا سياسة حضرية وطنية صريحة لم يصدر تقرير وطني
الكويت لا سياسة حضرية وطنية صريحة 2022
لبنان قيد الصياغة 2022
ليبيا لا سياسة حضرية وطنية صريحة لم يصدر تقرير وطني
مصر 2023 2022
المغرب لا سياسة حضرية وطنية صريحة 2022
المملكة العربية السعودية 2019 2023
موريتانيا لا سياسة حضرية وطنية صريحة لم يصدر تقرير وطني
اليمن في مرحلة دراسة الجدوى لم يصدر تقرير وطني
المصدر: من إعداد المؤلفين. ولمزيد من المعلومات، يمكن الاطلاع على Urban Policy Platform و Urban Agenda Platform.
غالباً ما تُعالَج القضايا البيئية الحضرية ضمن نُهجٍ قطاعية بدلاً من إدراجها في سياسات حضرية متكاملة. ولا تزال القدرة والاستثمار في هذا المجال منخفضَين. فنادراً ما يرد التكيّف مع تغيّر المناخ في السياسات الحضرية الوطنية، بل تراه يُعالج من خلال استراتيجيات قطاعية وطنية من قبل هيئات مركزية متخصصة أو ضمن برامج إنمائية محددة. فقد وضعت مصر مثلاً استراتيجيات وطنية بشأن التكيّف مع تغيّر المناخ، والحد من مخاطر الكوارث، والإدارة البيئية للمناطق المعرضة للخطر، مثل المناطق الساحلية. ومع ذلك، فإن التدابير والإجراءات في هذه المجالات ليست مدمجة في السياسة الحضرية الوطنية. ولا يزال يتعين ربط السياسات الحضرية الوطنية وبرامج التكيّف الوطنية بشكل فعال لتعظيم الأثر.
هذا وتفتقر المنطقة إلى القدرات والخبرات في مجال التكيّف مع تغيّر المناخ والحد من مخاطر الكوارث. فمحدودية البيانات تعيق تطوير استراتيجيات التكيّف على المستوى المحلي – حيث تفتقر المدن الصغيرة إلى التمويل إذ ينصبّ التركيز بشكل أساسي على العواصم. لكن بعض الحالات تُعتبر نموذجية من حيث استراتيجيات مواجهة مخاطر الكوارث على المستوى المحلي (الفصل الخاص بالهدف 13). فقد دعمت الحكومة المغربية مثلاً المدن في تصميم استراتيجيات المرونة الحضرية، مع خطط عمل محلية تتماشى مع إطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث للفترة 2015-2030 11. كما قامت مدينة نابلس في فلسطين بمواءمة استراتيجيتها لإدارة مخاطر الكوارث مع إطار سنداي12. وأما دبي (الإمارات العربية المتحدة) فقد اعتمدت إطاراً مؤسسياً يمكّن الجهات المعنية من تقييم مخاطر الكوارث وتوجيه الموارد للحد منها. كما أدمجت العقبة (الأردن) خطر التخفيف من آثار الفيضانات والزلازل في تخطيط استخدام الأراضي. وبدأت عين دراهم (تونس) شراكات بين القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية لمعالجة مخاطر الفيضانات، في حين وضع لبنان تقييماً وطنياً لمخاطر الفيضانات المفاجئة يتضمن توصيات للتخطيط الحضري13.
خطة عمل عمّان لمواجهة تغيّر المناخ: رؤية لعام 2050

