ضمان تمتّع الجميع
بأنماط عيش صحية
وبالرفاهية في
جميع الأعمار

تحميل الفصل

ألف. مقدمة

تحرز المنطقة العربية عموماً تقدماً جيداً على مسار الهدف 3 من أهداف التنمية المستدامة. وقد حققت مكاسب في عدد من المؤشرات الصحية، مثل عدد وفيات الأمهات والرضع، والإصابة بالسل، والحصول على اللقاحات. ولا تزال تواجه صعوبات في مجالات عدة مثل التغطية الصحية الشاملة، والصحة الجنسية والإنجابية، والحصول على الرعاية الصحية بكلفة ميسورة. كما أن عبء الأمراض غير السارية ثقيل، ويتزايد في جميع أنحاء المنطقة.

أوجه عم المساواة عميقة في قطاع الصحة، بين البلدان وداخلها، مردّ معظمها نوع الجنس، والجغرافيا، ومستويات التعليم والفقر، وحالة الهجرة. وتؤدي الصراعات التي طال أمدها، والتهجير القسري والاحتلال، إلى تعطيل النُّظم الصحية، فتترتّب عليها عواقب مباشرة كبيرة على السكان، ولا سيما النساء والفتيات. وتلحق هذه العوامل مجتمعة أضراراً بالصحة النفسية والرفاه، والصحة الإنجابية وصحة الأم، والتغذية، والتعرض للأمراض غير السارية. ويضاف إلى ذلك تزايد حالات الإصابات الطويلة الأجل1.

تأثير جائحة كوفيد-19 والأزمات العالمية

أظهرت جائحة كوفيد-19 بوضوح أن الأشخاص المهمشين قبل انتشار الفيروس كانوا أكثر عرضة للإصابة بالعدوى. ومن الأمثلة على ذلك العمال الذين لا يستطيعون البقاء في منازلهم والعمال المهاجرون الذين يعيشون في ظروف سكنية صعبة. وقد عرّض عدم المساواة بين الجنسين، من حيث الدخل والإلمام بالقراءة والكتابة والوصول إلى الإنترنت والقدرة على الحجر الصحي، النساء لمزيد من المخاطر الصحية. وغالباً ما أغفلت تدابير الاستجابة هذه العوامل.

وقد أحدثت الجائحة ضغطاً شديداً على النُّظُم الصحية، وكشفت عن نقاط الضعف في البنية الأساسية وعن أوجه القصور في التمويل والمعدات والقوى العاملة. وظهر واضحاً في البلدان التي تشهد صراعات مثل الجمهورية العربية السورية، والعراق، واليمن، وتلك الواقعة تحت الاحتلال كدولة فلسطين، ، حيث أمعنت الجائحة في زعزعة استقرار النُّظُم الصحية الضعيفة أصلاً. وظهر تفاوت صارخ في توزيع لقاح كوفيد-19، إذ أعطت البلدان المرتفعة الدخل مثل الإمارات العربية المتحدة 264 جرعة لكل 100 شخص مقابل 4 جرعات لكل 100 شخص في اليمن.

وأجبرت الموارد المالية المحدودة بعض البلدان على تحويل التمويل من المجالات الصحية الأساسية، كالأمراض غير السارية والصحة الإنجابية والصحة النفسية، إلى جهود الاستجابة الفورية لكوفيد-19. فشكل ذلك تهديداً شديداً لصحة سكان المنطقة عموماً.

وفي الآونة الأخيرة، أثرت الحرب في أوكرانيا والتضخم العالمي المتزامن معها على توفر مواد الرعاية الصحية الحيوية، بما فيها الأدوية والمعدات الطبية، والقدرة على تحمل تكاليفها.

المصادر:Dejong and Fahme, 2021; CNN COVID-19 vaccine tracker, accessed on 23 October 2023.

نَهج الصحة الواحدة

تشكل الأمراض الحيوانية المصدر، مثل كوفيد-19، خطراً كبيراً على الصحة العالمية. وتوفر عوامل كزيادة تنقل البشر، والسفر والتجارة الدوليين، والتوسّع العمراني، وتغيّر المناخ أرضاً خصبة لانتقال الأمراض بين الحيوانات والبشر وسرعة انتشارها عبر الحدود. وتتطلب الإدارة الفعالة للمخاطر التي تهدّد الصحة في إطار التفاعل بين الإنسان والحيوان والنظام الإيكولوجي اتباع نهج الصحة الواحدة الذي يتميّز بالتكامل عبر القطاعات والتخصصات المتعددة. ويسمح هذا النهج بتكوين مفهوم كامل عن دوافع المرض ويدعو إلى وضع استراتيجيات مناسبة لإدارة المخاطر الصحية الناشئة عن التفاعل بين الإنسان والحيوان والنظام الإيكولوجي.

هذا وطبّقت قطر بفعالية نهج الصحة الواحدة للتحقيق في الأمراض الحيوانية المصدر مثل فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية وغيرها. وهي تعمل حالياً على وضع خطة وطنية، في سياق رؤية قطر الوطنية 2030، لدعم أنشطة الصحة الواحدة والنهوض بها بشكل أفضل، وتجنب المخاطر الصحية الناشئة عن التفاعل بين الإنسان والحيوان والنظام الإيكولوجي، وإدارتها.

المصادر: Centers for Disease Control and Prevention, 2023; Bansal and others, 2023; Sharek, 2023.

ما تقوله البيانات

البيانات في هذا القسم مستمدة من المرصد العربي لأهداف التنمية المستدامة التابع للإسكوا، ما لم يذكر خلاف ذلك (اطلع عليها في 24 كانون الثاني/يناير 2024).
خفّضت المنطقة العربية معدل وفيات الأمهات، ولكنه لا يزال مرتفعاً، إذ يقارب ضعف الهدف العالمي البالغ 70 حالة لكل 100,000 ولادة حية. ويزداد هذا الواقع صعوبة في أقل البلدان نمواً، حيث تلد أقل من امرأة واحدة من كل ثلاث نساء من دون مساعدة مختصة من القطاع الصحي.
يتناقص معدل المواليد لدى المراهقات ببطء في المنطقة (43.6 لكل 1,000 فتاة مراهقة من الفئة العمرية 15-19 سنة في عام 2023، انخفاضاً من 52.7 في عام 2015)، لكنه لا يزال أعلى من المتوسط العالمي (41.3 لكل 1,000)، لا سيما في أقل البلدان نمواً.
انخفضت معدلات وفيات المواليد في المنطقة إلى 16.5 لكل 1,000 ولادة حيّة ووفيات الأطفال دون 5 سنوات إلى 34.4 لكل 1,000 ولادة حية في عام 2021. لكن هذه المعدلات لا تزال أعلى من الأهداف العالمية. يقارب معدل الوفيات في أقل البلدان نمواً ضعف المعدل الإقليمي لكلا المؤشرين.
تتحسن التغطية الصحية الشاملة بوتائر مختلفة، ولكن المتوسط الإقليمي لا يزال أدنى من المتوسط العالمي. ويستفيد حوالى شخصين من كل ثلاثة أشخاص (63 في المائة في عام 2021) من التغطية الصحية الشاملة. وكان التقدم صعباً في أقل البلدان نمواً والبلدان التي تشهد صراعات.
تنخفض الوفيات بفعل الأمراض غير السارية2 ببطء في المنطقة (من 16.2 في المائة في عام 2015 إلى 14.7 في المائة في عام 2019). وتصيب هذه الأمراض الرجال أكثر بقليل من النساء (16.5 في المائة مقابل 12.7 في المائة في عام 2019).
يبلغ الإنفاق على الصحة من الأموال الخاصة في المنطقة ضعف المتوسط العالمي (31.3 في المائة مقارنة بنسبة 16.4 في المائة في عام 2020)3. وترتفع هذه النسبة في أقل البلدان نمواً وتنخفض في بلدان مجلس التعاون الخليجي.
لا تزال المنطقة بعيدة عن تحقيق وصول الجميع إلى خدمات الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية، بما في ذلك خدمات تنظيم الأسرة. وقد ارتفعت نسبة النساء في سن الإنجاب اللواتي حصلن على خدمات تنظيم الأسرة بطرق حديثة (من 61.4 في المائة في عام 2010 إلى 64.1 في المائة في عام 2023)، ولكنها لا تزال أدنى من المتوسط العالمي (77.6 في المائة). وفي هذا الشأن تحديات في بلدان مجلس التعاون الخليجي (52.5 في المائة) وأقل البلدان نمواً (39.3 في المائة).
تتعادل نسبة الحصول على اللقاحات في المنطقة مع المتوسط العالمي أو تتجاوزه في حالة اللقاح المضاد للدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي، ولقاح الحصبة واللقاح المتقارن المضاد للمكورات الرئوية، ولكن ليس لفيروس الورم الحليمي البشري.
تكافح أقل البلدان نمواً جاهدة ضدّ الملاريا. فمعدل الإصابة أعلى من المتوسط العالمي، وما أنفكّ يرتفع منذ عام 2015.
تتباين اتجاهات تعاطي الكحول على نحو ضار بين البالغين. فمنذ عام 2010، ازداد تعاطي الكحول في المغرب العربي وارتفع قليلاً في بلدان مجلس التعاون الخليجي بينما انخفض في المشرق العربي وأقل البلدان نمواً. وتَبيّن أن نسبة التعاطي أعلى بين الرجال. لكن المتوسط الإقليمي (0.4 لتر في عام 2019) يظلّ ضئيلاً بشكل عام مقارنة بالمتوسط العالمي (5.5 لتر).
تُعتبر الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء مصدر قلق متزايد. ولا تزال الوفيات الناجمة عن المياه والمرافق الصحية غير المأمونة تشكل خطراً كبيراً في أقل البلدان نمواً والبلدان التي تشهد صراعات.
تتجاوز الوفيات الناجمة عن حوادث المرور في المنطقة (20.2 لكل 100,000 من السكان في عام 2019) المتوسط العالمي (16.7 لكل 100,000). وضحايا الحوادث من الرجال يفوق بثلاثة أضعاف عدد الضحايا من النساء.
تتراجع قدرة المنطقة على الوقاية من الأخطار التي تهدّد الصحة العامة ومن الأزمات الحادة، وكشفها وتقييمها والتبليغ عنها والتصدي لها، حسب النُّظُم الصحية الدولية، منذ عام 2016، وهي تعادل حالياً المتوسط العالمي 4 ، علماً أن القدرة في أقل البلدان نمواً منخفضة جداً.
لا تزال الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية أقل بكثير من المتوسط العالمي، حيث تبلغ 0.036 إصابة جديدة لكل 1,000 من السكان غير المصابين مقابل 0.192 على مستوى العالم في عام 2021. لكن الاتجاه تصاعدي، خاصة بين الشباب من الفئة العمرية 15-24 سنة في بلدان مجلس التعاون الخليجي، التي سجلت 0.104 إصابة جديدة لكل 1,000 من السكان غير المصابين في عام 2021، مقابل 0.065 في عام 2015.
للاطلاع على أحدث البيانات الخاصة بالهدف 3 على المستويين الوطني والإقليمي وتحليل مدى توفرها، يرجى زيارة المرصد العربي لأهداف التنمية المستدامة التابع للإسكوا.

وصولاً إلى عام 2030: نُهُج السياسات المقترحة لتسريع التقدم في تحقيق الهدف 3

تحسين استهداف نُظم التأمين الصحي المدعومة وسواها من تدابير السياسة الصحية استناداً إلى المزيد من البيانات المحسّنة والمفصّلة، وتوسيع نطاق برامج التأمين الصحي الإلزامي.
تحسين البنية الأساسية لمراكز الرعاية الصحية الأولية في المناطق الريفية والنائية ومخيمات اللجوء مع تقديم حوافز للعاملين المؤهلين في مجال الصحة لتشجيعهم على العمل في تلك المواقع.
تعزيز نُظُم الصحة الرقمية ونُظُم المعلومات الصحية وتطوير قوانين الصحة الرقمية والمعايير التنظيمية لتحصين أمن البيانات وقابلية التداول بها.
تسريع برامج اعتماد المؤسسات الصحية، وتنظيم قطاع الرعاية الصحية الخاص، وبناء شراكات بين القطاعين العام والخاص لتلبية الحاجات إلى خدمات صحية جيدة النوعية وسريعة الاستجابة وميسورة الكلفة.
استحداث برامج لتحسين حوكمة القوى العاملة في المجال الصحي، وتنظيمها وجمع المعلومات عنها وتطوير مهاراتها، بهدف تطوير إعداد اختصاصيي الصحة وسبل استبقائهم.
دعم التنفيذ المتكامل لبرامج وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية وتعزيز آليات التنسيق بين مختلف مقدمي الخدمات (الحكومة والقطاع الخاص وشركاء التنمية والمجتمع المدني).
تعزيز استجابة السياسات للأمراض غير السارية وتنسيق السياسات وإنفاذها بهدف الوقاية والرقابة بفعالية أكثر.
تطبيق سياسات الصحة النفسية، وزيادة التمويل للخدمات ذات الصلة، وتنفيذ أنشطة لدعم الصحة النفسية والتثقيف بشأنها لإزالة الوصم حول هذا الموضوع.
تكثيف الجهود على المستوى الدولي لإنفاذ القانون الدولي الإنساني بهدف حماية نُظُم الرعاية الصحية والعاملين فيها من الاعتداءات التي تستهدفهم في الصراعات.

