الهدف 2: القضاء على الجوع
وتوفير الأمن الغذائي والتغذية
المحّسنة وتعزيز الزراعة المستدامة

تحميل الفصل

ألف. مقدمة

لم تحرز المنطقة العربية التقدّم المطلوب في تحقيق الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة، وقد سجّلت تراجعاً في بلوغ المقاصد المعنية بنقص التغذية، وانعدام الأمن الغذائي، والسمنة لدى الأطفال، والاستثمار في الزراعة. وإذا كانت البلدان العربية قد أعادت في معظمها توجيه سياساتها نحو تحقيق هذا الهدف خلال العقد الماضي، وحققت تحولات إيجابية نحو الاستدامة المالية والاقتصادية والبيئية، تبقى الثغرات قائمة على مستوى السياسات والتنفيذ. ويتحمّل الأشخاص الذين يعيشون في جيوب الفقر وفي خضمّ الصراعات العبء الأكبر وما يترتّب عليه من تأثيرات ملحوظة على صحة الفئات الأكثر تعرضاً للمخاطر، بما في ذلك النساء والأطفال. ولم تثبت سياسات الأمن الغذائي فعاليتها في حماية البلدان من الصدمات العالمية والأزمات المتداخلة، ما يؤكد على ضرورة بناء نُظُم غذائية مرنة تستفيد من القدرات الوطنية والإقليمية.

1. ما تقوله البيانات

البيانات في هذا القسم مستمدة من المرصد العربي ألهداف التنمية المستدامة التابع للإسكوا, ما لم يذكر خلاف ذلك (اطلع عليها في كانون الأول/ديسمبر 2023).
نقص التغذية مشكلة مزمنة في أقل البلدان العربية نمواً والبلدان المتأثرة بالصراعات، ومعدّلاته ثابتة عند مستويات مرتفعة. ففي عام 2021 بلغ معدل انتشار نقص التغذية 41.1 و23.5 في المائة في هاتين المجموعتين تباعاً، مقابل 12 في المائة على مستوى المنطقة ككل.
يتزايد توفر البيانات الإقليمية المعنية بمعظم مقاصد الهدف 2. ومع ذلك، لا تزال البيانات ناقصة من حيث رصد الإنتاجية والاستدامة في مجال الزراعة، وهما مجالان أساسيان في وضع السياسات على صعيد في المنطقة.
في عام 2021، عانى ثلث سكان المنطقة العربية من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد. وفي البلدان المتأثرة بالصراعات، ارتفع معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي من 39.4 في المائة في عام 2014 إلى 45.6 في المائة في عام 2021، أي أكثر من 1.5 أضعاف المتوسط العالمي البالغ 29.3 في المائة.
سَجّل انتشار فقر الدم بين النساء غير الحوامل من الفئة العمرية 15-49 سنة ارتفاعاً بطيئاً في المنطقة من 32.7 في المائة في عام 2015 إلى 33.2 في المائة في عام 2019، بعد أن كان انخفاضه مطرداً بين عامي 2000 و2015. وتثير معدلات انتشار فقر الدم القلق بشكل خاص في أقل البلدان نمواً، حيث أصاب 45.9 في المائة من النساء في عام 2019.
انخفض معدل التقزم لدى الأطفال في جميع أنحاء المنطقة، ولكنه لا يزال مرتفعاً بشكل مثير للقلق في أقل البلدان نمواً والبلدان المتأثرة بالصراعات. ويقيم أكثر من نصف أطفال المنطقة الذين يعانون من التقزم والبالغ عددهم 10.6 مليون طفل في أقل البلدان نمواً، حيث بلغ معدل انتشار التقزم 31.2 في المائة في عام 2022.
ظلّ التمويل الحكومي للزراعة مقارنة بمساهمته في القيمة الاقتصادية المضافة يتناقص باطراد في المنطقة خلال العقدين الماضيين. وانخفض مؤشر التوجّه الزراعي للنفقات الحكومية من 0.3 في عام 2001 إلى 0.23 في عام 2021، وهو أقل من المتوسط العالمي البالغ 0.45. وسجّل المؤشر انخفاضاً حاداً في بلدان مجلس التعاون الخليجي من 2.8 في عام 2004 إلى 0.4 في عام 2021.
تتزايد السمنة لدى الأطفال. ففي عام 2022، ارتفع معدل انتشار السمنة لدى الأطفال دون 5 سنوات إلى 9.5 في المائة، فيما كان 8.8 في المائة في عام 2000، وهو يبلغ حالياً 1.7 أضعاف المتوسط العالمي. وتتزايد السمنة لدى الأطفال بشكل ملحوظ في بلدان المشرق وبلدان مجلس التعاون الخليجي، بينما تميل إلى الانخفاض في بلدان المغرب والبلدان المتأثرة بالصراعات.
وللاطلاع على أحدث بيانات الهدف 2 على الصعيدين الوطني والإقليمي وتحليل مدى توفر البيانات، يرجى زيارة المرصد العربي لأهداف التنمية المستدامة التابع للإسكوا.

2. وصولاً إلى عام 2030: نُهُج السياسات المقترحة لتسريع التقدم في تحقيق الهدف 2

وضع استراتيجيات تسهّل اعتماد ممارسات زراعية مستدامة قادرة على مقاومة تغيُّر المناخ، وتقنيات زراعية مبتكرة لمعالجة انعدام الأمن الغذائي، والاستثمار في الري التكميلي للنُّظُم البعلية، مع مراعاة أثر تغيُّر المناخ.
إنشاء نُظُم إرشادية فعّالة توجّه صغار المزارعين نحو اعتماد الممارسات الزراعية القابلة للتكيف حسب الظروف، والتي تتطلب القليل من المدخلات وتلبي الظروف الاجتماعية والاقتصادية المحلية، لا سيما في أقل البلدان نمواً والبلدان المتأثرة بالصراعات.
دعم صغار المزارعين للوصول إلى خطط التمويل البالغ الصغر والاندماج في سلاسل القيمة المحلية والدولية.
إصلاح دعم المواد الغذائية والتغذية المدرسية وسائر برامج الدعم من أجل توسيع الخيارات الصحية، واعتماد أنظمة تقيّد تسويق الأطعمة والمشروبات غير الصحية للأطفال والشباب.
إنشاء آليات التمويل، بما في ذلك السندات، التي تركز على الزراعة المستدامة من أجل جذب المستثمرين المهتمين بتحقيق أثر اجتماعي وبيئي إلى جانب العائد المالي.
تنويع الشركاء التجاريين للتحصّن من مخاطر تقلبات الأسعار، وإدراج الزراعة ضمن الترتيبات التجارية التفضيلية لتحسين تجارة الأغذية بين المناطق.
جمع بيانات ومعلومات عن الأمن الغذائي على صعيد المنطقة، وإنشاء نظام إنذار مبكر لرصد الأمن الغذائي في جميع أنحاء المنطقة، وتوجيه السياسات الوطنية والإقليمية.