في الأردن، تحدد خطة عمل عمّان لمواجهة تغيّر المناخ استراتيجية الحكومة المحلية لعاصمة خالية من الكربون بحلول عام 2050. وتهدف إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 40 في المائة بحلول عام 2030 في حين تسعى إلى تلبية حاجات مدينة سريعة النمو. وتشمل الخطة قطاعات مختلفة مثل التنقل المستدام، وكفاءة استخدام الطاقة، والطاقة المتجددة، وخفض النفايات، والاتقاء في استهلاك المياه، والتخطيط الحضري، والبنية الأساسية الخضراء. وتتضمن تدابير كإنشاء نظام النقل السريع للحافلات، وإنارة الشوارع بالصمام الثنائي الباعث للضوء (LED)، وحوافز لمبانٍ خضراء ومرافق تحويل النفايات إلى طاقة. كما تُشجَّع الزراعة الحضرية من خلال التقسيم إلى مناطق والحوافز المالية. وتركز المبادرات الشاملة لعدة قطاعات على المشاركة المجتمعية والتعليم والمشاريع الترفيهية، بالتنسيق بين الوكالات العامة والمجتمع المدني والقطاع الخاص. كما وضعت عمّان استراتيجيات وخطط عمل تكميلية، ولا سيما "عمّان مدينة خضراء" و"عمّان مدينة ذكية" و"عمّان مدينة مرنة".
في حين تتمتع المدن بمشاريع هامّة للبنى الأساسية، تظل استراتيجيات التنقل موجهة إلى حد كبير نحو السيارات، مما يحد من الإمكانيات التحويلية للتنقل الحضري. ويبقى التركيز على البنية الأساسية المادية (الطرق ونُظُم النقل الجماعي)، فيُهمَل تصميم الأحياء الذي من شأنه أن يخفف من حركة المرور من خلال توفير محيط ملائم للمشي وركوب الدراجات. وعلى الرغم من أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص أثبتت فعاليتها في ضمان مستويات خدمة أفضل، إلا أن النقل العام في معظم المدن العربية لا يزال يواجه تحديات. وغالباً ما يتم سد الفجوة من قبل المشّغلين غير الرسميين، وهي علامة على الفشل في تقديم نَهج أكثر شمولاً وتكاملاً لمعالجة قضية النقل على مستوى المجتمع المحلي. ولا يكفي التخطيط والاستثمار لتعزيز وسائل النقل العام وتشجيع الناس على التحوّل من المركبات الخاصة إلى وسائل النقل العام. فقد غابت إلى حد كبير نُظُم النقل الحضري المتكاملة الآيلة إلى تحسين التنقل في "الميل الأخير"، حيث يسمح الميل الأخير من وإلى مرافق النقل العام للركاب بالانتقال بين وسائل النقل. وهذا ما يقوّض التحوّل من المركبات الخاصة إلى وسائل نقل أكثر استدامة. وفي السياق نفسه، لا تملك العديد من المدن العربية بنية أساسية آمنة ويمكن الوصول إليها للمشي وركوب الدراجات، ما يعيق التنقل الصديق للبيئة. ويؤدي الافتقار إلى "تمكين المشي" إلى الازدحام المروري وضعف السلامة.
بدأت مدن ذكية مستدامة تبرز في المنطقة، حيث إن 14 بلداً من أصل 22 لديه مبادرات متعلّقة بهذه المسألة (يمكن الاطلاع على التفاصيل في القسمين الخاصَين ببلدان مجلس التعاون الخليجي والبلدان المتوسطة الدخل). فالحلول الرقمية الذكية تعزز السلامة الحضرية، وترفع مستوى السلامة المرورية، وتطلق إمكانيات الحصول على البيانات في الوقت الفعلي لجهة توقّع الجريمة والإرهاب ومنعهما، وتحد من انبعاثات غازات الدفيئة وتعالج مسألة العنف ضد النساء والفتيات في الأماكن العامة. وفي المشهد الحضري السريع التطور في المنطقة العربية، يُعَدّ دمج التكنولوجيات الناشئة واعتماد نَهج المدن الذكية المتمحورة حول الإنسان أمراً بالغ الأهمية لتحقيق الاستدامة. فمن خلال الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، يمكن للمدن الذكية المتمحورة حول الإنسان أن تعزز كفاءة الخدمات والبنية الأساسية الحضرية وتبني المرونة الحضرية. ويمكن للمنصات الرقمية أن تسهّل مشاركة المواطنين وتيسّر الحوكمة التشاركية، ما يسمح باتخاذ قرارات أكثر شفافية وشمولاً. وينبغي النظر إلى المدن الذكية المتمحورة حول الإنسان في المنطقة العربية بالتركيز على مواءمة الابتكارات التكنولوجية مع الحاجات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية للسكان، مما يضمن أن تعزز التكنولوجيا نوعية الحياة لجميع السكان.
الحد من آثار التنقل الحضري على البيئة: من شأن السياسات التي تعزز نماذج التنقل الحضري الصديقة للبيئة، باستخدام التقنيات الخضراء والخدمات الرقمية الذكية، أن تساهم إيجاباً في الحد من تأثير التنقل الحضري على البيئة، مما يؤدي إلى مدن أكثر شمولاً وذكاء واستدامة. غير أن تطوير هذه النماذج يتطلب تمويلاً بهدف الاستثمار مثلاً في أساطيل المركبات الكهربائية للقطاع العام والبنية الأساسية للشحن. وقد تبرز الحاجة أيضاً إلى حوافز وتسهيلات لتحفيز الإقبال على السيارات الكهربائية، مثل الإعفاءات الضريبية، والإعفاء من رسوم أخرى، وخفض تعريفات الكهرباء لشحن السيارات الكهربائية.
ما زالت اللامركزية عملية غير مكتملة في معظم بلدان المنطقة. وقد انتُهجت اللامركزية لتعزيز الحكم المحلي وتقديم الخدمات والمشاركة في صنع القرار، لا سيما بعد انتفاضات عام 2011. ومع ذلك، فإن تجارب اللامركزية ونتائجها تتباين تبايناً كبيراً. وعموماً، بما أن الحكومات والسلطات المحلية تعتمد على التحويلات من الحكومة المركزية، لا تزال قدراتها ضعيفة في تعبئة الموارد المحلية. وتحتفظ الجهات الفاعلة في الحكومة المركزية والوكالات العامة الوطنية بالأدوار الرئيسية في الإدارة الحضرية، تاركةً للسلطات المحلية مجالاً محدوداً للتحرّك.

وقد برزت بعض المحاولات لإشراك القطاع الخاص والمجتمع المدني والجمهور في صياغة السياسات والمشاريع الحضرية وتنفيذها. في جزر القمر، انطوى وضع السياسة الوطنية للمدن والإسكان على نَهج تشاركي على الصعيد المحلي. ويُعتبر المثال الأكثر تقدماً للمقاربة الشاملة مثال "سياسة المدينة" التي وضعها المغرب. وقد رافقت مرحلة صياغة هذه السياسة مناقشات وطنية، ويعتمد التنفيذ على العقود المبرمة بين المؤسسات الوطنية والسلطات المحلية والجهات المعنية الأخرى.
أدّى غياب أو محدودية مشاركة الحكومات والسلطات المحلية في الإدارة الوطنية للبنية الأساسية إلى إضعاف قدرة المدن العربية على الابتكار والمساهمة في إحداث تغييرٍ ذي مغزى.

المصدر: UN Habitat, 2023c.




2. البلدان العربية المتوسطة الدخل

تواجه البلدان العربية المتوسطة الدخل توسعاً عمرانياً بدون تخطيط، في ظل الهجرة من المناطق الريفية، وعدم كفاية التخطيط الحضري، والفوارق الاجتماعية والاقتصادية، وانتشار المستوطنات غير القانونية. وفي بلدان المشرق23، تتفاقم هذه المشاكل بسبب تدفق اللاجئين من البلدان المتأثرة بالصراعات. وقد نفّذت البلدان المتوسطة الدخل برامج وطنية شتّى لتحسين المستوطنات العشوائية وتعزيز فرص الحصول على الخدمات الأساسية. فاستثمرت في نُظُم النقل الجماعي وإنشاء مدن جديدة. لكن التقدم نحو اللامركزية في صنع القرار لم يكتمل بعد.