باء. مشهد السياسات المعنية بالهدف 3

يرتبط تحقيق الهدف 3 ارتباطاً وثيقاً بتحقيق سائر أهداف التنمية المستدامة التي تؤثر على العوامل الرئيسية للصحة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤثر الهدف 1 (القضاء على الفقر) والهدف 2 (القضاء على الجوع) تأثيراً كبيراً على محصلات الصحة. كما يشكّل الهدف 4 (التعليم الجيد) السلوكيات وأنماط الحياة فيخلّف تأثيرات كبرى على الصحة. أما الهدف 5 (المساواة بين الجنسين) فبالغ الأهمية لمعالجة الفوارق الصحية بين الجنسين، في حين يدعم الهدف 6 (المياه النظيفة والصرف الصحي) الوقاية من الأمراض. ويدعم الهدف 10 (الحد من أوجه عدم المساواة) مبدأ الإنصاف في الحصول على الرعاية من خلال التغطية الصحية الشاملة في إطار الرعاية الصحية الأولية. ويُعتبر الهدف 11 (المدن والمجتمعات المستدامة) أساسياً لتحسين البيئة المادية والاجتماعية، وتأمين الموارد اللازمة للصحة والرفاه. ويدعم الهدف 13 (العمل المناخي) نُظُماً صحية أكثر قدرة على التكيّف مع المناخ ومستدامة بيئياً، ويساعد على وضع الصحة في صميم سياسات التخفيف من آثار تغيّر المناخ. ويمكّن الهدف 16 (السلام والعدالة) المؤسسات الوطنية من وضع ورصد استجابات طموحة لأهداف التنمية المستدامة. ويحشد الهدف 17 (عقد الشراكات لتحقيق الأهداف) الشركاء لمتابعة الأهداف المعنية بالصحة ودعم تحقيقها5.



وقد أدرجت غالبية الدول العربية الحق في الصحة في دساتيرها6. واعتمدت جميعها تشريعات و/أو سياسات وخططاً وطنية متعلقة بالصحة. وفي مشهد السياسات المعنية بالهدف 3 في المنطقة قواسم مشتركة أكثر من الاختلافات، كما هو مبيّن في ما يلي.

تعمل معظم البلدان على توسيع نطاق تغطية خطط التأمين الصحي لتشمل المزيد من السكان. وقد شملت النُّهُج المعتمدة استعراض مستويات الدخل في إطار خطط التأمين الصحي المدنية المدعومة وتوسيع التغطية لتشمل المزيد من الفئات السكانية، مثل المهاجرين واللاجئين، وكبار السن، والعاطلين عن العمل، والعاملين لحسابهم الخاص، والعاملين في القطاع غير النظامي.

ففي جميع بلدان مجلس التعاون الخليجي، تقدم النُّظُم الصحية للمواطنين تأميناً صحياً مجانياً أو مدعوماً. وتتطور السياسة العامة بحيث تشمل التغطية السكان المهاجرين. ففي المملكة العربية السعودية، مثلاً، يقتضي نظام الضمان الصحي التعاوني لعام 1999 تغطية غير السعوديين كافة بالتأمين الصحي الإلزامي7. إلا أن رسوم الاشتراك وسبل التغطية، تتباين بين مواطنين أو مهاجرين8 أو بين عاملين في القطاع العام والقطاع الخاص، فتعوق التغطية الشاملة.

وتعمل البلدان المتوسطة الدخل على توسيع نطاق تغطية التأمين الصحي لتشمل الفئات المعرضة للمخاطر بدعم اشتراكها. فقانون التأمين الصحي الشامل في مصر لعام 2018، مثلاً، يؤمن تغطية للجميع باستثناء العسكريين9، والذين لا يستطيعون دفع رسوم الاشتراك يحصلون على رعاية صحية مجانية بتمويل من الحكومة. ومن المقرر تنفيذ هذا البرنامج على مدى 15 عاماً. أما الاشتراك فاختياري للمواطنين المصريين المقيمين في الخارج وللأجانب الذين يعيشون أو يعملون في مصر. وبحلول عام 2019، أصبحت التغطية بهذا البرنامج تشمل قرابة 56.9 مليون مصري، بعد أن كانت تشمل 51.1 مليون في عام 102015 وفي تونس، جرى توسيع نطاق تأمين الرعاية الصحية ليشمل الأسر ذات الدخل المنخفض والأشخاص ذوي الإعاقة والأطفال الذين لا معيل لهم، وذلك في إطار البرنامج الوطني لإعانة العائلات المعوزة11، بدون رسوم أو لقاء رسوم مخفضة.

ويجري اعتماد سياسات مماثلة في أقل البلدان نمواً. فقد سنّت جزر القمر ، مثلاً، قانوناً في عام 2017 بشأن نظام التأمين الصحي الوطني الإلزامي12 بدعم من الجهات المانحة13. ووسع الصندوق الوطني للتأمين الصحي في موريتانيا التغطية في عام 2019، لتشمل جميع المواطنين، ومنهم العاملون في القطاع غير النظامي، على أساس اختياري مقابل رسوم ثابتة. لكن هذا لا يزال بعيداً عن متناول أشدّ الناس فقراً بسبب الكلفة المرتفعة14.
تعمل البلدان من مستويات الدخل المختلفة على تعزيز نُظُم تقديم الرعاية الصحية الأولية على صعيد المجتمع المحلي، ، بما في ذلك في المناطق الريفية المحرومة من الخدمات ومخيمات اللاجئين، وذلك لتخفيف العبء عن المستشفيات العامة، وزيادة فرص الحصول على الخدمات الصحية الشاملة، وتحقيق التغطية الصحية الشاملة. ومن الجهود المبذولة على هذا الصعيد15، تطوير الهياكل الأساسية، ولا سيما بناء مرافق الرعاية الصحية الأولية وتجديدها، وتحسين شبكات الإحالة بين مراكز الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات.

وبنت المملكة العربية السعودية ، عملاً باستراتيجيتها الوطنية للصحة، عيادات جديدة وحدّثت المرافق القائمة، ما أدّى إلى تحسينات ملموسة في صحة الطفل والأم، وحالة الأمراض السارية وغير السارية، وخاصة في المجتمعات الريفية والنائية16.

وأنشأت الجزائر شبكة من 1,714 عيادة شاملة تقدم، في الحد الأدنى، الاستشارات الطبية، ومعالجة الأسنان، ورعاية الأمهات والأطفال، والرعاية التمريضية، وأنشطة التثقيف الصحي والوقاية، والتلقيح، ومعالجة حالات الطوارئ من الدرجة الأولى17. وفي لبنان، توسّعت شبكة الرعاية الصحية الأولية، فأصبحت تضمّ 212 مركزاً بحلول عام 2020. وقد مُنح النازحون السوريون إمكانية الوصول إلى هذه الخدمات بتمويل من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وتركز خطة الصحة 2025 في المغرب على تعزيز الرعاية الصحية الأولية، لا سيما في المناطق الريفية، مع التركيز على صحة الأم والطفل والتدخلات المتعلقة بالأمراض غير السارية. وتنطوي هذه السياسة على تطوير الهياكل الأساسية للرعاية الصحية، بما في ذلك إنشاء مراكز صحية جديدة، وتعزيز الحوكمة وتخصيص الموارد. وقد زادت من فرص الحصول على الخدمات، بواسطة الوحدات الطبية المتنقلة، وحسنت نوعية الرعاية في المرافق الأولية. وتشجع السياسة أيضاً الرعاية الصحية الوقائية من خلال حملات التوعية، ما يؤدي إلى سعي المزيد من الأشخاص للحصول على الخدمات الوقائية. وقد تجاوز مستوى التنفيذ الغايات المحدّدة18، مع ازدياد ملحوظ في الرعاية السابقة للولادة، وعدد زيارات الأطفال للرعاية، وتشخيص مرض السكري وعلاجه، وزيارات الرعاية الصحية الأولية في المناطق الريفية.

اعتُمد نموذج لصحة الأسرة يرتكز على فرق متعددة التخصصات تعمل داخل مراكز الرعاية الأولية، لا سيما في أقل البلدان نمواً وبعض البلدان المتأثرة بالصراعات، بهدف تعزيز صحة السكان العامة وتخفيف عبء الإنفاق من أموالهم الخاصة. ويحظى هذا النهج بالأولوية، مثلاً، في السياسة الصحية الوطنية للعراق (2014-2023)، وخارطة الطريق الأولى للصومال نحو التغطية الصحية الشاملة (2019-2023)، والخطة الاستراتيجية الوطنية لقطاع الصحة في السودان (2017-2020).
تواجه نُظُم التأمين الصحي المدعومة تحديات من حيث كفاءة الاستهداف. فغالباً ما لا تَستخدم معايير تحديد المستفيدين نُهُج المستحقات التي تم اختبارها من حيث الإمكانيات المادية استخداماً فعّالاً، مثل الإنفاق المكافئ المعدَّل حسب الأسر المعيشية أو تقييم الاحتياجات، لتحديد الفئات المستهدفة ومساعدتها بدقة. كما أن محدودية الوصول إلى بيانات دقيقة ومحدَّثة عن حالة السكان الصحية ومستويات دخلهم وحاجاتهم إلى الرعاية الصحية تعوق الاستهداف الفعال للتدخلات وتصميمها. ويؤدي ما تعاني منه النُّظُم الصحية من عدم كفاءة وتجزؤ إضافةً إلى ضعف التنسيق إلى ازدواجية الجهود وزيادة التكاليف.

المصدر: ESCWA, 2022b.
سعت الحكومة في موريتانيا، من خلال البرنامج الوطني للتحويلات الاجتماعية، "تكافل"، إلى معالجة ارتفاع نسبة الإنفاق على الصحة التي تتحمّلها الأسر من أموالها الخاصة (والتي شكلت قرابة 47 في المائة من الإنفاق الجاري على الصحة في عام 2020). فقدمت تحويلات نقدية إلى الأسر الأشد فقراً، للرعاية الصحية وللمشاركة في دورات التوعية. وعلى الرغم من أن هذه التدابير تهدف إلى توسيع نطاق التغطية ومواجهة صعوبات التمويل، يجدر عدم إغفال العوائق المحتملة لتحقيق جودة الرعاية والفعالية في الاشتراك والتنفيذ.

المصدر: WHO Global Health Expenditure database, accessed on 7 April 2023.
لا تزال الحاجة ماسّة إلى التمويل المستدام لتحسين الهياكل الأساسية لمراكز الرعاية الصحية الأولية في المناطق الريفية والنائية ومخيمات اللجوء، وضمان توفر العلاجات واللوازم الطبية، وتقديم حوافز للعاملين المؤهلين في مجال الصحة.

وفي كل البلدان العربية تقريباً باستثناء دولة فلسطين، تكون المناطق الريفية أكثر عرضة للحرمان من الرعاية الصحية. فسكان الريف يفتقرون إلى التغطية بالتأمين الصحي على مدى فترات طويلة وإلى فرص الحصول على خدمات معينة، مثل الفحوصات الخاصة بالأمراض المزمنة. ويؤول معظم الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية إلى المستشفيات الواقعة في المدن، ما ينشئ حالة من عدم التكافؤ في الاستفادة من الرعاية.