باء. مشهد السياسات المعنية بالهدف 2

الحكومات العربية، شأنها شأن جميع البلدان الأخرى، ملزمة بتأمين الغذاء لسكانها. فالغذاء حق من حقوق الإنسان، وعنصر أساسي من عناصر الحقّ العالمي في الحصول على "مستوى معيشةٍ يكفي لضمان الصحة والرفاه لكلّ فرد" [...]1 . وتعتمد جميع البلدان في المنطقة سياسات تدعم الأمن الغذائي في أبعاده كافة، فيما تتفرّد مصر إذ تكرّس في دستورها الحق في الغذاء 2,3 .

ولا يزال التوجّه العام للسياسات في البلدان يتمثّل في توفير الغذاء للسكان وضمان حصولهم على الغذاء الصحي بكلفة ميسّرة بهدف حمايتهم من أي نقص في الغذاء وارتفاع حاد في الأسعار. وتعتمد جميع البلدان على الواردات الغذائية، وإن بدرجات متفاوتة، ويكافح العديد منها لتحقيق ما يكفي من إيرادات التصدير لدعم هذه الواردات. وتشكّل الاختلالات في الميزان التجاري تحدياً مستمراً تفاقم بسبب جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا. وبغض النظر عن الظروف المناخية ومحدودية الأراضي الصالحة للزراعة والموارد المائية، تواصل الحكومات اعتبار الإنتاج المحلي للأغذية من أولويات سياساتها. ويبقى تدهور الأراضي، وندرة المياه، وآثار تغيُّر المناخ، كالتقلب في هطول الأمطار، من دواعي القلق المتزايد في جميع أنحاء المنطقة.

تحويل النُّظُم الغذائية: حركة متنامية لتسريع أهداف التنمية المستدامة

وجه مؤتمر قمة الأمم المتحدة للنُّظُم الغذائية لعام 2021 الذي عُقد في إطار عَقد الأمم المتحدة للعمل من أجل التغذية (2016-2025)، وكذلك تقييم منجزاته لعام 2023، انتباه العالم إلى استدامة النُّظُم الغذائية وتأثيراتها على صحة الناس، والكوكب، والاقتصاد.

وبحلول منتصف عام 2023، كان 20 بلداً عربياً قد عقد حوارات وطنية لأصحاب المصلحة المتعددين كجزء من عملية مؤتمر القمة. وحُددت عشرة مسارات وطنية تتضمن تدابير ملموسة لتحقيق نُظُم غذائية مستدامة بحلول عام 2030 أ . ويظهر التحليل الأولي لهذه المسارات أن التركيز منصبّ بالإجماع على وضع السياسات والأنظمة، وتحسين البيانات وقدرات الموارد البشرية باعتبارها الوسائل الرئيسية لتنفيذ هذه التدابير ب وإن لم يُعرف بعد إلى أي مدى. ففي مصر مثلاً، أسفرت الحوارات الوطنية عن وضع رؤية للانتقال إلى نظام غذائي مستدام، ما يمثّل الخطوة الأولى على أن تكون الخطوة التالية إنشاء هيئة تنسيق حكومية دولية لرصد التنفيذ ج .
أ جميع البلدان العربية باستثناء دولة فلسطين وليبيا. والبلدان العشرة التي حددت مسارات وطنية هي: الأردن، والإمارات العربية المتحدة، والجزائر، والصومال، وعُمان، وقطر، والكويت، ومصر، وموريتانيا، واليمن. للمزيد من المعلومات، يمكن الاطلاع على منسقو الحوارات والمسارات الخاصة بالدول الأعضاء على الموقع الإلكتروني لمركز الأمم المتحدة لتنسيق النُّظُم الغذائية.
ب أَعدّ التحليل مركز الأمم المتحدة لتنسيق النُّظُم الغذائية.
ج FAO, CIHEAM and UfM, 2021.
ويرتبط تحقيق الهدف 2 في المنطقة ارتباطاً وثيقاً بالحد من الفقر (الهدف 1)، وبالتالي، باستحداث فرص للعمل وتحقيق نمو في الدخل (الهدف 8)، وإحلال السلام (الهدف 16) وتيسير التجارة العالمية (الهدف 17). كما يرتبط إنتاج الأغذية ارتباطاً وثيقاً بالتقدم في التكيف مع تغيُّر المناخ (الهدف 13)، وإدارة المياه (الهدف 6)، وإدارة مصائد الأسماك (الهدف 14)، واستصلاح الأراضي (الهدف 15).

وفي حين أنّ مزيج السياسات المعتمدة لتحقيق الهدف 2 يختلف باختلاف البلدان، تبعاً للظروف الوطنية والموارد المتاحة، تظهر اتجاهات مشتركة تتجاوز الاختلاف في الدخل وبين المجموعات الجغرافية. ولمعرفة المزيد عن سياسات الأمن الغذائي المتعلقة بمصائد الأسماك وتربية الأحياء المائية، يمكن الاطلاع على الفصل الخاص بالهدف 14.