في المغرب العربي24، تسعى السياسات الحضرية إلى إعادة توجيه النمو الحضري والفرص الاقتصادية من التجمعات الساحلية إلى المدن الثانوية والبلدات الجديدة. ويأتي ذلك بعد جيل من برامج الإسكان الاجتماعي المدعومة بالتزام سياسي قوي ومبادرات تقوم بها الوكالات الوطنية المتعاونة مع السلطات المحلية والقطاع الخاص. وتُعتبر سياسات الإسكان في بلدان شمال أفريقيا من أفضل الممارسات في التصدي لمشاكل الإسكان في المنطقة العربية بأسرها. وبالإضافة إلى وحدات الإسكان الاجتماعي التي بنتها الحكومة، تعمل تونس والمغرب على تعزيز مشاركة القطاع الخاص، وتطوير نماذج مختلطة وآليات معززة لتمويل الإسكان، وإتاحة المزيد من فرص الإسكان لذوي الدخل المنخفض. وقد حظيت الإنجازات المحققة في إعادة تأهيل المدن التاريخية (المدن العتيقة) باعتراف دولي.

في المشرق العربي، فرضت موجات اللجوء والهجرة من الريف ضغوطاً هائلة على قطاع السكن في المدن. وركّزت السياسة الحضرية على التكثيف، وتحسين المستوطنات العشوائية، وإعادة توجيه النمو الحضري على طول ممرات النقل. وتتنوّع نُهُج البلدان إزاء الإسكان الاجتماعي، فتتيح الدولة مساكن جيدة في الأردن25 ومصر26. ويعتمد لبنان ضوابط للإيجار. وفي استمرار السكن العشوائي مؤشر إلى قصور سياسات الإسكان.

في البلدان المتوسطة الدخل، تنويع الاقتصاد بسبل كالاستثمار في المدن الجديدة والمدن الذكية المستدامة، هو ابتكار في السياسات الحضرية الوطنية. ومن عناصر هذا الابتكار بناء مدن جديدة ذات تركيز اقتصادي "متخصص" وسياسات لتوجيه النمو الحضري بعيداً عن الأراضي الزراعية القليلة وعن المدن القديمة. ولم تخفف محاولات إعادة توجيه التوسع العمراني بعد من الضغوط عن المدن الكبرى (كما في الأردن) ولا حالت دون التعدي الحضري على الأراضي الزراعية (كما في مصر)32.


تبرز في عواصم البلدان المتوسطة الدخل والمدن الكبرى الاستثمارات العامة في نُظُم النقل المتعدد الوسائط، بما فيها النقل الجماعي. إلا أنّ بعض مشاريع النقل الجماعي تركّز على التجمّعات وأوساط المدن الحديثة والتطلّعية، ما قد يؤدي إلى إهمال الحاجات الأساسية للسكان. فشبكات النقل غير النظامية، مثل سيارات الأجرة المشتركة، لا تزال منتشرة في مدن المشرق والمغرب العربي، ولا سيما لربط الأحياء الفقيرة والمستوطنات العشوائية بأجزاء أخرى من المناطق الحضرية. ويُعزى انتشارها إلى غياب وسائل نقل تلبّي الطلب في الأحياء المحرومة34.

إعادة تأهيل الأدراج بعد انفجار مرفأ بيروت 2020


بالتنسيق الوثيق مع بلدية بيروت (لبنان)، دخل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في شراكة مع جمعية Catalytic Action لإعادة تأهيل وإحياء الأدراج العامة الحضرية في أحياء مار مخايل والجميزة في وسط المدينة. وهذه السلالم، تدعم حركة تنقّل المشاة، كما تشكل معالم تاريخية تُستخدم كمساحات حيوية للتفاعل الاجتماعي. ويهدف المشروع إلى الحفاظ على هذا التراث وتعزيز الأنشطة الاجتماعية من خلال إصلاح الأضرار والتزيين بالأثاث وتحسين إمكانية الوصول. وقد تجلى نجاح المشروع من خلال ازدياد الأنشطة الاجتماعية والتجارية اليومية على هذه الأدراج.

المصدر: Beirut’s Public Stairs.

أدت إصلاحات اللامركزية في البلدان المتوسطة الدخل إلى نقل جزء من صلاحيات الإدارة الحضرية إلى المستوى المحلي، ولكن اللامركزية لا تزال غير مكتملة. فمن دون نضج اللامركزية المالية، لا تستطيع الحكومات والسلطات المحلية جمع مواردها الخاصة، مما يجعلها تعتمد على التحويلات المركزية.

انضمت بلدية أغادير (المغرب) في عام 2023 إلى أكثر من 150 مدينة حول العالم قدّمت استعراضات محلية طوعية، وعززت النموذج المتوافق مع أهداف التنمية المستدامة لإنشاء المدن الذكية والمستدامة والشاملة، فكانت الأولى في وضع استعراض محلي طوعي في شمال أفريقيا. وقد ساعد ذلك السلطة المحلية على رصد التقدم في تحقيق الأهداف، وتحسين اتساق السياسات، وتعزيز حوار السياسات بين المؤسسات الوطنية والمحلية. وأظهرت البلدية تصميمها على استخدام أدوات الإدارة الحضرية الحديثة والمتوافقة مع أهداف التنمية المستدامة مثل الميزانية المراعية للمساواة بين الجنسين والمتمحورة حول المواطن. وقد استرشدت بهذا الاستعراض خطةُ عمل البلدية 2022-2027.

المصدر: : بلدية أغادير، المغرب، ، الاستعراض المحلي الطوعي لعام 2023.



3. أقل البلدان العربية نمواً والبلدان المتأثرة بالصراعات

تواجه أقل البلدان العربية نمواً والبلدان المتأثرة بالصراعات تحدياتٍ هائلة في توفير المساكن الاجتماعية والخدمات الأساسية وإعادة تأهيل التراث والحفاظ عليه، وذلك بسبب ظروفٍ مثل التوسع العمراني السريع والفقر والنزوح وعدم الاستقرار السياسي. فهي تفتقر إلى الكفاءة في التخطيط الحضري والبنية الأساسية، ولا تملك الموارد اللازمة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من سكان المدن، مما يؤدي إلى تردّي الأحوال المعيشية ونشوء الأحياء الفقيرة. وتكافح هذه البلدان من أجل الجمع بين متطلّبات التوسع العمراني وأولويات التنمية الاقتصادية، وتنقصها القدرات التقنية اللازمة للتنمية الحضرية المستدامة، وقد أحرزت تقدماً متفاوتاً نحو اللامركزية.