المصدر: ESCWA and Economic Research Forum, 2019.
واجهت الجهود المبذولة لتحسين الرعاية الصحية الأولية في السودان مصاعب من جراء عدم كفاية الأموال المحوّلة من الحكومة المركزية، وعدم تزويد مديريات الصحة بسياسات موثقة لإدارة التحوّل في القطاع الصحي. ومن المحتمل أن تؤدي الاضطرابات المديدة، لا سيما تصاعد العنف منذ أوائل عام 2023، إلى إعاقة كافة الجهود الجارية وتبديد التقدّم.

المصدر: استناداً إلى ما ذكرته وزارة الصحة الاتحادية في السودان، التقييم القطري المشترك للسودان، 2016.
تعتمد البلدان بمعظمها سياسات خاصة بالصحة الجنسية والإنجابية، وصحة الأم، وصحة الرُّضع والأطفال والمراهقين، لكنها بحاجة إلى نُهُج الخدمات المتكاملة19 لتحسين النتائج. وتظهر دراسة استقصائية عالمية أجرتها منظمة الصحة العالمية بشأن السياسات أن البلدان العربية، مع استثناءات قليلة، قد غطت ما بين 75 و99 في المائة من 16 مجالاً من مجالات السياسات ذات الصلة20. ومن المجالات المشمولة عادة تنظيم الأسرة ومنع الحمل؛ والرعاية قبل الولادة وأثناءها وبعدها؛ وصحة الطفل. وتشمل المجالات الأقل تغطية الوقاية من سرطان عنق الرحم ومكافحته، والنماء في مرحلة الطفولة المبكرة، وصحة المراهقين، والعنف ضد المرأة (يمكن الاطلاع على تشريعات مكافحة العنف ضد المرأة في الفصل الخاص بالهدف 5).

وفي معظم البلدان، لا تزال برامج الصحة الجنسية والإنجابية تدار في معزل عن نظام الرعاية الصحية الوطني. وقد تقع مسؤولية الاضطلاع بهذه البرامج ضمن الحكومة على عاتق وزارة غير وزارة الصحة. ويضطلع القطاع الخاص وشركاء التنمية ومنظمات المجتمع المدني بأدوار رئيسية في العديد من البلدان (مثل الأردن، والسودان، ودولة فلسطين، ولبنان، ومصر، والمغرب)، ما يؤدي إلى التجزؤ في تخطيط الخدمات وتنفيذها21.

تركز خدمات الصحة الجنسية والإنجابية المدمجة في الرعاية الصحية الأولية في معظم البلدان على الرعاية الصحية للأمهات وصحة الطفل وتنظيم الأسرة.22 وتقدَّم خدمات أساسية أخرى، مثل الكشف عن سرطان الأعضاء التناسلية والأمراض المنقولة جنسياً، في مرافق الرعاية الصحية الأولية في بعض البلدان، مثل الإمارات العربية المتحدة، وتونس، وعُمان، ودولة فلسطين، ولبنان، والمغرب. ويشمل بعضها أيضاً الخدمات المتصلة بمنع العنف على أساس الجنس ومعالجته؛ وفي لبنان، تقدم هذه الخدمات في إطار برامج المساعدة الإنسانية23. وتُدمج الخدمات الخاصة بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز في خدمات الصحة الجنسية والإنجابية القائمة في مرافق الرعاية الصحية الأولية في عدد قليل من البلدان، بما فيها الإمارات العربية المتحدة وتونس وعُمان والمغرب. وعُمان هي البلد الوحيد الذي يدمج جميع عناصر الصحة الجنسية والإنجابية في خدمات الرعاية الصحية الأولية، ما يعزز الاستخدام الأمثل للموارد البشرية والمالية وموارد البنية الأساسية24.

لا يزال التركيز في أقل البلدان نمواً منصبّاً على الحد من حالات الاعتلال والوفيات المتصلة بالصحة الجنسية والإنجابية. ومن الأمثلة على ذلك استراتيجية جيبوتي الجديدة لعام 2021، التي تشدد على بناء القدرات وعلى الحوافز لتعزيز خدمات الصحة الجنسية والإنجابية. وتهدف استراتيجية الصومال 2019-2023 إلى الحد من أوجه عدم المساواة داخل البلد وتحسين الوصول إلى هذه الخدمات كجزء من الرعاية الأولية.

وتعتمد معظم بلدان المنطقة خططاً أو استراتيجيات أو برامج خاصة بتنظيم الأسرة وغيرها من الحقوق الإنجابية، ولكن هذه الخطط ليست دائماً مدعومة بإطار قانوني مناسب. فلدى الأردن، وتونس، ومصر، والمغرب، مثلاً، خطط أو استراتيجيات أو برامج لتنظيم الأسرة، وهي تبذل جهوداً لضمان الوصول إلى مجموعة واسعة من وسائل تنظيم الأسرة. إلا أنها لا تملك أنظمة تضمن حصول المرأة على وسائل منع الحمل. كما يحظّر قانون العقوبات في الجمهورية العربية السورية الإعلان عن وسائل منع الحمل أو الترويج لها أو بيعها أو شرائها واستخدامها. ومع ذلك، تلتزم الاستراتيجيات والخطط الإنمائية الوطنية ذات الصلة بتنظيم الأسرة.

وليس الإجهاض عند الطلب قانونياً إلا في تونس. وهو مسموح به في بعض البلدان استناداً إلى أسس قانونية معينة، مثل إنقاذ حياة المرأة، والحفاظ على صحتها النفسية أو البدنية، وفي حالات الاغتصاب أو سفاح القربى، وإصابة الجنين بإعاقة. أما الرعاية بعد الإجهاض فغير متوفرة في البلدان حيث الإجهاض غير قانوني26,25.

ولا توجد لدى العديد من البلدان سياسات تلبي كامل احتياجات الصحة الجنسية والإنجابية للمراهقين والشباب، ولا سيما الشابات، والشباب في المناطق الريفية، والشباب ذوي الإعاقة27. وحيثما وجدت هذه السياسات، تثني صعوبات عن الحصول على الرعاية وتحقيق النتائج المرجوة منها، كالأعراف والمحرمات الاجتماعية والثقافية، وديناميات القوة وعدم المساواة بين الجنسين، وحالات الصراع وعدم الاستقرار. والجدير بالذكر أن تونس اعتمدت في عام 2019 استراتيجيتها الوطنية لتعزيز صحة المراهقين والشباب. وفي عام 2020، أنشأت شبكة من العيادات الصديقة للشباب لتسهيل وصولهم إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية.

كان إدماج التربية الجنسية في المناهج الدراسية بطيئاً. وثمة سياسات بهذا الشأن في بعض البلدان، كما في تونس، والجمهورية العربية السورية، وفلسطين، ولبنان. ففي عام 2010، أصدر لبنان مرسوماً لإدخال تعليم الصحة الإنجابية ومنهج المساواة بين الجنسين في المدارس، لكن التنفيذ لا يزال متأخراً28.

تعتمد معظم البلدان سياسات ومبادئ توجيهية وطنية تدعم الرعاية العالية الجودة التي تضطلع بها القابلات، بالإضافة إلى برامج تعليمية وتدريبية للقبالة السليمة. إلا أنها تحد من نطاق التدخلات التي يُسمح للقابلات بتقديمها، على الرغم من أن المعايير العالمية تسمح لهن بإجراء معظم تدخلات الصحة الجنسية والإنجابية. ونظراً لهذه القيود والنقص في أعداد مقدمي الرعاية والخلل في التوزيع، لا سيما بين المناطق الريفية والنامية، لا تستوفي المنطقة سوى ما تقديره 79 في المائة من الحاجات إلى التدخلات الأساسية في مجال الصحة الجنسية والإنجابية. ويبلغ النقص مستوى حاداً في أقل البلدان نمواً والبلدان التي تشهد صراعات29.
لا تشمل خدمات الصحة الجنسية والإنجابية الشباب والرجال في مرافق الرعاية الصحية الأولية التي تركز على النساء والأطفال.

وكثيراً ما تعوق الأعراف الاجتماعية والثقافية النساء والأزواج عن اتخاذ قرارات حرة ومسؤولة بشأن تنظيم الأسرة ومنع الحمل. فغالباً ما تتوقف الخيارات على عوامل مثل التعليم ومستوى الدخل والمنطقة الجغرافية.

وتختلف إمكانية الحصول على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية وجودتها تبعاً للطبقة الاجتماعية وحالة النزوح والموقع الجغرافي والوضع العائلي، مع استمرار حرمان الشباب غير المتزوجين من الخدمات والتعليم في مجال الصحة الجنسية والإنجابية.

وتنجم مشاكل جديدة في مجال الصحة الجنسية والإنجابية عن المخاطر الناشئة عن الصراعات والنزوح القسري في البلدان المتأثرة بأزمات طويلة (الهدف 5).

والبيانات الموثوقة حول الصحة الجنسية والإنجابية محدودة في أقل البلدان نمواً. ففي بعض الحالات، كما في السودان، تسهم الأعراف الثقافية والوصم الاجتماعي وتشدّد التقاليد في ندرة الأدلة على المؤشرات الصحية الهامة، وتعوق الجهود الرامية إلى التصدي للممارسات الضارة، مثل تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.

المصادر: UNFPA and MENA Health Policy Forum, 2017; UNICEF, 2021.
لمعالجة العبء المتزايد المتأتي من الأمراض غير السارية، وضعت عدة بلدان عربية استراتيجيات أو خطط عمل متعددة القطاعات لمختلف الأمراض وعوامل الخطر الشائعة، بما فيها النُّظُم الغذائية غير الصحية، وأنماط الحياة الخاملة، والتدخين وتعاطي الكحول. أما البلدان التي لا توجد فيها سياسات متكاملة فهي في معظمها أقل البلدان نمواً أو التي تشهد صراعات، ولا سيما الجمهورية العربية السورية، وجيبوتي، والسودان، والصومال، وليبيا، واليمن. وأما الأردن لا يملك سياسة متكاملة31,30 لكنه يراقب الأمراض غير السارية وعوامل الخطر ذات الصلة .

ومن النُهج الشائعة إدخال علاج الأمراض غير السارية إلى مراكز الرعاية الصحية الأولية، على النحو المنصوص عليه في خطة العمل الوطنية في العراق للوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها (2013-2017) وخطة لبنان للوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها (2016-2020). وقد وضعت تونس وأقرّت استراتيجية متعددة القطاعات للوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها (2018-2025) بهدف تعبئة الموارد من أجل الوصول العادل إلى التشخيص والعلاج المبكرين. واعتمدت جزر القمر مؤخراً سياسة وطنية لمكافحة الأمراض غير السارية (2020-2029)، مع التركيز على الوقاية من مرض السكري وتغطية علاجه32.

وتركز البرامج بوضوح على تعزيز أنماط الحياة الصحية في بلدان مجلس التعاون الخليجي، حيث الأمراض غير السارية مسؤولة عن قرابة 75 في المائة من مجموع الوفيات والإعاقات33. فعلى سبيل المثال، يركّز البرنامج الوطني لحياة صحية في الكويت (2013-2017) على السمنة ومرض السكري. ونفذت المملكة العربية السعودية في عام 2018 استراتيجية شاملة تُعنى بالأكل الصحي كجزء من جهودها الأوسع لتشجيع الحياة الصحية. وأطلقت الحكومة استراتيجية 2030 لمكافحة السمنة والوقاية منها، تحدد أهدافاً وطنية للحد من السمنة بنسبة 3 في المائة والسكري بنسبة 10 في المائة بحلول عام 2030.
لا يزال الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والأدوية للأمراض غير السارية صعباً على اللاجئين. ففي الأردن، ارتفعت نسبة اللاجئين السوريين الذين يعانون من هذه الأمراض وغير القادرين على الحصول على خدمات الرعاية الصحية والأدوية بسبب ارتفاع الكلفة من 24 في المائة في عام 2014 إلى 58 في المائة في عام 2015.

المصدر: التقييم القطري المشترك للمملكة الأردنية الهاشمية، 2017.