  • تحافظ البلدان العربية بمعظمها على مستويات مرتفعة من الحماية في تجارة المواد الغذائية لأهداف شتى، منها حماية الزراعة المحلية وتعزيزها، وتقليل الاعتماد على الواردات. وخفّض عدد قليل من البلدان، مثل الأردن والمغرب، التعريفات الجمركية على الأغذية المستوردة بين عامي 2010 و2019، إلا أنّ متوسط التعرفة المطبقة في المنطقة خلال الفترة نفسها سجّل ارتفاعاً ملحوظاً، ما أضعف القدرة على تحمّل كلفة نظام غذائي متنوّع وصحي4 . وتفرض البلدان بمعظمها عدداً كبيراً من القيود غير الجمركية، المتمثلة خاصة بالتدابير الصحية وتدابير الصحة النباتية، لا سيما في بلدان مجلس التعاون الخليجي وبعض بلدان شمال أفريقيا. وعمدت البلدان العربية بغالبيتها، في تدابير مؤقتة، إلى تقليص الحواجز الجمركية وغير الجمركية أمام تجارة المواد الغذائية على أثر جائحة كوفيد-19.
  • تعتمد جميع البلدان شكلاً من أشكال سياسة التخزين العامة التي تقوم من خلالها بشراء محاصيل استراتيجية مختارة، وتخزينها، وتوزعيها بهدف درء التقلبات الموسمية والتقلبات بين سنة وأخرى. وتُجدَّد المخزونات العامة من خلال استيراد المواد الغذائية وشراء الإنتاج المحلي. وفي السنوات الأخيرة، حصل تحوّل إيجابي نحو شراء الإنتاج وتوريده بأسعار السوق بدلاً من الأسعار الثابتة، كما هي الحال في الأردن ومصر.
  • تخضع برامج دعم المواد الغذائية الشائعة في جميع أنحاء المنطقة لإصلاحات كبيرة من شأنها أن تخفّف من أعبائها المالية. ومع أن هذه المسألة حساسة من الناحية السياسية، بحيث يُعتبر الحصول على المواد الغذائية الأساسية بأسعار منخفضة من المستحقات، عمدت بلدان من مجموعة مجلس التعاون الخليجي، مثل المملكة العربية السعودية إلى رفع الدعم عن المواد الغذائية تدريجياً. وتحوّلت البلدان المتوسطة الدخل، بما فيها الأردن ومصر، من الدعم المعمم إلى الدعم الموجه على شكل برامج للحماية الاجتماعية، عن طريق استخدام أنظمة البطاقات الذكية. وللتعمّق في تحليل سياسات الحماية الاجتماعية، يمكن الاطلاع على الفصل الخاص بالهدف 1.
  • تعتبر الزراعة قطاعاً رئيسياً لتحقيق التنمية الوطنية في معظم البلدان، التي تواصل سعيها لبلوغ مستوىً معيّن من الاكتفاء الذاتي من الغذاء في المحاصيل الاستراتيجية عن طريق زيادة الإنتاج الزراعي. ومن التطورات الإيجابية التي حققتها عدة بلدان زيادة الاهتمام باستدامة الموارد الطبيعية النادرة، ولا سيما الأراضي والمياه، وقد تمثّلت في بلدان مجلس التعاون الخليجي بالاستثمار في الحلول الزراعية القائمة على التكنولوجيا. وفي البلدان المتوسطة الدخل، تهدف سياسات التنمية الزراعية الأكثر شمولاً إلى زيادة الإنتاجية الزراعية وترشيد استخدام مياه الري 5 . وتستثمر مجموعتا البلدان في تحسين البنية الأساسية لنقل المواد الغذائية وتخزينها وحفظها، بما في ذلك سلاسل التبريد، مع التركيز على الحد من الفاقد الذي يسبق التسويق. وللتعمّق في تحليل تدابير السياسة العامة بشأن فاقد الأغذية والهدر الغذائي، يمكن الاطلاع على الفصل الخاص بالهدف 12.
  • بدأت سياسات التغذية الشاملة والمتعددة القطاعات تبرز بشكل خاص في بلدان مجلس التعاون الخليجي والبلدان المتوسطة الدخل، بما في ذلك الأردن، وقطر، ومصر، والمغرب. وأوليت التغذية عادة اهتماماً أقل مقارنة بأبعاد الأمن الغذائي الأخرى. فالبلدان ركزت بمعظمها على منع حدوث حالات نقص في المغذيات الدقيقة لدى النساء والأطفال عن طريق الإغناء الإلزامي للقمح، والحليب، والملح، ومواد غذائية أساسية أخرى. وقد وضعت عدة بلدان سياسات لتشجيع الرضاعة الطبيعية، بما في ذلك سن قوانين لزيادة مدة إجازة الأمومة المدفوعة الأجر، وإنشاء أماكن عمل ملائمة للأطفال. وفي جميع أنحاء المنطقة، تُعتمد سياسات وأنظمة تحدّ من استهلاك الأطعمة غير الصحية الغنية بالأحماض الدهنية غير المشبعة، والملح، والسكر، بالإضافة إلى انتشار وضع العلامات الغذائية الإلزامية.
  • وأدرجت البلدان بمعظمها برامج التغذية المدرسية في مدارسها، على الرغم من أن نحو ثلث هذه البلدان فقط يعتمد سياسات وطنية إطارية. وفي عام 2018، استفاد الأطفال الملتحقون بالمدارس من هذه البرامج بنسبة ناهزت 85 في المائة في الإمارات العربية المتحدة، و77 في المائة في مصر، و63 في المائة في الجمهورية العربية السورية 6 . وتحظى هذه البرامج في البلدان التي تشهد صراعات بدعم كبير من المانحين الدوليين. وتدرج البلدان المتوسطة الدخل بمعظمها في ميزانيتها الوطنية بنداً خاصاً بالتغذية المدرسية. وتصمّم البرامج عادة بحيث تؤمن الكميات الكافية من السعرات الحرارية عن طريق تناول الأغذية الأساسية. وفي بعض البلدان، اعتمدت السياسات الصحية تعديلات على الأغذية المقدمة للطلاب في المدارس العامة من أجل دعم النُّظُم الغذائية الأكثر توازناً والقليلة الدسم، إلاّ أن المدارس الخاصة لم تحذُ حذوها بعد.
في بعض الحالات، أدى فرض تعريفات مرتفعة على الأغذية المستوردة إلى خفض كفاءة الزراعة المحلية وتقييد قدرتها التنافسية. كما أدى إلى رفع أسعار المواد الغذائية، وتضييق خيارات المستهلكين، وتقييد الحوافز التي تشجع المنتجين المحليين على تحسين الإنتاجية والجودة.
من المكلف الإبقاء على سياسات التخزين القائمة على شراء الإنتاج المحلي، وهو عادة الحبوب، بأسعار مضمونة تفوق أسعار السوق، سيما وأنها أدت في بعض الحالات إلى توجيه الإنتاج الوطني نحو المنتجات المدعومة على حساب منتجات أخرى، مما حدّ من تنوع النُّظُم الغذائية.
في غياب برامج الحماية الاجتماعية المتقنة التصميم والموجّهة، والمؤسسات التي تصلح لتنفيذها بفعالية، يؤدي إلغاء دعم المواد الغذائية إلى حرمان الأسر المعرضة للمخاطر من الحماية، ما يزيد من انعدام الأمن الغذائي، ويثير الاضطرابات الاجتماعية.