تنشأ خطط في مدن لتوفير المساكن اللائقة والخدمات الأساسية. فقد أبدت بعض المدن مستوى من المنعة، إذ أطلقت مبادرات استشرافية لإعادة الإعمار. غير أن عدم الاستقرار السياسي غالباً ما يحوّل الموارد عن مبادرات الإسكان الاجتماعي والتخطيط الطويل الأجل. وتحد القيود المالية، مثل ارتفاع مستويات الدين العام، من قدرات الحكومة على الاستثمار في الإسكان. وحصيلة الدمار فادحة في البلدان التي تشهد صراعات مديدة، مثل الجمهورية العربية السورية. فقد عاد معظم السكان الأصليين النازحين من المدن السورية وباتوا يعيشون في منازل مدمرة من دون أي بدائل. وتُفاقم مجتمعات اللاجئين في مدن الأردن ولبنان ضغوطاً على البلديات والحكومات المحلية. ففي لبنان، الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين للفرد الواحد في العالم ويعاني من أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية كبرى، تتأجج التوترات بين المجتمعات المضيفة والنازحين حول الموارد الاقتصادية والطبيعية.

إعادة تأهيل حديقة اليرموك في الموصل، العراق

حديقة اليرموك هي من أكبر المواقع العامة على الضفة الغربية في الموصل، المدينة المعروفة بضيق مساحاتها الخضراء. واشتهرت الحديقة، قبل حقبة الإهمال والحرب، بأشجار النخيل والصنوبر والأراضي المفتوحة الواسعة. وتُعتبر إعادة تأهيلها كمكان عام متعدد الأغراض، مكوّناً هاماً في مشروع متكامل لتأهيل الأماكن، يهدف إلى استعادة الخدمات العامة الأساسية التي تعطّلت جراء الحرب والصراع.
تتأثر السياسات الحضرية بالتوترات والصراعات التي تولّد حالات طوارئ إنسانية ومشاكل أمنية. وبسبب حالات الطوارئ هذه، لم توجَّه التنمية الاقتصادية بعد بما فيه الكفاية نحو التصدي لتحديات التوسع العمراني. فعلى سبيل المثال، حالت الحرب والأزمة الإنسانية في اليمن دون وضع سياسات حضرية. وعطلت الاضطرابات في ليبيا تنفيذ السياسات الحضرية. وأوقفت الأزمة في الجمهورية العربية السورية إحراز تقدم مميّز في وضع نهج متكامل للتخطيط الحضري. وقد أصبح إطار الانتعاش الحضري أداةً رئيسية في تعزيز الاستجابات للأزمات الحضرية؛ وتوضيح الترتيبات والسياسات والخطط المؤسسية؛ وتوجيه آليات التنسيق وأدوات التمويل اللازمة في تدخلات الإنعاش الحضري40. ومع ذلك، فإن الربط بين المرونة الحضرية والتدخلات الإنسانية والإدماج الاجتماعي لم ينطلق عامة بعد كنهج سياسي في حالات الصراع، سواء بين الحكومات الوطنية والمحلية أو بين الجهات المانحة.

لا تزال الجهود المبذولة لوضع استراتيجيات لإدارة مخاطر الكوارث محدودة. ويتطلب التكيّف مع تغيّر المناخ والتأهب للكوارث وإعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع استثمارات كبيرة في البنية الأساسية ويستلزم إعادة تصور استشرافي للتخطيط الحضري. لكن التقدم الذي تحقق ليس بكافٍ حتى الآن. وتشمل بعض التطورات الإيجابية ما حدث في قايد (موريتانيا)، , حيث نُفّذت أداة تخطيط عمل مرونة المدن لتقييم وتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الكوارث الطبيعية وتغيّر المناخ. وفي جزر القمر،أُعدت أُطُر عمل مرونة المدن لأربع مدن.

يمكن أن تكون اللامركزية نمطاً إدارياً أكثر تطوّراً في البلدان التي تشهد صراعات أو تلك التي تكون في مرحلة ما بعد الصراع والتي تخضع لنظام فيدرالي، كما هي الحال في العراق والسودان. فقد فوّض الهيكل الاتحادي في السودان مسؤولية السياسة الحضرية إلى حكومات الولايات. ولكن انسحاب الحكومة الوطنية من السياسة الحضرية يمكن أن يقوّض الرؤية الشاملة للتنمية الحضرية ويحد من التنسيق بين الأقاليم والمستويات الإدارية41. وتتواجد السياسة الأكثر لامركزية في المنطقة العربية في الأراضي المصنّفة (أ) في الضفة الغربية لدولة فلسطين،حيث يمكن للمجالس المحلية المنتخبة أن تجمع إيراداتها الخاصة وتكون مسؤولة عن التخطيط الحضري وتأمين الخدمات الأساسية42. وتولي خطة التنمية الوطنية (2021-2023) الأولوية للامركزية في تقديم الخدمات العامة، لكن الالتزام باللامركزية لم يتحقق بالكامل جراء عوامل، منها التعقيدات الجيوسياسية وضعف الإرادة السياسية والأزمة الاقتصادية43.

دال. سياسات لعدم إهمال أحد

الجدول 11-2

أمثلة على السياسات التي تراعي مبدأ عدم إهمال أحد
تعاني النساء والفتيات أكثر من غيرهن من قيود على الحركة بسبب عدم الاستقرار أو الصراع أو الافتقار إلى وسائل النقل والأماكن العامة الآمنة، ما يؤثر على حصولهنّ على فرص العمل ومشاركتهنّ في الحياة العامة. كما إن الأعراف الثقافية والاجتماعية، والقوانين العُرفية السائدة، والعقبات التي تحول دون الوصول إلى المعلومات تمنع المرأة من ممارسة حقوق الملكية وامتلاك الأراضي.
وعلى الرغم من عدم وجود تخطيط يراعي إزالة الفوارق بين الجنسين على الصعيد المحلي، من الواضح إحراز بعض التقدم لجهة تعميم مبدأ المساواة بين الجنسين في السياسات الحضرية.
عمدت مصر إلى تحديث شروط الوصول إلى وحدات الإسكان الاجتماعي لتشمل الأسر التي تعيلها نساء أ .