وجميع الدول، باستثناء الصومال ودولة فلسطين، هي أطراف في اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2005؛ ويبقى على المغرب التصديق عليها34. غير أن التنفيذ يقتصر على بعض البلدان، ويتباين كثيراً في ما بينها35، فلا يرقى إلى المقصد 3-أالذي يدعو إلى تعزيز التنفيذ. وتقتضي الاتفاقية من الأطراف اتخاذ تدابير لتخفيض العرض والطلب على حد سواء. ومن الالتزامات العامة اعتماد استراتيجية وطنية شاملة متعددة القطاعات لمكافحة التبغ؛ لم تحرز جزر القمر ولبنان تقدماً على هذا الصعيد36. وتشمل بعض تدابير الاتفاقية التي تم الأخذ بها ما يلي37:
فرض ضرائب على السجائر: فرضت جميع البلدان التي تتوفر عنها بيانات38 ضرائب على السجائر للحد من وفرتها بكلفة ميسورة. ولم تحدد سوى أربعة بلدان، هي الأردن، ومصر39، ودولة فلسطين، والمغرب، معدل الضريبة بما يعادل أو يزيد عن 75 في المائة من سعر التجزئة، وهو المعدل الذي ثبتت فعاليته في الحد من الطلب على منتجات التبغ. وتنجح الضرائب في ردع الشباب، فهم أكثر تأثراً من البالغين بارتفاع الأسعار.
منع التدخين في الأماكن العامة: منعت ست دول، هي الأردن، والعراق، ودولة فلسطين، ولبنان، وليبيا، ومصر، التدخين منعاً تاماً في الأماكن العامة. أما البلدان الأخرى فمنعته جزئياً أو لم تمنعه على الإطلاق. وأما الامتثال فمنخفض إلى معتدل نسبياً في الغالب.
وضع تحذيرات صحية على علب السجائر: تشترط خمسة بلدان (جيبوتي، وقطر، ومصر، والمملكة العربية السعودية، وموريتانيا) إدراج تحذيرات صحية واضحة ذات خصائص محددة على علب السجائر40. وتشترط المملكة العربية السعودية التغليف البسيط، وهي سياسة تلغي الميزات الترويجية والتسويقية والإعلانية على علب التبغ. وقد أدخلت بلدان أخرى تحذيرات لا تتوافق تماماً مع المعايير المناسبة.
منع الإعلان عن التبغ أو الترويج له أو رعايته: فرضت عدة بلدان (الأردن، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والجزائر، وجيبوتي، والسودان، والعراق، ودولة فلسطين، وقطر، والكويت، وليبيا، والمملكة العربية السعودية، وموريتانيا، واليمن) حظراً على جميع أشكال الإعلان المباشر وغير المباشر. أما البلدان الأخرى فلديها حظر ولكنه ليس شاملاً.
تنفيذ حملات إعلامية: نفذت خمسة بلدان (الأردن، والبحرين، وتونس، ودولة فلسطين، والمغرب) مؤخراً41 حملات إعلامية لتثقيف الجمهور حول الآثار الضارة لتعاطي التبغ والتدخين غير المباشر، دامت ما لا يقل عن ثلاثة أسابيع وخضعت لمعايير محددة42. ونظّمت بلدان أخرى حملات إعلامية لا تتبع هذه المعايير تماماً.
تحسين الوصول إلى خدمات الإقلاع عن التدخين: أنشأت قطر خط مساعدة وطني لمساندة أولئك الذين يسعون إلى الإقلاع عن التدخين، إلى جانب موقع إلكتروني إعلامي وخيارات متنوعة للعلاج ببدائل النيكوتين. وأسفر برنامج مكافحة التدخين في المملكة العربية السعودية، المقدَّم في عيادات التدخين، عن نجاح ما يقرب من 30 في المائة من المشاركين في الإقلاع عن التدخين في عام 432019.
في ما يتعلق بالأمراض غير السارية، لا يزال هناك ضرورة لبذل المزيد من المساعي لتعزيز استجابة السياسات وجهود الإنفاذ والإجراءات المتعددة القطاعات. ومن الأهمية بمكان توطيد التعاون مع قطاعات مثل التعليم والزراعة والنقل والتخطيط الحضري والتمويل. فالوقاية لا تقتصر على قطاع الصحة، والتنسيق مطلوب لمعالجة العوامل الهيكلية والبيئية التي تؤثر على هذه الأمراض.

والفجوات واضحة في التمويل الحكومي، كما الافتقار إلى التدابير التنظيمية لتعزيز النُّظُم الغذائية الصحية، ولا سيما في البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل. وما زالت هناك إمكانيات غير مستغَلة لاستخدام الصحة الرقمية للمراقبة. فنُظُم البيانات المجزأة تعوق إعداد التقارير والإدارة الفعالة.

ولا بد أيضاً من تحسين رصد برامج وسياسات التدخل وتقييمها. فذلك يعزز توفر البيانات وملاءمتها، ويرشد تصميم البرامج والسياسات على نحو أفضل.

وتبرز الحاجة إلى إعادة توجيه الخدمات نحو الأمراض غير السارية، ويمكن إدارتها عن طريق تعزيز مهارات وأعداد وتشكيلة العاملين في مجال الرعاية الصحية الأولية، وإدماج الوقاية والتدبير العلاجي في خدمات الرعاية الموجودة.

والمنطقة متأخرة على مسار التدخلات التي تعالج المحددات التجارية للصحة وتحدث فرقاً في مجالي التغذية والأمراض غير السارية. ويتطلب ضبط دور وسائط الإعلام في تسويق الأغذية غير الصحية للشباب إجراءات محدّدة على مستوى السياسة العامة.

المصدر: Abdul Rahim and others, 2014.
وضعت عدة بلدان استراتيجية أو سياسة وطنية للصحة الرقمية/الصحة الإلكترونية لإضفاء الطابع المؤسسي على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل الصحة والرفاه. وهي تشمل البحرين، والسودان، وقطر، ومصر، والمملكة العربية السعودية44. وضمّنت عُمان استراتيجية الصحة الرقمية في استراتيجيتها الصحية الوطنية. ويتباين التقدم في التنفيذ بين بلد وآخر45.

وتعمل بلدان أخرى، وتحديداً الصومال، ودولة فلسطين، الكويت، ولبنان، وليبيا، على وضع استراتيجيات للصحة الرقمية46.وقد وضع لبنان رؤية للتحول الرقمي للقطاع الصحي تمهد الطريق لاستراتيجية وخطة عمل شاملة للصحة الرقمية، مقرونة بالنتائج وأُطُر الرصد والتقييم. وتسترشد هذه الرؤية بالاستراتيجية الوطنية للصحة التي جرى إطلاقها في أوائل عام 2023. ومن التوجهات الاستراتيجية تعزيز النظام الوطني للمعلومات الصحية بهدف بناء قدرة الرعاية الصحية على الصمود والتكيّف47، وتقديم خدمات محدّدة الأهداف أكثر كفاءة وفعالية.

وقد أحرزت عدة بلدان تقدماً في استخدام حلول الصحة الرقمية كجزء من الاستجابة لكوفيد-19. غير أن هذا الاستخدام كان محدوداً قياساً إلى ما تختزنه الصحة الرقمية من إمكانيات في تحسين النُّظُم وتقديم الخدمات الصحية. ومن الأمثلة48:

استخدام التطبيب عن بعد، وهو أداة لتقديم خدمات الرعاية الصحية، في الغالب من قبل القطاع الخاص في مختلف البلدان، بما فيها مصر والمملكة العربية السعودية، وسواها، للاستشارات عبر الإنترنت، وإحالة المرضى، والتشخيص، ورعاية المرضى المقيمين في المستشفى وتدبير علاجهم.
استخدام تطبيقات الهاتف المحمول، مثل التطبيق الإلكتروني الخاص بصحة الأم والطفل وتطبيق الأمراض غير السارية، في الأردن، والجمهورية العربية السورية، وفلسطين، ولبنان، لتشخيص الأمراض وتدبير العلاج.
استخدام التتبع الإلكتروني للمخالطين في تونس.
نشر قوائم جرد وسجلات إلكترونية في السودان لدعم إيصال الأدوية إلى المنازل، ولا سيما لمن يعانون من أمراض غير سارية.

في بلدان مجلس التعاون الخليجي، سبقت رقمنة نُظُم الرعاية الصحية جائحة كوفيد-19 وحققت بالفعل فوائد كبيرة، بما في ذلك تحسين جودة الرعاية الصحية وأداء الأطباء، ومراقبة صحة المرضى بشكل أدق، وتحسين التدبير العلاجي للأمراض المزمنة والتشخيص والرعاية الوقائية. وكانت هذه التقنيات مفيدة في إدارة الأزمات أثناء الجائحة، إذ أتاحت اتخاذ قرارات تعتمد على البيانات وتخصيص الموارد بكفاءة. وترد في ما يلي أمثلة على تدابير لتعزيز الصحة الرقمية.

تضع الاستراتيجية الوطنية للصحة الإلكترونية وإدارة البيانات (2016-2020) في قطر معايير وسياسات لتحسين منظومة الصحة الإلكترونية، وضمان توفر معلومات صحية رقمية عالية الجودة، وتحصين سلامة المرضى ومشاركتهم في إدارة صحتهم.
يخطط برنامج تحول القطاع الصحي في المملكة العربية السعودية49، في إطار رؤية 2030، لإعادة هيكلة ورقمنة القطاع الصحي وتعزيز جودة الرعاية من خلال توسيع خدمات الصحة الإلكترونية. وتوفر مجموعة من التطبيقات، بما فيها "صحتي" و"صحة" و"موعد" و"وصفتي" و"تباعد"، برامج افتراضية فعالة مثل الاستشارات الصحية والعيادات المتخصصة وخدمات الرعاية المنزلية الافتراضية.
استثمرت الإمارات العربية المتحدة في التكنولوجيا والبنية الأساسية الصحية الرقمية. وتربط منصة "ملفي"، وهي منصة لتبادل المعلومات الصحية أطلقتها دائرة الصحة في أبوظبي، قطاع الرعاية الصحية بأكمله، إذ تربط المستخدمين، ومجموعهم 45,000 مستخدم بالمستشفيات و2,000 مرفق للرعاية الصحية من القطاعين العام والخاص.
تثني عن استخدام التكنولوجيا الرقمية مخاوف بشأن البيانات ومخاطر يتعرض لها الناس والنُّظُم الصحية من جراء الصراعات والاضطرابات السياسية.

ومن العوامل التي تحدّ من تأثير الاستثمارات في الصحة الرقمية ضعف أو تجزؤ الحوكمة الرقمية في معظم البلدان، وعدم توفر خطط وسياسات ومعايير وطنية للهندسة الرقمية لتحقيق قابلية التشغيل البيني، وضعف التخطيط الاستراتيجي.

وضعف الشراكات بين القطاعين العام والخاص في تنفيذ مشاريع الصحة الرقمية في العديد من البلدان يجعل من القطاع الخاص الجهة الرئيسية في تقديم الخدمات، ولكن على نحوٍ يفتقر إلى الإشراف والتنسيق، ما يؤدي إلى المزيد من التجزؤ.

ويحدّ ضعف القدرات الوطنية لإدارة الصحة الرقمية من إمكانية تنفيذ حلول مناسبة لظروف البلدان. وقد تكون في اللغة، والعوامل الاجتماعية والاقتصادية، وحالة الإعاقة والإلمام بالتكنولوجيا الرقمية، عوائق لا بد من الأخذ بها عند تطوير التطبيقات.

المصدر: WHO, 2022a.
تواصل معظم البلدان توسيع قدرات نُظُمها لجمع البيانات الصحية وإدارتها. وهذه الجهود هامة لمكافحة الأمراض السارية وغير السارية، وتوجيه تخطيط البرامج الصحية القائمة على الأدلة وصنع السياسات. ولا يزال تجميع البيانات الصحية الجيدة يشكل تحدياً للعديد من البلدان المتوسطة الدخل وأقل البلدان نمواً بسبب تحديات التنسيق على مستوى الحكومات، وتجزؤ نُظُم المعلومات الصحية، وانخفاض القدرات البشرية والتقنية. وترد في ما يلي بعض الأمثلة على الجهود المبذولة لتعزيز جمع البيانات الصحية وإدارتها.