وقد ساهم سوء تصميم برامج دعم المواد الغذائية مساهمة غير مباشرة في انتشار السمنة عن طريق تشجيع استهلاك الأطعمة غير الصحية ذات السعرات الحرارية العالية.
من الضروري تفعيل إمكانيات نُظُم الزراعة البعلية وزيادة الاستثمارات العالية العائد في نُظُم الري الصغيرة وجمع المياه لتوسيع نطاق اعتماد الري التكميلي.
لا تزال سياسات التغذية المعتمدة في معظم البلدان تفتقر إلى التنفيذ الدائم والملائم. ولم تعتمد سوى قلة من البلدان سياسات تحد من تسويق الأغذية غير الصحية للأطفال. لذلك من الضروري إيلاء المزيد من الاهتمام لوضع العلامات الغذائية، لا سيما محتوى الدهون والسكر. وتعتبر مرحلة الطفولة المبكرة محطة بالغة الأهمية لنماء الطفل السليم، إلا أن هذا المجال لا يزال يفتقر إلى اتخاذ إجراءات ملموسة بشأنه.

ولا تزال المنطقة بحاجة إلى وضع سياسات متعددة الأوجه تتناول المحددات الأساسية لسوء التغذية.
في بعض البلدان، لا تشمل برامج التغذية المدرسية مرحلتي الحضانة والإعدادية، ولا تُستكمل ببرامج مدرسية أخرى لتحسين صحة الأطفال والمراهقين.

دال. سياسات لعدم إهمال أحد



عدم المساواة في الحصول على الغذاء هو انعكاسٌ لعدم المساواة في الدخل: فالفقراء هم في الغالب الجياع والذين يعانون من سوء التغذية. وبالتالي، لا يمكن فصل سياسات الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة التي تدعو إلى عدم إهمال أحد عن السياسات التي تُعنى بالفقراء.

وبالمنطق نفسه، ترتبط سياسات الهدف 2 التي تضمن عدم إهمال أحد ارتباطاً وثيقاً بالسياسات التي تستهدف سكان الريف، وذلك لأكثر من سبب. فالمناطق الريفية كانت مهملة تاريخياً، ولا تزال مهملة مقارنة بالمناطق الحضرية34 . ونحو 34 في المائة من سكان الريف في البلدان العربية هم في عداد فقراء. ويتفاقم الفقر حينما يقترن بمخاطر أخرى، كما هي حال الأسر المعيشية التي تعيلها نساء، وصغار المزارعين الذين لا يملكون أرضاً، والسكان المقيمين في المناطق المنكشفة على آثار تغيُّر المناخ35 . أمّا فرص الوصول إلى خدمات المياه، والصرف الصحي، والكهرباء في المناطق الريفية- وكلها ضرورية لإنتاج الأغذية والاستهلاك الغذائي الآمن – فمتأخرة عن المناطق الحضرية36 . وتبلغ نسبة العمالة غير المستقرة في المناطق الريفية وتقديرها 38 في المائة، ما يقارب ضعف النسبة البالغة 15 في المائة في المناطق الحضرية37 . وتحول هذه العوامل كلها دون تحقيق التنمية في القطاع الزراعي ليصبح قوياً ومنتجاً.

ولذلك ينبغي قراءة الأمثلة التالية بشأن سياسات الأمن الغذائي التي تراعي مبدأ عدم إهمال أحد، بالتزامن مع أمثلة من فصول أخرى تسلّط الضوء على السياسات التي تدعم الفقراء وسكان الريف في مختلف جوانب التنمية.



الجدول 2-1

أمثلة على سياسات الأمن الغذائي التي تراعي مبدأ عدم إهمال أحد
غالباً ما يفتقر صغار المزارعين والمزارعون التقليديون إلى الوسائل الاقتصادية والتقنية التي تساعدهم في الاندماج في القطاع الزراعي الحديث وفي سلاسل القيمة، وهم أكثر عرضة لأخطار لتغيُّر المناخ إذ يعتمدون في الغالب على الزراعة البعلية. يخصص مخطط المغرب الأخضر ركناً كاملاً لتعزيز الشراكات بين المزارعين أصحاب الملكيّات الصغيرة، ومستثمرين من القطاع الخاص. ويقدّم أصحاب الملكيّات الصغيرة الأراضي والخبرة الزراعية، بينما يسهّل المستثمرون من القطاع الخاص الوصول إلى سلاسل القيمة المربحة.
في عام 2019، أطلقت المملكة العربية السعودية برنامجاً لمساعدة صغار المزارعين على التحول إلى الزراعة العضوية في إطار هدف تعزيز الإنتاج العضوي بنسبة 300 في المائة بحلول عام 2030.
في عام 2019، عمدت إلى تفعيل صندوق لتعويض المزارعين عن الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية.