أطلق الأردن الإطار الوطني للنقل العام من منظور النوع الاجتماعي وكذلك خطة عمل التنقل العادل من منظور النوع الاجتماعي.

تقرّ التشريعات في فلسطين بحق المرأة المطلق في التملك وعدم التمييز في تسجيل الأراضي أو الممتلكات أو بناء المساكن، على الرغم من أن الثقافة الأبوية السائدة تمنع اعتماد تشريعات بشأن ميراث المرأة ب .
لا تتّسع سوق الإسكان للفقراء والأقل ثراء، بمن فيهم العمال غير النظاميين والعمال المهاجرون الذين يقيم معظمهم في المناطق الحضرية، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات. وهذا يجبرهم على العيش في مستوطنات عشوائية وفي مراكز للعمال المهاجرين سيئة التصميم وغير مزوّدة بالخدمات الأساسية الكافية في بلدان مجلس التعاون الخليجي. تخطط مصر لإزالة الأحياء الفقيرة بحلول عام 2030 من خلال صندوق التنمية الحضرية ونهج تشاركي للتحسين الحضري على نطاق المدينة. وتستمر الجهود لدعم أسواق الإيجارات وتخفيف القيود التي تعوق يُسر الكلفة.
يواجه المهاجرون الريفيون واللاجئون والنازحون داخلياً والأشخاص الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة أو المساكن غير اللائقة التمييز ويتعرضون أكثر من سواهم لتداعيات تغيّر المناخ. ويفتقر الأشخاص الأكثر فقراً إلى إمكانية الوصول إلى الأماكن العامة الخضراء، والتي تتركز عادة في الأحياء الأكثر ثراء. أطلقت عمّان وإربد (الأردن) مشروع "التخطيط الحضري والبنية التحتية" في سياقات الهجرة لتحسين الوصول إلى الخدمات الموثوقة والفرص الاجتماعية والاقتصادية للمهاجرين والنازحين، بالتنسيق مع التدخلات الإنسانية. وسمح هذا النَهج بإجراء تحليل معمّق للتحديات والفرص لدعم البلديات والجهات المعنية الرئيسية في تضمين تحديات الهجرة في التحليلات الحضرية المكانية وتخطيط الاستثمار في البنية الأساسية الحضرية ج . ومن خلال خطة عمل المدينة الخضراء وخطة العمل المتعلقة بالمناخ، تعتزم عمّان إنشاء متنزهات وحدائق جديدة، بما في ذلك في المناطق المحرومة من الخدمات، وتحديث المنتزهات القائمة.
يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة أكثر من غيرهم مخاطر العزلة الاجتماعية والاقتصادية والاقتصادية بسبب عدم تلبية احتياجاتهم. ومن شأن إنشاء مساحات شاملة للأشخاص ذوي الإعاقة أن يفيد الفئات الأخرى المعرضة للمخاطر، فضلاً عن كبار السن والأطفال. إنّ القسم الثاني من خط مترو الجزائر وجميع خطوط الترام في الجزائر متاحة للأشخاص ذوي الإعاقة وتتوافق مع المعايير الدولية لتسهيل الوصول. بالإضافة إلى ذلك، توفر الأنظمة للأشخاص ذوي الإعاقة نقلاً مجانياً أو بأسعار مخفّضة.

يركز الأردن بشكل كبير على تعزيز الإدماج والتنوع، ضامناً بذلك حقوق ومشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم وجميع جوانب المجتمع. وينعكس هذا الالتزام في قانون الإعاقة، الذي يحظر التمييز على أساس الإعاقة ويشمل توفير الترتيبات التيسيرية المعقولة للأشخاص ذوي الإعاقة. ومع ذلك، لا يزال الأشخاص ذوو الإعاقات الجسدية وكبار السن يواجهون صعوبات في الوصول إلى وسائل النقل العام، ما يؤثر على وصولهم إلى المدرسة وحصولهم على الرعاية الصحية والعمل.

هاء. مشهد التمويل

يعوق تقلّص الحيز المالي، كما هي حال أهداف التنمية المستدامة الأخرى، التقدم نحو تحقيق الهدف 11. ومن الصعوبات الهيكلية تجزؤ تمويل السياسات الحضرية عبر مختلف مستويات الحكومة. فقد كانت السياسات الحضرية الوطنية في المقام الأول ضمن مسؤولية الوزارات المختصّة لأنّ الحكومات المركزية قوية عادةً. والنتيجة مستوى متدنٍ من التماسك والتعاون لزيادة الموارد وتحقيق الكفاءة في استخدامها. وفي معظم البلدان العربية، تعتمد ميزانيات الحكومات والسلطات المحلية على التحويلات من الحكومات الوطنية، وغالباً ما تشرف الحكومة المركزية على إدارة المشاريع الحضرية وتمويلها، من غير أن تحيط بجميع أبعاد الاحتياجات والتحديات والحلول المحلية.
لا تستجيب نُظُم التخطيط الحضري في المنطقة، التي غالباً ما توضَع على المستوى الحكومي الأعلى، للاحتياجات المتزايدة للمدن والبلدات الآخذة في التوسّع.

ولمعالجة عواقب التوسع العمراني السريع، لا بد من إصلاح أدوات وإجراءات التخطيط الحضري بحيث تواكب الإصلاحات الجارية في مجال اللامركزية.