تواصل تونس توسيع تغطية نظام المعلومات المتعلقة بأسباب الوفاة وتحسين نوعية البيانات المسجلة. فمن خلال التعاون مع مختلف الشركاء والجهود النشطة لجمع البيانات، ارتفع معدل التغطية من 40 في المائة في عام 2017 إلى 61 في المائة في عام 2020. غير أن النوعية لا تزال عند مستوى متوسط؛ ولا بد من تكثيف الجهود لتحقيق النتائج المتوخاة50.
تخطط وزارة الصحة في ليبيا، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، لتحسين إدارة المعلومات الصحية من خلال توسيع نطاق برمجيات المعلومات الصحية للمقاطعات لتصل إلى جميع البلديات51. ومع ذلك، تبرز الحاجة إلى مزيد من الإبلاغ الشامل، لا سيما في ضوء عدم وجود مستودع وطني للبيانات الصحية ومبادئ توجيهية موحدة لإدارة البيانات وتقييمها. وتشكل القيود المالية تحدياً كبيراً.
تشير التقارير إلى نظام معلومات صحية مجزأ في الصومال حتى عام 2017، عندما استُحدث برنامج المعلومات الصحية للمقاطعات لجمع البيانات الصحية والإبلاغ عنها وتحليلها. وعالجت خطة استراتيجية لنظام المعلومات الصحية للفترة 2018-2022 ثغرات الرصد. وبحلول عام 2021، أشارت التقارير إلى أنّ النظام أصبح محدّثاً وأكثر كفاءة في دمج رصد الأمراض وآليات الاستجابة وتوجيهات الصحة العامة.
وضعت جميع البلدان تقريباً52 على مدى العقد الماضي سياسة أو خطة و/أو تشريعات مستقلة بشأن الصحة النفسية، أو أدمجت الصحة النفسية في سياسات الصحة العامة53، اعترافاً بأهميتها كحق.

تُقدّم خدمات الصحة النفسية في الغالب مدمجةً في الرعاية الصحية الأولية. ويمكن أن يساعد ذلك على إزالة الوصم عن المرض النفسي، ولكنه قد يتطلب بناء القدرات والتدريب لتغيير المواقف القائمة على الوصم لدى اختصاصيي الصحة. وتقتصر خطط تمويل الصحة النفسية بشكل أساسي على الاشتراكات وعلى القوى العاملة في القطاع النظامي. وتجري تغطيتها في الغالب، شأنها شأن الخدمات الصحية الأخرى، من خلال نموذج مختلط من المدفوعات العامة والخاصة والمدفوعات من الأموال الخاصة54. وقد ظهر في بعض البلدان اتجاه إلى إخراج الرعاية الصحية النفسية من إطار الرعاية في المؤسسات. فقد نقلت الإمارات العربية المتحدة، ولبنان، والمغرب، والمملكة العربية السعودية خدمات الصحة النفسية إلى البيئات المجتمعية55.

وقد وضعت بعض أقل البلدان نمواً وتلك التي تشهد صراعات سياسة أو خطة و/أو تشريعات في مجال الصحة النفسية. غير أن مدى الفعالية موضوع للنقاش، نظراً لعدم كفاية الموارد البشرية والمالية المخصصة. وتُعتبر منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الجهات الفاعلة الرئيسية في هذا الميدان. ويكاد يكون الدفع مقابل خدمات الصحة النفسية من الأموال الخاصة بالكامل في معظم البلدان56.

ومن الأمثلة على السياسات والخطط والتشريعات المتعلقة بالصحة النفسية ما يلي:

الخطة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية (2017-2020) في الجزائر، والتي تركز على تدعيم الإطار التنظيمي للصحة النفسية، وتدريب العاملين في القطاع الصحي، وتطوير البحوث في مجال الصحة النفسية، وإنشاء نظام معلومات واتصالات خاص للصحة النفسية57.
استراتيجية الوقاية وعلاج الصحة النفسية واستخدام المواد المسببة للإدمان ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن (2015-2020)، والتي تعطي الأولوية لتعزيز الحوكمة الخاصة بالصحة النفسية وتوفير الخدمات المتعلقة بها للجميع في البيئات المجتمعية، وخاصة للفئات المعرضة للمخاطر. وهي تشدّد على أهمية البحوث المنسقة وتنفيذ الأنشطة الرامية إلى تعزيز الصحة النفسية والوقاية من الاضطرابات الناجمة عن تعاطي المخدرات58.
تأمين الدعم للصحة النفسية في إطار الرعاية الصحية الأولية في البحرين لتيسير الوصول إلى خدماتها والتخلّص من الوصم المرافق لطلب المساعدة في حالات الحاجة.
إصدار أول قانون للصحة النفسية في الكويت في عام 2019 (القانون رقم 14) لتحسين العلاج وإعادة التأهيل وحماية الأفراد الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية.
تطوير سياسة وطنية للصحة النفسية في الإمارات العربية المتحدة في عام 2019 لدعم الجهود العامة والخاصة الآيلة إلى تعزيز الرعاية الشاملة، بما في ذلك الخدمات الوقائية والعلاجية والتأهيلية. وقد أُقرّ مشروع قانون رعاية الصحة النفسية في عام 2021 لحماية حقوق الأشخاص الذين يطلبون هذه الرعاية وتيسير إعادة تأهيل المرضى النفسيين لدمجهم في المجتمع.
تشهد المنطقة ضعفاً في إنفاذ سياسات الصحة النفسية وعدم فعالية الرصد في الرعاية الصحية.

والموارد غير كافية عموماً، سواء من حيث عدد اختصاصيي الصحة النفسية أو من حيث مقدار التمويل. أما الخدمات فمحدودة.

ولا يزال يحيط بالصحة النفسية وصم في العديد من البلدان، بما في ذلك بين المتخصصين في الرعاية الصحية. وهذا ما قد يثني الناس عن طلب المساعدة ويحول دون الفعالية المطلوبة في تقديم خدمات الصحة النفسية.

وللأفكار السائدة حول الصحة النفسية أبعاد تتعلّق بنوع الجنس، إذ تبدي النساء عموماً مواقف أكثر إيجابية وانفتاحاً.

وفي البلدان المتأثرة بالصراعات والأزمات، تنتشر مشاكل الصحة النفسية بشكل أكبر بين الشابات، وذلك لأسباب منها الأعراف الاجتماعية والثقافية التي تسمح للفتيان بقضاء وقت أطول خارج المنزل مقارنة بالفتيات.

المصادر: Zeinoun, 2023; UNICEF, 2021.

القوى العاملة في القطاع الصحي والحوكمة



على الرغم من أن القوى العاملة في القطاع الصحي تشكل مورداً رئيسياً للنظام الصحي، تواجه المنطقة قيوداً في إعداد القوى العاملة وتأمين المهارات. وفي حين أن قدرات الإعداد في بلدان مجلس التعاون الخليجي وأقل البلدان نمواً (جيبوتي، والسودان، والصومال، واليمن) محدودة، تعاني البلدان المتوسطة الدخل (الأردن، وتونس، ولبنان، ومصر، والمغرب) وتلك التي تشهد صراعات (الجمهورية العربية السورية والعراق ودولة فلسطين وليبيا) من اختلالات في مجموع المهارات. ولم تواكب الزيادة في عدد مؤسسات التعليم في مجال الصحة النمو السكاني، ما أبقى كثافة اختصاصيي الصحة منخفضة، لا سيما في جيبوتي، والسودان، والصومال، والعراق، ومصر، والمغرب، واليمن.

وفي بلدان مجلس التعاون الخليجي، تُعزى الزيادة المستمرة في كثافة اختصاصيي الصحة إلى حد كبير إلى تشغيل عاملين من المغتربين في مجال الصحة. غير أن هذه البلدان تواجه معدل دوران مرتفع نتيجة لذلك. وتعاني البلدان المتوسطة الدخل وأقل البلدان نمواً وتلك المتأثرة بالصراعات من الهجرة غير المنظمة للعاملين في المجال الصحي وانتقالهم من القطاع العام إلى القطاع الخاص لأسباب منها ضيق الخيارات المتاحة. ويُعتبر التوزيع الجغرافي لهؤلاء العاملين غير منصف داخل البلدان، مع انخفاض معدل استبقائهم في المناطق الريفية والنائية. أضف إلى ذلك شواغل الأداء والتحفيز.

وتواجه حوكمة القوى العاملة في القطاع الصحي في المنطقة تحديات مشتركة، منها:

  • • عدم كفاية سياسات واستراتيجيات تنمية القوى العاملة: قليلة البلدان (الأردن، والسودان، والصومال، واليمن) التي وضعت خططاً استراتيجية للقوى العاملة في المجال الصحي.
  • • عدم كفاية الأُطُر التنظيمية.
  • • محدودية قدرات الحوكمة الخاصة بالقوى العاملة في المجال الصحي: الإدارات المسؤولة في وزارات الصحة ضعيفة عموماً، وتفتقر إلى القدرات الريادية والإدارية والتعاون الكافي بين القطاعات.
  • • عدم وجود نُظُم فعالة لإدارة القوى العاملة في المجال الصحي: النُّظُم القوية، بما فيها معايير التوظيف؛ واستراتيجيات التوظيف والانتشار والاستبقاء؛ واللوائح المتعلقة ببيئة العمل وإدارة الأداء؛ والبيانات اللازمة للتخطيط والتدريب، كلها عناصر أساسية لتقديم خدمات صحية جيدة. وهي تتطلب تحسيناً في معظم البلدان.
  • • ندرة البيانات والمعلومات الدقيقة والمحدثة عن القوى العاملة في المجال الصحي وتمويلها وديناميات سوق العمل.
  • • عدم وجود تخطيط استراتيجي للتصدي لتحديات القوى العاملة في المجال الصحي.

المصادر: WHO, 2018, 2020a, 2023b.

دال. سياسات لعدم إهمال أحد

يتجلّى عدم المساواة في المنطقة في الوصول غير العادل إلى الخدمات الصحية والتباين الهائل في جودة الرعاية الصحية المتاحة لمختلف المجموعات، مع ما ينجم عن ذلك من آثار تطال الأفراد والمجتمعات مدى الحياة.
وترد في الجدول 3-1 عينة من السياسات المتبعة في بعض البلدان العربية بهدف الحد من الفوارق في الرعاية الصحية وتحسين النتائج الصحية للجميع.

الجدول 3-1

أمثلة على السياسات التي تراعي مبدأ عدم إهمال أحد
يواجـه الفقـراء وغير المشـمولين بالتأمين (بمن فيهم العاطلون عن العمل والعاملون لحسابهم الخاص والعاملون في القطاع غير النظامي) عوائق تحول دون وصولهم إلى الخدمات الصحية، لا سيما إن لم يكونوا مستفيدين من التأمين أو من حزم الدعم. وهكذا يقع عليهم عبء الإنفاق من أموالهم الخاصة للحصول على الرعاية الطبية. وسّعت الاستراتيجية الصحية للأردن (2018-2022) نطاق التأمين الصحي المدني المدعوم ليشمل الأسر المنخفضة الدخل (أي التي يتراوح دخلها بين 300 و500 دينار أردني)، وهو تغيير في السياسة يهدف إلى تعزيز إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية والحد من العوائق المالية، والسعي في نهاية المطاف إلى تحقيق الإنصاف في الصحة.

صوّت البرلمان المغربي في عام 2017 لصالح توسيع التغطية الصحية الوطنية لتشمل الأفراد العاملين لحسابهم الخاص والمستقلين بحلول عام 2025. ومن المتوقع أن يستفيد من ذلك حوالى 11 مليون فرد، أي قرابة 30 في المائة من السكان.
غالباً ما يكون للمقيمين من غير المواطنين وللعمال المهاجرين مجال محدود للوصول إلى خدمات الرعاية الصحية العادلة والميسورة الكلفة بسبب وضعهم الوظيفي، وافتقارهم إلى التأمين الصحي الشامل، واستبعادهم من نُظُم الرعاية الصحية النظامية. وتنشأ عن ذلك صعوبات في تأمين الأدوية الأساسية لهم وارتفاع نفقات الرعاية الصحية التي تفرض أعباء مالية كبيرة وتزيد من التعرض للمخاطر. لتوسيع نطاق تغطية الرعاية الصحية لتشمل فئات إضافية من العاملين في الإمارات العربية المتحدة ، استحدثت دائرة الصحة في أبو ظبي حزم تأمين صحي مرنة في عام 2013. وقد صُممت هذه البرامج خصيصاً لرواد الأعمال والمستثمرين، بهدف تزويدهم بتغطية صحية بتكاليف مخفّضة وتنافسية، مع خيارات لرفع مستوى الخدمات إذا لزم الأمر.
يحتاج كبار السن ، ولا سيما الذين يعانون من مرض مزمن واحد أو أكثر، إلى رعاية جيدة على المدى الطويل. وهذا يزيد من الحاجة إلى تعليم وتدريب اختصاصيي الصحة ومساعديهم على علم وطب الشيخوخة. فالنقص في اختصاصيي أمراض الشيخوخة واضح في معظم البلدان العربية حيث لا تتعدّى نسبتهم واحد لكل 100,000 من كبار السن. ويعوق الافتقار إلى الحماية الصحية الشاملة توفير الرعاية الطبية الكافية لكبار السن، ما يؤثر سلباً على صحتهم ورفاههم. تعمل مصر على تطوير التدريب والبحوث في مجال طب الشيخوخة. فكلية الطب في جامعة عين شمس تقدّم برنامجاً للحصول على درجة علمية في طب الشيخوخة، يتضمن تدريباً نظرياً وبرنامج إقامة طبية ودورة تدريب على الرعاية السريريةأ.