ويساهم تصنيف المنتجات في إطار نُظُم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية في الحفاظ على الممارسات الزراعية التقليدية التي تتكيف مع تغيّرات المناخ والمخاطر المناخية. وفي عام 2023، سجلت تسعة مصنّفات في خمسة بلدان: واحد في الإمارات العربية المتحدة، وثلاثة في تونس، وواحد في الجزائر، وواحد في مصر، وثلاثة في المغرب أ .
تعانـي المزارعات من الحرمان بسبب التمييز في الأعراف السائدة. وتقسيم العمل في الزراعة غير منصف للمرأة التي تؤدي المهام الشاقة، التي تتطلب مجهوداً من اليد العاملة. في المغرب، تمنع قوانين الميراث والأعراف المتعلقة بالأراضي الجماعية، التي تطلق عليها تسمية "السلالية"، النساء من حيازة هذه الأراضي والتصرّف بها، وهي غالباً ما تكون أراضيَ زراعية. ولمعالجة هذا الوضع، أقرّ المغرب في عام 2019 القانون رقم 17-62 المتعلق بتدبير أراضي الجماعات السلالية، والذي يمنح المرأة والرجل حقوقاً متساوية في الوصول إليها ب .
يعاني الأطفال والنساء من سوء التغذية بمعدلات مرتفعة. وتشجّع سياسات دعم المواد الغذائية وبرامج التغذية السارية على تناول الأغذية ذات السعرات الحرارية العالية، ما يسبّب عبئاً مزدوجاً يتمثل في قلّة التغذية والسمنة، لا سيما لدى الأطفال والنساء. أطلقت الإمارات العربية المتحدة الاستراتيجية الوطنية للتغذية 2022-2030 والبرنامج الوطني المتعدد التخصصات لمكافحة السمنة لدى الأطفال والمراهقين، كما أطلقت وزارة الصحة نظام "متابعة" الإلكتروني لجمع البيانات عن السمنة والوزن الزائد لدى تلامذة المدارس ج.
يتزايد تعرّض اللاجئين والنازحين داخلياً لخطر انعدام الأمن الغذائي، فيعتمدون على المعونة الغذائية، وقد لا تلبي الوجبات كامل احتياجاتهم الغذائية. ويعتمد وضع الأمن الغذائي للاجئين على السياسات الوطنية النافذة في البلدان المضيفة د . وسّع لبنان نطاق المساعدات الاجتماعية التي يمنحها البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً لتشمل تقديم المساعدات الغذائية عبر نظام القسائم الغذائية الإلكتروني الذي ينفذه برنامج الأغذية العالمي لصالح شريحة من اللاجئين السوريين ھ .

يفرض إطار السياسات الذي وضعته الصومال بشأن النزوح على السلطات وسائر الجهات الفاعلة مساعدة النازحين داخلياً في حالات الطوارئ وحمايتهم عن طريق تلبية احتياجاتهم من الغذاء، ودعم عودتهم الطوعية بمنحهم حزمة مساعدات تتضمّن وجبات غذائية و .

هاء. مشهد التمويل

تواجه البلدان العربية المكبّلة بالقيود المالية صعوبات في موازنة أولوياتها بين الإنفاق لتلبية الاحتياجات اليومية عن طريق استيراد الأغذية الاستهلاكية، وتخزينها، ودعمها، والقيام باستثمارات عالية العائد وطويلة الأجل في التنمية الزراعية تعزّز النواتج، بطرق منها دعم المزارعين.

1. اتجاهات الإنفاق على الواردات الغذائية والإعانات الاستهلاكية


في عام 2021، شكّلت الواردات الغذائية 12 في المائة من إجمالي واردات المنطقة من السلع، وهي نسبة تفوق المتوسط العالمي البالغ 8 في المائة38 ، وكانت هذه النسبة أعلى في أقل البلدان نمواً والبلدان المتأثرة بالصراعات (34 في المائة في فلسطين، و39 في المائة في اليمن). وفي أقل البلدان نمواً، تتجاوز قيمة الواردات الغذائية قيمة مجموع صادرات البضائع، ما يشي بعجز هذه البلدان عن تأمين العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد الأغذية. وأدت جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا إلى زيادة كبيرة في فواتير استيراد الأغذية وإنتاجها.

ويفوق الدعم الغذائي الذي يستهدف المستهلكين الدعم المقدم للمزارعين. فقد خصصت مصر مثلاً 4.19 مليار دولار في 2015-2016 لدعم المواد الغذائية، أي أكثر من 10 أضعاف الدعم المقدم للمزارعين، والذي بلغ 368 مليون دولار39 . وتتجه بعض البلدان، ولا سيما البلدان المتوسطة الدخل، نحو ترشيد دعم المواد الغذائية بتحسين الاستهداف.

وتُظهر البيانات المتاحة عن نفقات الميزانية الوطنية على نطاقاً يتراوح بين مليون دولار و90 مليون دولار (الجدول 2-2). أمّا مقارنة النفقات بالناتج المحلي الإجمالي، فتظهر أن العبء المالي الذي تتحمله الحكومة في بلد مثل جيبوتي أعلى مما هو عليه في العراق أو مصر. وتختلف كلفة الطفل الواحد اختلافاً كبيراً، بين 5 دولار في مصر و328 دولار في جيبوتي، ما قد يدلّ على انعدام الكفاءة في البرامج المدعومة دولياً. وفي عام 2020، خصصت خمس دول عربية بنوداً في ميزانيتها للتغذية المدرسية، وهي تونس، والسودان، والعراق، ومصر، وموريتانيا.

وتستخدم مبادلات الديون لتمويل برامج التغذية فقد جمع برنامج الأغذية العالمي مثلاً التمويل لتنفيذ برامج التغذية عن طريق مبادلة ديون بلغت قيمتها 18 مليون دولار في مصر ومليوني دولار في موريتانيا40 .

وتؤمن الضرائب على الأغذية غير الصحية مصدر إيرادات لبرامج التغذية . وتفرَض الضرائب على المشروبات المحلاة بالسكر التي تسبّب السمنة بين الأطفال ومرض السكري من النوع 2، في الإمارات العربية المتحدة والبحرين وعُمان وقطر والمغرب والمملكة العربية السعودية.