وينبغي أن تتركّز النُهج المتمحورة حول الإنسان على التنمية الحضرية وتوفير الهياكل الأساسية، كما ينبغي منح الحكومات والسلطات المحلية مزيداً من الاستقلال الذاتي لأنها غالباً ما تكون أفضل مستجيب لاحتياجات السكان.
وبالمقارنة مع المناطق الأخرى في العالم، تتدنّى في المدن العربية معدّلات تحصيل الإيرادات المحلية بسبب اعتماد الآليات المركزية لوضع الميزانيات، وانتشار الفساد، وعدم كفاءة إدارة المعاملات وسجلات الأراضي، وتراخي المساءلة. وقدرة السلطات المحلية محدودة على تحصيل الضرائب العقارية، والمصدر الرئيسي للإيرادات المحلية. ويعزى ذلك إلى عدم كفاية البيانات والموارد البشرية وإلى ديناميات التوسع العمراني، بما فيه المعاملات العقارية غير المسجلة في المستوطنات العشوائية الناشئة على أطراف المناطق الحضرية. ولا يزال توليد الإيرادات المحلية منخفضاً أساساً بسبب عدم كفاءة العمليات المالية، وعدم وجود تقاسم واضح للسلطات، وعدم كفاية سلطات الإنفاذ داخل الولاية القضائية للبلديات، وقِدَم الأُطُر القانونية، وضعف قدرة الحكومات المحلية على الإدارة المالية عموماً44. وفي بعض الحالات، حيث تتولى تشغيل المرافق العامة وغيرها من الخدمات منظمات شبه حكومية (مثل الشركات المملوكة للدولة أو الشركات الخاصة التي تقدم الخدمات الأساسية من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص)، لا يمكن للمدن الوصول إلى هذه الإيرادات. ونتيجة لذلك، قد تكون المدن غير قادرة على تلبية الطلبات المتعلقة بتكاليف التشغيل، مثل رواتب الموظفين وإيجارات المباني والمعدات، فتعتمد بدلاً من ذلك على العمليات المدعومة باستخدام التحويلات المخصصة للاستثمارات الرأسمالية.

وتوفر الاستراتيجيات والآليات المالية المتنوعة، بما فيها الشراكات بين القطاعين العام والخاص، والسندات الخضراء، والإصلاحات الضريبية، والتمويل الإسلامي، والمساعدات الدولية، فرصاً لتمويل مشاريع البنية الأساسية وتقريب المدن من تحقيق أهداف التنمية المستدامة45. ولتحسين مرونة البيئة المالية المحلية، يمكن أن تنطوي الاستراتيجية الأولية على تعزيز اللامركزية في الميزانيات والإيرادات، وتمكين المدن من إنشاء مصادر إيراداتها الخاصة. وقد تشمل الأمثلة عن تدفقات الدخل الإيرادات من التراخيص والضرائب والغرامات المرورية ومواقف السيارات، وكلها تساهم في التمويل المحلي المكتفي ذاتياً والمرن. وتنطوي المرحلة التالية على إنشاء أُطُر ذات صلة لتمكين المدن من الاستفادة من مصادر التمويل المتنوعة. ويمكن أن تشمل الأمثلة على ذلك الشراكات بين القطاعين العام والخاص، والتمويل القائم على الأراضي والأصول، والسندات البلدية، ويمكنها كلها أن تعبئ رأس المال الخاص وتساعد على سد فجوات التمويل. وأخيراً، ينبغي بذل الجهود لإنشاء قنوات إضافية لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لأنها تمثل مصدراً هاماً لإتاحة فرص العمل والتنويع الاقتصادي. ويساهم دعمها المالي بشكل مباشر في مرونة البيئة المالية المحلية واستقرارها.

ولا تزال المشاركة المحتملة للقطاع الخاص في تمويل الهدف 11 على المستوى المحلي في البلدان العربية، في الغالب غير معروفة وغير مستكشفة. ولا تزال المشاريع المنفّذة ضمن شراكاتٍ بين القطاعين العام والخاص عملاقةً وواسعة النطاق وتنطوي على تمويل سيادي يُقدّر بمليارات الدولارات. وقد طورت بعض بلدان مجلس التعاون الخليجي شراكات نموذجية بين القطاعين العام والخاص. وثمّة أمثلة على ذلك أيضاً في تونس ومصر والمغرب، يمكن نقلها إلى بلدان أخرى. غير أن هذه الشراكات يُمكن أن تتعزّز من خلال السياسات والبرامج الحكومية الوطنية، ونقل ملكية الأراضي العامة لأغراض التنمية الخاصة (مثل مشاريع الإسكان الاجتماعي) وتفويض الخدمات العامة. وقد جرى دعم بعض الشراكات بين القطاعين العام والخاص بموارد عامة لجعلها مربحة بما فيه الكفاية للقطاع الخاص.

ويمثل التمويل الإسلامي وسيلة محتملة أخرى لتمويل الهدف 11. ويمكن استخدام الصكوك الخضراء وذات الأثر الاجتماعي لتوسيع الاستثمار المسؤول اجتماعياً والمراعي للبيئة في مشاريع التنمية الحضرية.

واو. الأبعاد الإقليمية

يمكن للبلدان العربية اغتنام العديد من الفرص للتعاون الإقليمي بشأن الهدف 11.
تسريع جمع البيانات المحلية لقياس التقدم في تحقيق الهدف 11 من خلال إنشاء مراصد حضرية ونُظُم رصد للبيئة والتنمية. وتهدف هذه النُّظُم إلى تحفيز التكامل الرأسي والتحولات النابعة من المستوى المحلي، ودعم أُطُر الحوكمة المحلية المتكاملة والشاملة، وتعزيز عمليات صنع السياسات القائمة على الأدلة. ويوفر الإطار العالمي للرصد الحضري الذي أقرّته اللجنة الإحصائية للأمم المتحدة في آذار/مارس 2020 فرصاً لتوحيد نُظُم الرصد المحلية، التي يمكن أن تستفيد أيضاً من أوجه التآزر في تفعيل آليات التعاون. ففي الأردن، يُعَد مرصد عمّان الحضري مثالاً على منصة لإدارة المعرفة تعزز القدرات المحلية لجمع البيانات وتحليلها. وقد أدّى هذا المرصد في الاستعراض المحلي الطوعي لعمّان دوراً حاسماً في قيادة عملية جمع البيانات وتحليلها، وتسهيلها.