اتخذت الأردن والجزائر خطوات لضمان التغطية الصحية لكبار السن. ويمنح القانون رقم 10 لعام 2010 بشأن حماية كبار السن في الجزائر الوصول المجاني إلى الرعاية الصحية العامة لجميع الأشخاص من الفئة العمرية 60 سنة وأكثر. وفي عام 2017، وسّع الأردن نطاق تغطية التأمين الصحي المدعوم بموجب قانون التأمين الصحي المدني ليشمل جميع الأشخاص من الفئة العمرية 60 سنة وأكثرب.
تتعرض النساء والفتيات في سن الإنجاب أكثر من سائر الفئات لمخاطر صحية، منها وفيات الأمهات، وعدم تلبية احتياجات تنظيم الأسرة، ومحدودية فرص الوصول إلى وسائل منع الحمل بكلفة معقولة. وتُعتبر النساء غير المتزوجات، ولا سيما اللواتي يعشن في ظروف حرمان اقتصادي واجتماعي، أكثر عرضة للإجهاض غير القانوني. كما إن الخدمات المقدمة للناجيات من العنف الجنسي والعنف على أساس الجنس، بما في ذلك حالات الحمل غير المقصود، لا تزال محدودة. تتضمن استراتيجية تنمية الأسرة في مصر (2015-2030) ركناً مخصصاً لتحسين فرص الحصول على خدمات تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية. ويهدف المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية (2021-2023) إلى تأمين خدمات مجانية وآمنة لتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية للنساء من الفئة العمرية 18-45 سنة، بما في ذلك من خلال إنشاء صندوق تأمين الأسرة لتحفيز الالتزام بتنظيم الأسرة. ويسعى المشروع أيضاً إلى تشديد العقوبات على زواج الأطفال وعمالة الأطفال والولادات غير المسجلة.

وتهدف مبادرة دعم صحة المرأة المصرية، ضمن حملة "100 مليون حياة صحية"، إلى الوصول إلى 28 مليون امرأة مصرية في جميع أنحاء البلاد، وتقديم فحوصات عامة في إطار الصحة الإنجابية، والكشف المبكر عن سرطان الثدي والأمراض غير السارية.
غالباً ما يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة إجحافاً في الحصول على الرعاية الصحية جراء العوائق المادية والتمييز وصعوبة الوصول إلى المعلومات وارتفاع التكاليف وعدم كفاية الدعم من السياسات. تتضمن السياسة الوطنية لتمكين ذوي الإعاقة (2017) في الإمارات العربية المتحدة تدابير لتحسين الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، بما في ذلك اللياقة البدنية والعافية والسلامة البدنية والاجتماعية والعاطفية. وتعتمد هذه السياسة نهجاً شاملاً لإدماج الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية لضمان حصولهم على كامل خدمات الرعاية الصحية.
يواجه اللاجئون والنازحون داخلياً عوائق متعددة تحول دون حصولهم على الرعاية الصحية، بما في ذلك نقص الوعي بالخدمات المتاحة وكلفة الاستشارات الصحية والعلاج والأدوية. كما تعوق إجراءات المعاملات الرسمية والتوثيق وصول طالبي اللجوء والمهاجرين غير النظاميين إلى الرعاية الصحية، لا سيما في ظروف المعاناة من الصراعات وعدم الاستقرار. تمنح مصر اللاجئين وطالبي اللجوء إمكانية الوصول إلى جميع الخدمات الصحية المقدمة في المرافق العامة مجاناً أو بكلفة منخفضة، على غرار المواطنين المصريينج .
لا يزال المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز معرضين لخطر الوصم والتمييز، ونقص الاستثمار المحلي في الخدمات الصحية ذات الصلة، وغياب نُظُم المعلومات المناسبة. اعتمد الأردن السياسة الوطنية بشأن فيروس نقص المناعة البشرية وعالم العمل في عام 2013. وتعطي هذه السياسة الأولوية لضمان حصول الموظفين المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز على الرعاية الصحية مع الحفاظ على سرية الحالات وخصوصيتها. وتسهم هذه السياسة في تهيئة بيئة تشجع الموظفين على طلب الرعاية الصحية من دون مخاوف من الوصم أو التحيّز. وتضمن هذه السياسة تقديم العلاج الطبي المناسب والرعاية والدعم للعاملين، بما في ذلك الحصول على الخدمات الحيوية مثل العلاج المضاد للفيروسات القهقرية.
يعاني سكان المناطق النائية من محدودية فرص الوصول إلى رعاية صحية موثوقة وجيدة، ما يزيد من تعرضهم للعواقب الصحية الخطرة. أطلقت الجزائر بموجب مرسوم تنفيذي برنامج "التوأمة المؤسسية" في عام 2016، الذي يربط المستشفيات في مناطق البلاد الشمالية المتقدمة بتلك الموجودة في المناطق الجنوبية النامية والنائية. وسهّل هذا البرنامج تشارك الموارد والخبرات الطبية والعاملين للحد من الفوارق في الرعاية الصحية، وتعزيز إمكانية وصول السكان في المناطق النائية إلى الرعاية، وتأمين الخدمات الصحية للمناطق الجنوبية المحرومة.
غالباً ما يتعرض الأطفال والمراهقون في المنطقة للإجحاف في الخدمات ونتائج الرعاية الصحية. ومن الأسباب فوارق اقتصادية، وصعوبات في الوصول إلى الرعاية الصحية الجيدة، وفرص محدودة في التعليم، لا سيما في مجال الصحة الجنسية والإنجابية. كل هذه العوامل تزيد من احتمالات تعرضهم للمخاطر. تهدف سياسة الصحة المدرسية لعام 2016 في فلسطين إلى تأمين خدمات صحية شاملة للأطفال والمراهقين في سن الدراسة، تتضمن فحوصات صحية منتظمة وحملات تطعيم وبرامج تثقيف صحي. وتشمل هذه السياسة خدمات الدعم وتقديم المشورة في مجال الصحة النفسية داخل المدارس لتأمين سلامة الطلاب النفسية، كما تعزز مشاركة الأهل في حماية صحة الطلاب، موطّدةً بذلك التعاون بين المدارس والأسر.
أ. ESCWA, 2018.
ب. ESCWA, 2022a.
ج. مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الصحة في مصر.

هاء. مشهد التمويل

يقل الإنفاق الجاري على الصحة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في معظم بلدان المنطقة العربية عن المتوسط العالمي البالغ 7.3 في المائة. والفوارق كبيرة بين البلدان، إذ بلغ الإنفاق، في عام 2021، 10.1 في المائة في لبنان و7.3 في المائة في الأردن و7 في المائة في تونس و6.3 في المائة في جزر القمر (الشكل 3-1). وهذه النسب أعلى مما هي عليه في البلدان العربية الأخرى، بما في ذلك بلدان مجلس التعاون الخليجي، حيث بلغ الإنفاق 6 في المائة في المملكة العربية السعودية، و5.8 في المائة في الكويت، و4.4 في المائة في عُمان، و4.3 في المائة في البحرين، و2.9 في المائة في قطر. وعلى الرغم من عدم وجود مستوى موصى به للإنفاق على الصحة، تقترن زيادة الإنفاق الصحي الموجَّه بفعالية عن طريق الحكومات بنتائج صحية أفضل، لا سيما في البلدان النامية. ويشير انخفاض المخصصات عادة إلى أن الصحة ليست أولوية69، أو أن الحيّز المالي محدود، أو أن السكان تغلب عليهم فئة الشباب70.

وزيادة الإنفاق العام على الصحة ضرورية للتقدم على مسار التغطية الصحية الشاملة. ويستلزم ذلك توسيع نطاق الإنفاق الحكومي المحلي على الصحة كحصة من مجموع الإنفاق الصحي وكحصة من الإنفاق الحكومي العام. وينبغي أن يحل التمويل من خلال خطط الدفع المسبق وتجميع الموارد محل الإنفاق على الصحة من الأموال الخاصة الذي تتحمله الأسر المعيشية والخطط الصحية غير المجمَّعة. ويشار إلى هذا الانتقال بالتحول في مجال تمويل الصحة. وكلما أحرزت البلدان تقدّماً على مسار هذا التحول، زادت قدرة النظام الصحي على تأمين الحماية وقلّ عبء الإنفاق على الصحة عن كاهل الفئات المعرضة للمخاطر71.

وبالنظر إلى الإنفاق على الصحة حسب نوع التمويل لعام 2021 (الشكل 3-2)، يتضح أن مزيج التمويل يختلف من بلد إلى آخر. وتنحو نسبة الإنفاق على الصحة من الأموال الخاصة عموماً إلى الارتفاع مع انخفاض مستوى الدخل. وينطوي الإنفاق على الصحة في البلدان المرتفعة الدخل في معظمه على ترتيبات صحية مجمَّعة، تشمل خططاً حكومية، وخططاً طوعية وخططاً إلزامية للرعاية الصحية قائمة على الاشتراكات.

الشكل 3-1

الإنفاق الجاري على الصحة (بالنسبة المئوية من الناتج المحلي الإجمالي)
المصدر: WHO Global Health Observatory, Health Financing Indicators, accessed on 15 December 2023.

الشكل 3-2

الإنفاق على الصحة حسب خطة التمويل، 2021 (بالنسبة المئوية)
المصدر: WHO Global Health Expenditure Database, Data Explorer, Health Expenditure Data – Financing Schemes, accessed on 16 December 2023.
من الواضح أن معظم البلدان تمضي في التحوّل في مجال تمويل الصحة، مع زيادة الحصة المجمّعة من الإنفاق على الصحة بهدف تحصين الحماية من المخاطر المالية، وإن تفاوتت الوتيرة (الجدول 3-2)72.

الجدول 3-2

التحول في مجال تمويل الصحة في مجموعة من البلدان العربية
البلدان التحول في مجال تمويل الصحة
الأردن والإمارات العربية المتحدة وجيبوتي وعُمان وقطر والكويت ولبنان وموريتانيا تقدّم سريع: سُجّل متوسط زيادة سنوية في نصيب الفرد من النفقات الصحية المجمّعة وانخفاض في نصيب الفرد من الإنفاق على الصحة من الأموال الخاصة، ما أدّى إلى زيادة سريعة في الحصة المجمّعة من الإنفاق على الصحة.
العراق والمغرب والمملكة العربية السعودية تقدّم أبطأ: معدل الزيادة السنوية في نصيب الفرد من النفقات الصحية المجمعّة أسرع من معدل الزيادة السنوية في نصيب الفرد من الإنفاق على الصحة من الأموال الخاصة، ما أدّى إلى زيادة في الحصة المجمّعة من الإنفاق على الصحة، وإن كان ذلك بوتيرة أبطأ مما هي عليه في الفئة الأولى.
البحرين والجزائر والسودان لا تقدّم: معدل الزيادة السنوية في نصيب الفرد من الإنفاق على الصحة من الأموال الخاصة أسرع من معدل الزيادة السنوية في نصيب الفرد من النفقات الصحية المجمّعة، ما أدّى إلى انخفاض في الحصة المجمّعة من الإنفاق على الصحة.
جزر القمر لا تقدّم: معدل الانخفاض السنوي في نصيب الفرد من الإنفاق على الصحة من الأموال الخاصة أسرع من معدل الانخفاض السنوي في نصيب الفرد من النفقات الصحية المجمّعة.
المصدر: ESCWA, 2022b.
تشير الحصة المخصصة للإنفاق الحكومي المحلي على الصحة من الإنفاق العام إلى الأولوية المعطاة للصحة مقارنة بمجالات الإنفاق الأخرى. فالمتوقع أن تزداد هذه الحصة مع ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. غير أن هذا ليس حال العديد من البلدان (الشكل 3-3). وتبدو حصص الإنفاق على الصحة في بلدان مجلس التعاون الخليجي المرتفعة الدخل على تقارب مع ما هي عليه في البلدان المتوسطة الدخل. وقد يُعزى ذلك إلى المساهمة الكبيرة لقطاع الهيدروكربون في مستوى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في هذه البلدان. ويبدو أن حصة العراق ومصر أقل إلى حد ما من حصة البلدان الأخرى المتوسطة الدخل ذات المستويات المماثلة لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، في حين تسجّل تونس ولبنان حصة أعلى. ويلاحظ عموماً أن البلدان العربية لا تعطي للإنفاق الصحي درجة الأولوية التي تُعطى لمجالات الإنفاق العام الأخرى73.