الجدول 2-2

النفقات من الميزانية الوطنية على برامج التغذية المدرسية
البلد النفقات
( دولار)
السنة
المغرب 90,000,000 2013
مصر 55,368,086 2020
تونس 26,551,000 2020
العراق 17,000,000 2020
الأردن 7,060,000 2013
السودان 4,943,994 2020
جيبوتي 959,350 2013
المصدر: WFP, 2020.

2. اتجاهات الإنفاق على الزراعة

يتناقص دور الزراعة في اقتصادات المنطقة. ومنذ تسعينيات القرن العشرين، تتراجع حصة هذا القطاع من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي، حتى باتت 5 في المائة فقط في عام 2021. وانخفضت، كذلك، نسبة القوى العاملة في الزراعة باطّراد، حتى أصبحت 18 في المائة من مجموع القوى العاملة في عام 2019، أي نصف النسبة المسجلة في عام 1990. وتتضح المكاسب المقابلة في إنتاجية العمل، ولا سيما في بلدان مجلس التعاون الخليجي. وقد زادت القيمة المضافة للزراعة لكل عامل باطّراد في المنطقة، بحيث تضاعفت بين عامي 1995 و2019 .41

ومع ذلك، تبقى الاستثمارات في الزراعة منخفضة، لا تتناسب مع حصة هذا القطاع من الاقتصاد. ويبدو مؤشر التوجّه الزراعي، الذي يقيس حصة الإنفاق الحكومي على قطاع الزراعة مقارنة بمساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، ذا دلالة (الشكل 2-1). ففي عام 2021، بلغت قيمة هذا المؤشر في جميع بلدان المنطقة التي توفرت عنها بيانات 0.5 درجات أو أقل (باستثناء الكويت التي سجلت 1.21، وهي أعلى درجة في المنطقة، والإمارات العربية المتحدة التي سجلت 0.96). وفي هذه الأرقام ما يدلّ على أنّ الزراعة تتلقى من الإنفاق الحكومي حصة أقل من مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي. وسجّل المؤشر أدنى قيمة له في الصومال، حيث بلغت مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي نحو 53 في المائة، أي أعلى نسبة في المنطقة. ومن حيث المبدأ، يمكن للبلدان التي تسجل درجات منخفضة أن تستفيد من زيادة الإنفاق على الزراعة.

ويتزايد مجموع التدفقات الرسمية إلى الزراعة بوجه عام. وفي عام 2020، تلقت المنطقة العربية 1.1 مليار دولار من المساعدات الإنمائية الرسمية للزراعة، مقابل 0.7 مليار دولار في عام 2000. وكانت البلدان العربية المتوسطة الدخل أكثر الجهات المستفيدة. ويرتفع الدعم المقدم إلى أقل البلدان نمواً منذ عام 2017 (الشكل 2-2) 42.

الشكل 2-1

درجات مؤشر التوجّّه الزراعي للإنفاق الحكومي، 2010 إلى 2021

المصدر: قاعدة بيانات الأمم المتحدة العالمية لأهداف التنمية المستدامة,استُرجعت في 13 كانون الأول ديسمبر 2023.

الشكل 2-2

المساعدة الإنمائية الرسمية المقدمة للزراعة، 2000 إلى 2020 (بملايين الدولارات، بالسعر الثابت
وتبلغ الاستثمارات الإضافية لتعزيز الناتج الزراعي في مجموعة من البلدان عربية مستوى من الارتفاع يصل إلى 63.2 مليار دولار في العراق، و45.5 مليار دولار في الجزائر، و43.2 دولار في المغرب (الجدول 2-3).

تسعى بلدان عربية عديدة إلى جذب استثمارات القطاع الخاص المحلية والأجنبية في الزراعة والنُّظُم الزراعية والغذائية، وذلك بتعزيز الأنظمة وتحسين بيئة الأعمال، وتطوير البنية الأساسية. والمغرب مثال رائد في هذا المجال، إذ أطلق مخطط المغرب الأخضر واستراتيجية الجيل الأخضر. وفي غضون 10 سنوات (2008 إلى 2018)، حصل المغرب على استثمار قدره 104 مليار درهم، 40 في المائة من الاستثمار العام، و60 في المائة من الاستثمار الخاص43 . ويوازي كل درهم من الدعم الحكومي 2.85 درهم من الاستثمارات الخاصة44 .

الجدول 2-3

تقدير التكاليف المرتبطة بالهدف 2 في مجموعة من البلدان العربية
البلد استثمارات إضافية لتعزيز الناتج الزراعي
(مليار دولار)
الوثيقة المرجعية
العراق 63.2 رؤية العراق 2030
الجزائر 45.5 رؤية الجزائر الوطنية 2030
المغرب 43.2 استراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030 في المغرب
مصر 18 استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة في مصر
عُمان 13 استراتيجية التنمية الزراعية والريفية المستدامة نحو عام 2040 في عُمان
لبنان 5.5 الاستراتيجية الوطنية للزراعة في لبنان
تونس 4.8 خطة التنمية الوطنية التونسية
الأردن 0.5 خطة تحفيز النمو الاقتصادي الأردني
المصدر: الإسكوا, بوابة تمويل التنمية للبلدان العربية, استُرجعت في 12 شباط/فبراير 2023.

واو. الأبعاد الإقليمية

يؤدي تعزيز التعاون بين البلدان العربية إلى تخفيف الأعباء المالية واستدامة الأمن الغذائي، لا سيما عند حدوث الصدمات. ومن الأمثلة على هذا التعاون:
التجارة البينية في المدخلات الغذائية والزراعية: : لم تسخّر المنطقة بعد كامل الإمكانيات المتاحة عن طريق الترتيبات والاتفاقات التجارية الإقليمية والثنائية، إذ لم تسفر بعد هذه الترتيبات عن أي زيادة ملحوظة في التجارة الإقليمية على مستوى المدخلات الغذائية والزراعية. وفي الوقت الحاضر، لا تمثل التجارة الأقاليمية بجميع السلع (بما فيها الأغذية) سوى 10 في المائة من مجموع التجارة. ومن عوائق تجارة الأغِذية اعتبارات سلامة الأغذية، التي يمكن معالجتها باعتماد وإنفاذ الممارسات الزراعية الجيدة المشتركة45 . وفي الآونة الأخيرة، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية بالشراكة مع العديد من السلطات الوطنية العربية المعنية بسلامة الأغذية، والمنظمات الإقليمية، ومنظمة الأغذية والزراعة، المبادرة العربية لسلامة الأغذية وتسهيل التجارة التي من شأنها أن تساعد في هذا الصدد.