تعزيز قدرات السلطات المحلية وتسهيل تبادل المعرفة والممارسات الجيدة من خلال الشبكات الإقليمية للمدن والحكومات المحلية للنهوض بالتنمية الحضرية المستدامة. فلمشاركة المدن العربية في الشبكات الإقليمية القدرة على تعزيز التعاون بين المدن وإحداث آثار إيجابية من حيث المهارات الحضرية والإدارة. وتعمل الشبكات الإقليمية والدولية للمدن والسلطات المحلية كمنصات لتبادل المعلومات وأفضل الممارسات وحل المشاكل المتعلقة بالتنمية الحضرية المستدامة وبالتخطيط الحضري الاستراتيجي. ويمكن للمدن، من خلال المشاركة، الاستفادة من معارف وخبرات مدن أخرى وتعزيز قدرتها على التصدي للصعوبات المحلية. ومن الأمثلة على هذه الشبكات التحالف الدولي للمدن المستدامة الشاملة للجميع46، ومنظمة المدن المتحدة والإدارات المحلية فرع الشرق الأوسط وغرب آسيا47، والحكومات المحلية من أجل الاستدامة48، والعهد العالمي لرؤساء البلديات من أجل المناخ والطاقة49، ومنظمة المدن العربية50، وشبكة المدن المتوسطية، وشبكة المدن الضابطة51، وشبكة المدن القوية52، وفريق قيادة المدن الأربعين المعني بالمناخ53.

دعم مبادرات "المدن الصحية" الواعدة التي تنتشر في المنطقة، مع التركيز على الروابط بين مختلف أهداف التنمية المستدامة والشراكات التي تساهم في تحقيق الهدف 11. فهذه المبادرات تشجّع على تحسين التخطيط الحضري للحد من الإصابات الناجمة عن حوادث المرور، وتحسين نوعية الهواء، وتعزيز النشاط الجسدي، وإنقاذ الأرواح من الكوارث. وحالياً، تضم شبكة المدن الصحية لشرق المتوسط 109 مدينة من 15 بلداً عربياً54.وتعتمد المبادرة العالمية لجودة الحياة في المدن التي أطلقت مؤخراً، على برنامج جودة الحياة في المملكة العربية السعودية55. وتهدف هذه المبادرة إلى إنتاج مؤشر لقياس القيم والاحتياجات والأهداف المشتركة بناء على بيانات حضرية عالية الجودة ومصنفة لسد الفجوات الكبيرة في المعلومات التي حدّت من تنفيذ أهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلي.

الحواشي

1. UNDP, 2022a.

2. UN-Habitat, 2018.

3. يُقصَد بالسياسة الحضرية الوطنية "مجموعة متماسكة من القرارات تؤخذ من خلال عملية مدروسة تقودها الحكومة لتنسيق وحشد مختلف الجهات الفاعلة نحو رؤية وهدف مشتركَين من شأنهما تعزيز التنمية الحضرية التحويلية والإنتاجية والشاملة والمرنة على المدى الطويل" (UN-Habitat and Cities Alliance, 2014).

4. بيانات برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية لعام 2020، مستمدة من UN-Habitat, 2023c.

5. المرجع نفسه.

6. World Bank, 2022.

7. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، "المدينة الصحية هي المدينة التي تولِّد وتحسّن باستمرار بيئاتها المادية والاجتماعية وتوسّع موارد المجتمع التي تمكّن الناس من دعم بعضهم البعض في أداء جميع وظائف الحياة والتطور إلى أقصى إمكاناتهم". وللمزيد، يمكن الاطلاع على What Is a Healthy City.

8. UN-Habitat, 2017.

9. المرجع نفسه.

10. تم اعتماد الخطة الحضرية الجديدة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالإسكان والتنمية الحضرية المستدامة (الموئل الثالث) في كيتو، الإكوادور، في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2016. وقد أقرّتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 كانون الأول/ديسمبر 2016 وهي تمثّل رؤية مشتركة لتوسع عمراني أفضل وأكثر استدامة في المستقبل.

11. World Bank, 2020.

12. تنفيذ الخطة الحضرية الجديدة: التقرير الوطني لدولة فلسطين.

13. UN-Habitat, 2023c.

14. الاستعراض الوطني الطوعي للبحرين لعام 2023.

15. Prabhu, 2021.

16. Saudi Arabia, Report on the Implementation of the New Urban Agenda.

17. تُعَد بلدان مجلس التعاون الخليجي الأكثر تحضراً في المنطقة، حيث يقيم أكثر من 80 في المائة من سكانها، في المتوسط، في المناطق الحضرية. تُعتبر الكويت الدولة التي لديها أعلى حصة من سكان الحضر، بنسبة 100 في المائة (UN-Habitat, 2023c).

18. للمزيد، يمكن الاطلاع على خطة دبي الحضرية 2040.

19. للمزيد، يمكن الاطلاع على موقع المسار الرياضي.

20. Saudi Arabia, Report on the Implementation of the New Urban Agenda.

21. UN-Habitat, 2023c.

22. Saudi Arabia, Report on the Implementation of the New Urban Agenda.

23. الأردن ولبنان ومصر؛ وتندرج الجمهورية العربية السورية والعراق ودولة فلسطين ضمن مجموعة البلدان المعرضة لعدم الاستقرار أو المتأثرة بالصراعات.

24. تونس والجزائر والمغرب؛ وتندرج ليبيا وموريتانيا ضمن مجموعة البلدان المعرضة للهشاشة أو المتأثرة بالصراعات وأقل البلدان نمواً، على التوالي.

25. في الأردن، على الرغم من الجهود المبذولة لتنفيذ السياسات التي تشجع على بناء منازل بأسعار معقولة للفقراء، لا يزال من الأسهل العثور على منازل راقية باهظة الثمن منه على البدائل ذات الأسعار المعقولة (UN-Habitat, 2023c).

26. بالإضافة إلى ذلك، واستناداً إلى استراتيجية الإسكان في مصر لعام 2020 المنشورة، اعتُمد التحوّل من التنمية الخاصة بالمنطقة إلى نهج تشاركي للإصلاح الحضري على مستوى المدينة في مصر (UN-Habitat, 2023c).