الشكل 3-3

الإنفاق الحكومي المحلي على الصحة، 2021 (بالنسبة المئوية من الإنفاق الحكومي العام)
المصدر: WHO Global Health Observatory, Health Financing Indicators, accessed on 15 December 2023.
يرتفع التأمين الصحي الخاص في بعض البلدان عبر التجمعات الاقتصادية المختلفة (الجدول 3-3). ويُعتبر الإنفاق على التأمين الصحي الطوعي كحصة من الإنفاق الجاري على الصحة هو الأعلى في لبنان، حيث وصل إلى 26 في المائة في عام 2021.

ويتفاوت الدعم الذي تقدّمه الجهات المانحة والوكالات الدولية للقطاع الصحي (الجدول 3-4). ففي عام 2021، حصلت جيبوتي، وجزر القمر، وموريتانيا على أعلى حصص من الدعم مقارنة بما تنفقه على الصحة. وقد شمل ذلك بشكل خاص تمويل مشاريع التنمية ودعم الميزانية74.

ازداد منذ عام 2011 تمويل الاستجابات الإنسانية لحالات الطوارئ المخصص للبلدان المتضررة من الصراعات، ولكنه لا يزال غير كافٍ لتلبية الحاجات الاجتماعية والصحية الأساسية75.

لا يزال تمويل الخدمات الصحية للاجئين في البلدان التي تستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين يمثل تحدياً. وقد أُطلقت مبادرات مثل الآلية العالمية للتمويل الميسّر لتضييق الفجوة في التمويل التنموي والإنساني المخصص للاجئين والمجتمعات المضيفة في الأردن ولبنان76. فدعمت الآلية الجهود الرامية إلى تعزيز الصحة والتعليم وتقديم الخدمات الأساسية في الأردن، وتحسين خدمات الإسكان والمياه والصرف الصحي في لبنان منذ عام 2016. وقد تلقى الأردن 459.45 مليون دولار ولبنان 95.13 مليون دولار على شكل تمويل ميسّر بين عامي 2016 و2022، ما حفّز تقديم قروض ميسّرة بقيمة 2.73 مليار دولار إلى الأردن و432.45 مليون دولار إلى لبنان77.

الجدول 3-3

نُظُم التأمين الصحي الطوعي كنسبة مئوية من الإنفاق الجاري على الصحة في مجموعة من البلدان العربية

المصدر: WHO Global Health Expenditure Database, Data Explorer , Health Expenditure Data – Financing Schemes, accessed on 17 December 2023.

الجدول 3-4

الإنفاق الصحي الخارجي كنسبة مئوية من الإنفاق الجاري على الصحة في مجموعة من البلدان العربية

المصدر: WHO Global Health Observatory, Health Financing Indicators, accessed on 17 December 2023.
ملاحظة: تشمل المصادر الخارجية التحويلات الأجنبية المباشرة التي تديرها وكالات التنمية المقيمة في بلد ما والتحويلات الأجنبية إلى الإدارات الحكومية.

واو. الأبعاد الإقليمية

يقتصر التعاون الإقليمي على عدد قليل من مجالات الهدف 3. وهذا التعاون يمكن توسيعه لبناء القدرة على الصمود في حالات الطوارئ الصحية.
وتشمل أمثلة التعاون الإقليمي القائم ما يلي:
في مجال صحة الأم والطفل والمراهق، وضعت جامعة الدول العربية وصندوق الأمم المتحدة للسكان الاستراتيجية العربية المتعددة القطاعات لصحة الأم والطفل والمراهق 2019-782030. وهي بمثابة إطار مرجعي للبلدان لوضع السياسات واتخاذ الإجراءات الرامية إلى تحقيق أعلى مستوى يمكن بلوغه من الإنصاف في الصحة البدنية والنفسية والرفاه لكل أم وطفل ومراهق. وتتمثل إحدى ركائز الاستراتيجية في تعزيز القدرات وإمكانيات الصمود ودعم الجهوزية لدى الأمهات والأطفال والمراهقين إبّان الصراعات المسلحة والحروب والكوارث الطبيعية.

وضعت جامعة الدول العربية وصندوق الأمم المتحدة للسكان استراتيجية إقليمية لتعزيز ممارسات مهنتي القبالة والتمريض79، وقد أقرّها مجلس وزراء الصحة العرب في عام 2022. وتسعى هذه الاستراتيجية إلى تمكين القابلات والممرضات من تقديم مجموعة أوسع من خدمات الصحة الجنسية والإنجابية العالية الجودة بناء على حاجات المجتمع، وبما يتماشى مع مبدأ عدم إهمال أحد.

لتحديد أولويات خطة التمويل الصحي في المنطقة والنهوض بها، وضعت جامعة الدول العربية وصندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الصحة العالمية الاستراتيجية الإقليمية لموازنة صديقة للصحة80. وقد أُطلِقَت الاستراتيجية في عام 2023، وهي بمثابة إطار شامل للبلدان العربية لتعزيز تمويل احتياجات الرعاية الصحية، وضمان التمويل الكافي للخدمات الصحية وإتاحتها للجميع، والمساهمة في تحسين النتائج الصحية ورفاه السكان في جميع أنحاء المنطقة.
ومن الأمثلة على المجالات التي يمكن أن تستفيد من تعزيز التعاون الإقليمي ما يلي:
برنامج إقليمي للاستعداد والاستجابة لحالات الطوارئ: يتطلب هذا البرنامج نَهجاً متعدد الأوجه، يبدأ بتعزيز قدرة نُظُم الرعاية الصحية عبر استثمارات تعطي الأولوية لتدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية، وتأمين اللوازم الطبية الأساسية، وتوفير المرافق الصحية. ومن الأهمية إنشاء آليات تنسيق قوية على الصعيدين الوطني والإقليمي لتيسير الاتصال والتعاون الفعالين بين مقدمي الرعاية الصحية والوكالات الحكومية والشركاء الدوليين. ومن الضروري أيضاً تخصيص موارد كافية للجهوزية والاستجابة لحالات الطوارئ، بما في ذلك تمويل البحوث والمراقبة وتشكيل فرق استجابة لحالات الطوارئ.

واستناداً إلى تجربة جائحة كوفيد-19، يمكن تضمين العديد من الاستراتيجيات في البرنامج الإقليمي للاستعداد والاستجابة لحالات الطوارئ. ويشمل ذلك ضمان الوصول العادل والمنصف إلى اللقاحات من خلال حملات التوزيع والتطعيم المستهدفة، وزيادة الاستثمارات في نُظُم المعلومات الصحية الرقمية لتحسين جمع البيانات وتحليلها ومشاركتها، ما يسهّل رصد الأمراض والاستجابة السريعة لها. كما يمكن أن يؤدي تسريع التقدم في رقمنة النُّظُم الصحية في المنطقة إلى تحسين إدارة سلسلة الإمداد الصحية والطبية.

التنسيق الأقاليمي لمواجهة القضايا المتعلقة بصحة ورفاه اللاجئين والمهاجرين والنازحين داخلياً: تبرز في هذا السياق حاجة إلى تعاون أقاليمي شامل، لا يقتصر على تقديم خدمات الرعاية الصحية بل يتصدى للمحدِّدات الاجتماعية للصحة81، ويشمل الأفراد الذين يسلكون طرق الهجرة، والمقيمين في ظل أوضاع إنسانية صعبة والذين يعيشون في المجتمعات المضيفة. ومن خلال استكمال خطط العمل الفورية والطويلة الأجل بالدعم التقني والمالي، يمكن للمنطقة أن تحسّن الاستجابة للاحتياجات المتغيّرة للسكان النازحين وأن تعزز الصحة العامة والرفاه.

الحواشي

1. Saleh and Fouad, 2022.

2. الأمراض الأربعة الرئيسية غير السارية هي الأمراض القلبية الوعائية والسرطان والسكري وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة.

3. World Bank data, Out-of-pocket expenditure as percentage of current health expenditure, accessed on 24 January 2024.

4. شهدت عدة بلدان في المنطقة صراعات طال أمدها وعدم استقرار سياسي منذ عام 2011. وقد أدى ذلك إلى تعطيل نُظُم الرعاية الصحية ومراقبة الأمراض تعطيلاً شديداً وإلى الحد من القدرة على التصدّي لحالات الطوارئ الصحية العامة.

5. WHO, 2023c.

6. الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، وتونس، والجزائر، وجزر القمر، والجمهورية العربية السورية، والسودان، والصومال، والعراق، وعُمان، ودولة فلسطين، وقطر، والكويت، وليبيا (مسودة الدستور التي اعتمدتها الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي في تموز/يوليو 2017)، ومصر، والمغرب، والمملكة العربية السعودية، وموريتانيا، واليمن.

7. مجلس الضمان الصحي السعودي، "الأنظمة واللوائح".

8. يعتمد المهاجرون في الغالب على خطط التأمين الصحي الخاصة القائمة على اشتراك الأفراد أو خطط التأمين الصحي التي يرعاها أصحاب العمل.

9. يؤمَّن العسكريون من خلال برامج مختلفة.

10. الاستعراض الوطني الطوعي لمصر لعام 2021.

11. National Programme of Assistance to Needy Families.

12. Les Comores, Tableau de la situation de l'égalité femme/homme.

13. Lassurance maladie généralisée bientôt opérationnelle.

14. الاستعراض الوطني الطوعي لموريتانيا لعام 2019.

15. Katoue and others, 2022.

16. الاستعراض الوطني الطوعي للمملكة العربية السعودية لعام 2023.

17. الاستعراض الوطني الطوعي للجزائر لعام 2019.

18. World Bank, 2020.

19. ينبغي أن تشمل مجموعة تدابير الصحة الجنسية والإنجابية المتكاملة خدمات تنظيم الأسرة، والرعاية الصحية للأم والطفل، والمساعدة الطبية للناجيات من العنف الجنسي والعنف على أساس الجنس، والرعاية بعد الإجهاض، والوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية والتدبير العلاجي له، وغير ذلك من الأمراض المنقولة جنسياً، وسرطان الأعضاء التناسلية والعقم.

20. WHO, 2020c. تشمل الاستثناءات الصومال (أقل من 50 في المائة) والمملكة العربية السعودية واليمن (أقل من 75 في المائة). تغطي مجالات السياسة العامة الـ 16 ما يلي: تنظيم الأسرة/منع الحمل؛ الأمراض المنقولة جنسياً؛ الوقاية من سرطان عنق الرحم ومكافحته؛ الرعاية السابقة للولادة؛ الولادة؛ الرعاية ما بعد الولادة؛ الأطفال المولودين قبل الأوان؛ صحة الطفل ونمائه (تشمل سبع فئات فرعية)؛ صحة المراهقين والعنف ضد المرأة.

21. UNFPA and MENA Health Policy Forum, 2019.

22. المرجع نفسه.

23. Kabakian-Khasholian and others, 2020.

24. UNFPA and MENA Health Policy Forum, 2019.

25. المرجع نفسه.

26. UNFPA and MENA Health Policy Forum, 2018.

27. UNFPA and the American University of Beirut, Faculty of Health Sciences, Center for Public Health Practice, 2022.

28. المرجع نفسه.

29. UNFPA, 2022. حسب التقرير، يوجد في المنطقة 78,200 قابلة؛ وثمة حاجة، بحلول عام 2030، إلى عدد إضافي من القابلات بدوام كامل يبلغ 130,000 قابلة.

30. WHO, 2023a.

31. WHO Noncommunicable Diseases Data Portal, accessed on 12 December 2023.

32. الاستعراض الوطني الطوعي لجزر القمر لعام 2023.

33. World Bank, 2023.

34. United Nations Treaty Collection.

35. WHO, 2023e.

36. Implementation Database for the WHO Framework Convention on Tobacco Control – Treaty provisions – General and other obligations – Comprehensive multisectoral national tobacco control strategy – C111, accessed on 23 October 2023.

37. WHO, 2023e.

38. لم ترد أي معلومات عن جيبوتي أو الجمهورية العربية السورية أو الصومال.