البيانات والمعلومات بشأن الأمن الغذائي الإقليمي ونظام الإنذار المبكر: تحول صعوبة توفر البيانات دون القيام بالقدر الكافي من الرصد والتتبع لآثار سياسات الأمن الغذائي في المنطقة. وتستفيد البلدان من العمل المشترك على تعزيز الرصد والتتبع، والإبلاغ عن الحالات الشاذة التي تشوب الإمدادات الغذائية بغية إتاحة إجراء تعديلات على أساس الأدلة. ويسهّل تكوين شبكة إقليمية لهذا الغرض تبادل الخبرات، والدروس المستفادة، والأدلة لبناء القدرات بشأن اتخاذ إجراءات استباقية ضد المخاطر الطبيعية وغيرها من الصدمات التي تتعرض لها النُّظُم الغذائية46 . وقد وضعت رابطة أمم جنوب شرق آسيا نظاماً من هذا القبيل منذ عام 2002، واتخذت إجراءات متعددة لبناء قدرات البلدان الأعضاء على جمع إحصاءات موثوقة عن الأمن الغذائي والتنبؤ بالإنتاج الزراعي؛ وتبادل ما يلزم من بيانات ومعلومات متعلقة بالأمن الغذائي لتخطيط السياسات وتنفيذها؛ وتعزيز التعاون لإحراز التقدم على مسار الأمن الغذائي47 .

الاحتياطيات الغذائية الاستراتيجية الإقليمية: تفتقر بلدان عديدة إلى القدرات والوسائل المالية اللازمة للحفاظ بمفردها على احتياطيات غذائية استراتيجية، ولكن بوسعها أن تستفيد جماعةً من الاحتياطيات الغذائية الاستراتيجية الإقليمية أو دون الإقليمية عن طريق وضع ترتيبات لتقاسم التكاليف48 . وقد أبرمت البلدان الأعضاء في رابطة أمم جنوب شرق آسيا منذ عام 1979 اتفاقاً يتيح لها تنسيق مخزوناتها الغذائية الوطنية للحفاظ على الحد الأدنى من المحاصيل الاستراتيجية (الأرز بشكل أساسي) لتلبية الاحتياجات الطارئة49 . ويتوقف النجاح في تفعيل هذه الآلية جزئياً على توفر مركز إقليمي للبيانات والمعلومات.
الآليات الإقليمية لتنسيق التغذية: يمكن أن تستفيد البلدان العربية من وضع آلية إقليمية لتنسيق التغذية من أجل تسريع إجراءات معالجة قلّة التغذية لدى الأمهات والأطفال.

تحت إشراف اللجنة الفرعية للقضاء على الجوع في المنطقة العربية التابعة لجامعة الدول العربية، وضعت الأمم المتحدة بالتعاون مع شركاء إقليميين في عام 2021 الإطار الاستراتيجي الإقليمي العربي وخطة العمل للقضاء على الجوع. وهو يتيح للجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية منصة مشتركة لتخصيص الموارد، ورصد التقدم المحرز، وضمان المساءلة. ويغطي الإطار سبعة مجالات ذات أولوية للمنطقة العربية، وهي: الزراعة وإنتاجية المياه؛ والبنية الأساسية الريفية وسلاسل القيمة الغذائية؛ وبرامج الحماية الاجتماعية؛ والنُّظُم الغذائية الصحيّة، والميسّرة الكلفة، والأكثر استدامة؛ والزراعة القادرة على الصمود؛ والتخفيف من حدة الصراعات؛ وتيسير التجارة، وتنويع الواردات، وأداء الأسواق ذات الصلة بالزراعة. ولا يزال اعتماد هذا الإطار جارياً.

الحواشي

1. المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

2. قاعدة بيانات منظمة الأغذية والزراعة بشأن الحق في الغذاء حول العالم، استُرجعت في 18 أيلول/سبتمبر 2023.

3. تنص المادة 79 من الدستور المصري على أن "لكل مواطن الحق في غذاء صحي وكافٍ، وماء نظيف، وتلتزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة. كما تكفل السيادة الغذائية بشكل مستدام، وتضمن الحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي وأصناف النباتات المحلية للحفاظ على حقوق الأجيال". وتنص المادة 80 على أن "لكل طفل الحق في [...] التغذية الأساسية [...]".

4. ارتفع متوسط التعرفة الجمركية على المواد الغذائية المستوردة في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا من 13 في المائة في عام 2015 إلى 32 في المائة في عام 2019 (FAO and others, 2023)، وتشمل هذه المنطقة إيران.

5. مصر من البلدان القليلة التي حقّقت نمواً في إنتاجية القطاع الزراعي خلال العقد الماضي على أثر تحسينات في استخدام المياه والاعتماد على المحاصيل العالية القيمة.

6. WFP, 2020.

7. Oxford Business Group, 2022.

8. لمعرفة المزيد، يمكن الاطلاع على الأمن الغذائي الأمن الغذائي في الإمارات العربية المتحدة.

9. Gulf Times, 2018.

10. الصفحة الرئيسية للشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني (سالك).

11. محفظة "القابضة" (ADQ) للأغذية والزراعة.

12. الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051 للإمارات العربية المتحدة.

13. لمعرفة المزيد، يمكن الاطلاع على اللمحة العامة عن شركة "حصاد" الغذائيةعلى موقعها الإلكتروني.

14. Oxford Business Group, 2022.

15. Al-Jawaldeh and Megally, 2021.

16. FAO and others, 2020.

17. المرجع نفسه.

18. بيانات البنك الدولي، القيمة المضافة في قطاع الزراعة (النسبة المئوية من إجمالي الناتج المحلي) – العالم العربي، استُرجعت في 13 كانون الأول/ديسمبر 2023.