27. United Nations Inter-Agency Coordination in Lebanon and others, 2020.

28. UNHCR, UNICEF and WFP, 2017.

29. La Migration Forcée au Maroc – Résultats de l’Enquête Nationale.

30. الاستعراض الطوعي المحلي لمدينة عمّان، الأردن.

31. Lebanon, 2021, National Report on the Progress of the Implementation of the New Urban Agenda.

32. UN-Habitat, 2017.

33. UNEP, 2023.

34. UN-Habitat, 2017.

35. مصر، التقرير الوطني لمتابعة تنفيذ الأجندة الحضرية الجديدة (2021).

36. الاستعراض الوطني الطوعي لموريتانيا لعام 2019.

37. دولة فلسطين، 2020، الخطة التنموية المكانية الاستراتيجية لمحافظة القدس.

38. UN-Habitat, 2017.

39. UN-Habitat, 2022c.

40. UN-Habitat, Urban Recovery Framework publication series.

41. UN-Habitat, 2017.

42. المرجع نفسه.

43. تنفيذ الخطة الحضرية الجديدة: التقرير الوطني لدولة فلسطين.

44. بيانات برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية لعام 2020، مستمدة من UN-Habitat, 2023c.

45. المرجع نفسه.

46. للمزيد، يمكن الاطلاع على International Coalition of Inclusive and Sustainable Cities.

47. للمزيد، يمكن الاطلاع على منظمة المدن المتحدة والإدارات المحلية – فرع الشرق الأوسط وغرب آسيا.

48. للمزيد، يمكن الاطلاع على Local Governments for Sustainability.

49. للمزيد، يمكن الاطلاع على Global Covenant of Mayors for Climate and Energy.

50. للمزيد، يمكن الاطلاع على MedCities.

51. للمزيد، يمكن الاطلاع على Connective Cities.

52. للمزيد، يمكن الاطلاع على Strong Cities Network.

53. للمزيد، يمكن الاطلاع على C40 Cities.

54. Elfeky and others, 2019.

55. للمزيد، يمكن الاطلاع على برنامج جودة الحياة.

المراجع

Economic and Social Commission for Western Asia (ESCWA) (2021). Smart Sustainable Cities and Smart Digital Solutions for Urban Resilience in the Arab Region. Lessons from the Pandemic.

__________ (2022). Policy advocacy for building urban economic resilience during and after COVID-19 in the Arab region.

Economic and Social Commission for Western Asia (ESCWA), United Nations Human Settlements Programme (UN-Habitat), and United Cities and Local Governments Middle East and West Asia (UCLG-MEWA) (2024). Practical Guidelines for VLRs in the Arab Region.

Elfeky, S., and others (2019). Healthy Cities Programme in the Eastern Mediterranean Region: Concurrent progress and future prospects. East Mediterranean Health Journal, vol. 25, No. 7, pp. 445–446.

Food and Agriculture Organization of the United Nations (FAO) (2019). FAO Framework for the Urban Food Agenda. Rome.

Lobet, Jean Michel, Laila Abdelkader, and Alia Eldidi (2020). Egypt’s Social Housing Programme Is Prioritising Women: Here’s Why. World Bank blogs, 24 March.

Organisation for Economic Co-operation and Development (OECD), United Nations Human Settlements Programme (UN-Habitat) and United Nations Office for Project Services (UNOPS) (2021). Global State of National Urban Policy 2021: Achieving Sustainable Development Goals and Delivering Climate Action. Paris: OECD.

Prabhu, Conrad (2021). Five new integrated housing projects to create 4,800 homes in Oman. Oman Daily Observer, 17 October.

United Nations Development Programme (UNDP) (2022a). Arab Human Development Report. New York.

__________ (2022b). SDG Localization in the Arab States. New York.

United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) (2016). Global Report on Culture for Sustainable Urban Development. Paris.

United Nations Environment Programme (UNEP) (2023). How Egypt Is Switching to a Circular Economy: Building Climate Resilience and Resource Efficiency.

United Nations High Commissioner for Refugees (UNHCR), United Nations Children’s Fund (UNICEF), and World Food Programme (WFP) (2017). Vulnerability Assessment of Syrian Refugees Living in Lebanon.

United Nations Human Settlements Programme (UN-Habitat) (2017). National Urban Policy: Arab States Report. Nairobi.

__________ (2018). Migration and Inclusive Cities: A Guide for Arab City Leaders. Nairobi.

__________ (2020). Local Inclusion of Migrants and Refugees. A Gateway to Existing Ideas, Resources and Capacities for Cities Across the World. Nairobi.

__________ (2021a). Building Gender Inclusive Cities: Toward More Gender Inclusive Programmes, Public Spaces and Cities in the Arab Region. Nairobi.

__________ (2021b). Cities and Pandemics: Towards a More Just, Green and Healthy Future. Nairobi.

__________ (2021c). Global Compendium of Practices on Local Economic and Financial Recovery. Building Urban Economic Resilience During and After COVID-19. Nairobi.

__________ (2022a). Urban Planning & Infrastructure in Migration Contexts: Amman Spatial Profile. Nairobi.

__________ (2022b). Implementation of the New Urban Agenda in the Middle East and North Africa. Nairobi.

__________ (2022c). Urban Recovery Framework. Nairobi.

__________ (2023a). Financing Sustainable Urban Development. Nairobi.

__________ (2023b). Rescuing SDG 11 for a Resilient Urban Planet. Nairobi.

__________ (2023c). The State of Arab Cities Report 2022. Nairobi.

United Nations Human Settlements Programme (UN-Habitat), and Cities Alliance (2014). The Evolution of National Urban Policies. Nairobi: UN-Habitat.

United Nations Inter-Agency Coordination in Lebanon, and others (2020). Vulnerability Assessment of Syrian Refugees in Lebanon.

United Nations Office for Disaster Risk Reduction (UNDRR). (2021). Regional Assessment Report on Disaster Risk Reduction in the Arab Region. Cairo.

World Bank (2020). Strengthening urban resilience in Morocco (November).

__________ (2022). Blue Skies, Blue Seas: Air Pollution, Marine Plastics, and Coastal Erosion in the Middle East and North Africa. Washington, D.C.