19. Banerjee and others, 2014.

20. قاعدة بيانات FAOLEX للجزائر – منظمة الأغذية والزراعة.

21. Algeria Invest, 2022.

22. Egypt Today, 2023.

23. Moroccan National Portal, 2019.

24. Egypt: The role of water users’ associations in reforming irrigation, Global Water Partnership.

25. الاستعراض الوطني الطوعي الثاني للأردن لعام 2022.

26. الاستعراض الوطني الطوعي الثاني لتونس لعام 2021.

27. الاستعراض الوطني الطوعي للمغرب لعام 2020.

28. الاستعراض الوطني الطوعي لجزر القمر لعام 2023.

29. الاستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية لموريتانيا.

30. USAID, 2022.

31. Fathallah, 2020.

32. Popovska, 2019.

33. ESCWA, 2020.

34. تتّسم المنطقة عموماً بانخفاض الإنفاق العام على البنى الأساسية والخدمات الريفية، إذ لا يساوي إلاّ واحداً من عشرين ما يعادل نصيب الفرد من الإنفاق في المناطق الحضرية (FAO, 2020).

35. ESCWA, Pathfinders and WFP, 2023.

36. تتجلى الفوارق بين المناطق الريفية والحضرية على المستوى الإقليمي العربي في فرص الحصول على خدمات المياه (95 في المائة في المناطق الحضرية مقابل 80 في المائة في المناطق الريفية)، والصرف الصحي (94 في المائة في المناطق الحضرية مقابل 82 في المائة في المناطق الريفية)، والكهرباء (98 في المائة في المناطق الحضرية مقابل 83 في المائة في المناطق الريفية). لمعرفة المزيد، يمكن الاطلاع على المرصد العربي لأهداف التنمية المستدامة التابع للإسكوا.

37. المرصد العربي لأهداف التنمية المستدامة التابع للإسكوا ، استُرجع في 21 آب/أغسطس 2023.

38. بيانات البنك الدولي، واردات المواد الغذائية (النسبة المئوية من واردات السلع) العالم العربي، العالم، استُرجعت في 1 آذار/مارس 2024.

39. WTO, 2018.

40. WFP, 2021.

41. World Bank Data on Agriculture, forestry, and fishing, value added per worker (constant US$) - Arab World, accessed on 1 March 2024.

42. المرصد العربي لأهداف التنمية المستدامة التابع للإسكوا،أستُرجع في 21 آب/أغسطس 2023.

43. أي ما يعادل حوالي 10.4 مليار دولار وفقاً لسعر الصرف المعمول به في كانون الثاني/يناير 2024.

44. الإنجازات الرئيسية لمخطط المغرب الأخضر.

45. ESCWA, 2018.

46. ODI and WFP, 2022.

47. ASEAN Food Security Information System.

48. FAO, 2022.

49. Agreement on the ASEAN Food Security Reserve.

المراجع

Algeria Invest (2022). Food Security: Agricultural Performance Puts Algeria on the Right Track. 17 October.

Al-Jawaldeh, A., and R. Megally (2021). Impact Evaluation of Soft Drink Taxes as Part of Nutrition Policies in Gulf Cooperation Council Countries. F1000Research.

Banerjee, and others (2014). Natural disasters in the Middle East and North Africa: a regional overview. World Bank Group. Working Paper, No. 81658.

Economic and Social Commission for Western Asia (ESCWA) (2018). Policy Briefs on Food Security Issues in the Arab Region.

__________ (2020). The National Development Program for Post-War Syria: Syria Strategic Plan 2030. May 2020.

Economic and Social Commission for Western Asia (ESCWA), Pathfinders, and World Food Programme (WFP) (2023). Inequality in the Arab Region: Food Insecurity Fuels Inequality.

Egypt Today (2023). In Figures: What Did Haya Karima Achieve So Far in Upper Egypt? 20 February.

Fathallah, H. (2020). Iraq’s Governance Crisis and Food Insecurity. Carnegie Endowment for International Peace.

Food and Agriculture Organization of the United Nations (FAO) (2020). Priorities for Food and Agriculture in the Near East and North Africa Region 2020-2030. Background Paper for the Thirty-fifth FAO Regional Conference for the Near East. Cairo.

__________ (2022). Addressing Food Security Challenges Faced by the Near East and North Africa Region Due to the Ukraine Crisis: Regional Overview. Cairo.

Food and Agriculture Organization of the United Nations (FAO), and others (2020). Regional Overview of Food Security and Nutrition in the Near East and North Africa 2019 – Rethinking Food Systems for Healthy Diets and Improved Nutrition.

__________ (2023). Near East and North Africa –Regional Overview of Food Security and Nutrition: Trade as an Enabler for Food Security and Nutrition.

Food and Agriculture Organization of the United Nations (FAO), International Centre for Advanced Mediterranean Agronomic Studies (CIHEAM), and Union for the Mediterranean (UfM) (2021). Food Systems Transformation – Processes and Pathways in the Mediterranean: A Stocktaking Exercise. Rome: FAO.

Gulf Times (2018). New Inventory Management System Launched. 14 June.

Moroccan National Portal (2019). Head of Government: 2020-2050 National Water Plan, Roadmap to Face Challenges for Next 30 Years. 25 December 2019.

Overseas Development Institute (ODI), and WFP (2022). Anticipatory Action in the MENA Region: State of Play and Accelerating Action.

Oxford Business Group (2022). Agri-tech and Food Security in the GCC: COVID-19 Response Report.

Popovska, B. (2019). Growing Plants Without Soil in Sudan. 22 July. Rome: WFP.

The United Arab Emirates, Ministry of Health and Prevention (2022). MoHAP to Develop New Plan for the National Programme to Combat Obesity in Children and Adolescents. 6 April.

United States Agency for International Development (USAID) (2022). West Bank and Gaza – Complex Emergency. Fact Sheet #3, fiscal year 2022.

World Food Programme (WFP) (2020). State of School Feeding Worldwide 2020. Rome: WFP.

__________ (2021). Debt-for-Food Swaps. Debt Swap Task Force.

World Trade Organization (WTO) (2018). Trade Policy Review: Report by the Secretariat – Egypt.