39. يبلغ معدل الضريبة في مصر 74.9 في المائة من سعر التجزئة.

40. تشمل الخصائص ذات الصلة ما يلي: إدراج تحذيرات صحية إلزامية ودورية على علب السجائر وملصقات البيع بالتجزئة كافة، وإشارات إلى العواقب الضارة على الصحة الناشئة عن تعاطي التبغ، على أن تكتب بخط كبير وتكون واضحة ومرئية وبجميع اللغات الرئيسية للبلد، بالإضافة إلى صور أو رسوم توضيحية. WHO NCD Data Portal، استُرجعت في 12 كانون الأول/ديسمبر 2023.

41. بين تموز/يوليو 2020 وحزيران/يونيو 2022.

42. تتضمن الحملة الإعلامية الفعالة ما يلي: (أ) تنفيذ الحملة كجزء من برنامج شامل لمكافحة التبغ؛ (ب) تكوين فهم عميق للجمهور المستهدف قبل إطلاق الحملة، إثر عملية بحث؛ (ج) الاختبار المسبق للمواد التواصلية للحملة وتنقيحها؛ (د) تصميم خطة وعملية إعلامية دقيقة لشراء وقت البث و/أو وسائل البث لضمان الوصول الفعال والكفء إلى الجمهور المستهدف؛ (ﻫ) العمل مع الصحفيين للدعاية وتغطية الحملة؛ (و) تقييم العملية بعد اختتامها للوقوف على فعالية التنفيذ؛ (ز) تقييم النتائج للوقوف على الأثر؛ (ح) بث الحملة على التلفزيون و/أو الراديو لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع. WHO NCD Data Portal، استُرجعت في 12 كانون الأول/ديسمبر 2023.

43. استراتيجية وزارة الصحة (2020-2024).

44. WHO, 2022a.

45. WHO, UNICEF and UNFPA, 2022.

46. WHO, 2022a.

47. Lebanon, Ministry of Public Health, 2023.

48. WHO, 2022a.

49. للمزيد من المعلومات بشأن تحول القطاع الصحي في المملكة العربية السعودية، يمكن الاطلاع على رؤية 2030.

50. الاستعراض الوطني الطوعي لتونس لعام 2021.

51. WHO, ‎2023f.

52. لم تضع عُمان والصومال وليبيا سياسة أو تشريعاً بشأن الصحة النفسية. لا توجد بيانات متاحة عن جزر القمر ودولة فلسطين وموريتانيا.

53. WHO, 2020b.

54. وحدها مصر أشارت إلى أنها قدّرت وخصصت موارد بشرية ومالية لتنفيذ خطتها للصحة النفسية التي أطلقت في عام 2015. وعلى الرغم من أن لبنان لم يشر إلى تقديرات ومخصصات، فقد لحظ أن مجموع الإنفاق الحكومي على الصحة النفسية بلغ، كنسبة مئوية من مجموع الإنفاق الحكومي على الصحة، 5 في المائة.

55. Lea Zeinoun, 2023.

56. WHO, 2020b.

57. الاستعراض الوطني الطوعي للجزائر لعام 2019.

58. Lebanon, Ministry of Public Health, 2015.

59. Arab Health by Informa Markets, 2020.

60. WHO Global Health Expenditure database, accessed on 23 October 2023.

61. WHO, 2023d.

62. Jordan News, 2023.

63. المخطط الاستراتيجي لمكافحة داء السل يروم خفض نسبة الوفيات بـ 60 في المئة في أفق 2023.

64. الاستعراض الوطني الطوعي للمغرب لعام 2020.

65. WHO Global Health Expenditure database, accessed on 23 October 2023.

66. United Nations Libya, Common Country Analysis, 2021.

67. World Bank, 2019.

68. World Bank, 2022.

69. WHO data on health expenditure, accessed 15 December 2023.

70. ESCWA, 2022b.

71. المرجع نفسه.

72. المرجع نفسه.

73. المرجع نفسه.

74. UNICEF, 2018.

75. المرجع نفسه.

76. المرجع نفسه.

77. GCFF, 2022.

78. UNFPA and League of Arab States, 2020.

79. UNFPA, WHO and League of Arab States, 2022.

80. Bahrain News Agency, 2023.

81. للمزيد يمكن الاطلاع على التحليل الشامل للمحددات الاجتماعية التي تؤثر على صحة المهاجرين على الصعيد العالمي والإقليمي وفقاً لما هو منصوص عليه في WHO, 2022b.

المراجع

Abdul Rahim, H., and others (2014). Non-communicable Diseases in the Arab World. The Lancet 383(9914): 356–367.

Arab Health by Informa Markets (2020). Healthcare and General Services in the GCC: The Road to a World-Class Healthcare System.

Atrache, S. (2021). Lebanon’s Deepening Crisis: The Case for a Sustainable Aid Response. Refugees International.

Bahrain News Agency (2023). Launching the Arab Health-Friendly Budgeting Strategy (Arabic). 21 May.

Bansal, D., and others (2023). A New One Health Framework in Qatar for Future Emerging and Re-emerging Zoonotic Diseases Preparedness and Response. One Health 16: 100487.

Centers for Disease Control and Prevention (2023). One Health Basics.

Dejong, J., and S. Abdallah Fahme (2021). COVID-19 and Gender in the Arab States: Using a human development lens to explore the gendered risks, outcomes, and impacts of the pandemic on women’s health.

Economic and Social Commission for Western Asia (ESCWA) (2018). Population and Development Report Issue No. 8: Prospects of Ageing with Dignity in the Arab Region.

__________ (2022a). Population and Development Report Issue No. 9: Building Forward Better for Older Persons in the Arab Region.

Abdul Rahim, H., and others (2014). Non-communicable Diseases in the Arab World. The Lancet 383(9914): 356–367.

Arab Health by Informa Markets (2020). Healthcare and General Services in the GCC: The Road to a World-Class Healthcare System.

Atrache, S. (2021). Lebanon’s Deepening Crisis: The Case for a Sustainable Aid Response. Refugees International.

Bahrain News Agency (2023). Launching the Arab Health-Friendly Budgeting Strategy (Arabic). 21 May.

Bansal, D., and others (2023). A New One Health Framework in Qatar for Future Emerging and Re-emerging Zoonotic Diseases Preparedness and Response. One Health 16: 100487.

Centers for Disease Control and Prevention (2023). One Health Basics.

Dejong, J., and S. Abdallah Fahme (2021). COVID-19 and Gender in the Arab States: Using a human development lens to explore the gendered risks, outcomes, and impacts of the pandemic on women’s health.

Economic and Social Commission for Western Asia (ESCWA) (2018). Population and Development Report Issue No. 8: Prospects of Ageing with Dignity in the Arab Region.

__________ (2022a). Population and Development Report Issue No. 9: Building Forward Better for Older Persons in the Arab Region.

__________ (2022b). Subsidized Health Insurance for the Hard-to-Reach – Towards Universal Health Coverage in the Arab Region: A First Look .

Economic and Social Commission for Western Asia (ESCWA), and Economic Research Forum (2019). Rethinking Inequality in Arab Countries.

Global Concessional Financing Facility (GCFF) (2022). Annual Report 2021–2022.

Hyzam, D. (2022). Health Systems and the Changing Contexts of Wars in Arab Countries. Arab NGO Network for Development.

Jordan News (2023). National epidemiology center rolls out 2023–2025 strategy. 16 January.

Kabakian-Khasholian, T., and others (2020). Integration of Sexual and Reproductive Health Services in the Provision of Primary Health Care in the Arab States: Status and a Way Forward. Sexual and Reproductive Health Matters 28(2): 1773693.

Katoue, M. G., and others (2022). Healthcare System Development in the Middle East and North Africa Region: Challenges, Endeavors and Prospective Opportunities. Front Public Health.

Kronfol, N. M. (2012). Delivery of Health Services in Arab Countries: A Review. Eastern Mediterranean Health Journal 18(12): 1229–1238.

Lebanon, Ministry of Public Health (2015). Mental Health and Substance Use Prevention, Promotion and Treatment Strategy for Lebanon 2015–2020.

__________ (2023). Empowering Lebanon’s Healthcare System: A Vision for Digital Health Transformation.

Office of the High Commissioner on Human Rights (OHCHR) (2023). Gaza: UN expert condemns ‘unrelenting war’ on health system amid airstrikes on hospitals and health workers. Press release, 7 December.

Saleh, S., and F. Fouad (2022). Political Economy of Health in Fragile and Conflict-Affected Regions in the Middle East and North Africa Region. Journal of Global Health 12: 01003.

Sharek (2023). Health Ministry formulates national plan to implement ‘One Health Approach’. 11 July.

United Nations Children’s Fund (UNICEF) (2018). Immunization Financing in MENA Middle Income Countries.

__________ (2021). Situational Analysis of Women and Girls in the Middle East and North Africa: A Decade Review 2010–2020.

United Nations News (2024). Nearly 600 attacks on healthcare in Gaza and the West Bank since war began: WHO. 5 January.

United Nations Population Fund (UNFPA) (2022). The State of Midwifery Workforce in the Arab Region.

United Nations Population Fund (UNFPA), and League of Arab States (2020). Multi-sectoral Arab Strategy for Maternal, Child, and Adolescent Health 2019–2030.

United Nations Population Fund (UNFPA), and MENA Health Policy Forum (2017). Policy Brief: Integration of Sexual and Reproductive Health Services in the Arab States Region: A Six-Country Assessment.

__________ (2018). Mapping of Population Policies in the Arab Region and Their Alignment with Existing Strategies in Relation to the ICPD: Findings from 10 Countries.

__________ (2019). Policy Brief on the Integration of Sexual and Reproductive Health Services into Primary Health Care in the Arab States Region: Assessment of Eleven Arab Countries.

United Nations Population Fund (UNFPA), and the American University of Beirut, Faculty of Health Sciences, Center for Public Health Practice (2022). Youth Sexual and Reproductive Health and Reproductive Rights in the Arab Region: An Overview.

United Nations Population Fund (UNFPA), World Health Organization (WHO), and League of Arab States (2022). Arab Strategy to Promote Nursing and Midwifery (Arabic).

University of California Berkeley (2023). Research Snapshot: The Impact of Attacks on Syrian Health Systems. Research for Health in Humanitarian Crises.

World Bank (2019). World Bank supports Comoros to improve primary health care.

__________ (2020). Improving Primary Health in Rural Areas and Responding to COVID-19 Pandemic Emergency. Kingdom of Morocco.

__________ (2022). Djibouti: new financing to strengthen health and nutrition services. 29 May.

__________ (2023). The Gulf Economic Update Report: The Health and Economic Burden of Non-Communicable Diseases in the GCC.

World Health Organization (WHO) (2018). Framework for Action for Health Workforce Development in the Eastern Mediterranean Region 2017–2030. WHO-EM/HRH/640/E.

__________ (2020a). Health workforce snapshot: Jordan.

__________ (2020b). Mental Health Atlas 2020. Country profiles.

__________ (2020c). Sexual, Reproductive, Maternal, Newborn, Child, and Adolescent Health Policy Survey, 2018–2019.

__________ (2022a). Regional Strategy for Fostering Digital Health in the Eastern Mediterranean Region (2023–2027). EM/RC69/8. Sixty-ninth Session of the Regional Committee for the Eastern Mediterranean, Cairo, 10–13 October.

__________ (2022b). World Report on the Health of Refugees and Migrants.

__________ (2023a). Assessing National Capacity for the Prevention and Control of Noncommunicable Diseases: Report of the 2019 Country Capacity Survey in the Eastern Mediterranean Region.

__________ (2023b). Health workforce management systems.

__________ (2023c). Progress on the Health-Related Sustainable Development Goals and Targets in the Eastern Mediterranean Region, 2023.

__________ (2023d). WHO Commends Egypt for Its Progress on the Path to Eliminate Hepatitis C. 9 October.

__________ (2023e). WHO Report on the Global Tobacco Epidemic, 2023: Protect People from Tobacco Smoke.

__________ (2023f). WHO Country Office, Libya: Annual Report 2022. Regional Office for the Eastern Mediterranean.

World Health Organization (WHO), United Nations Children’s Fund (UNICEF), and United Nations Population Fund (UNFPA) (2022). Mapping of Digital Health Tools and Technologies: Oman Country Brief.

Zeinoun, L. (2023). Understanding Mental Health in the Arab Region: Challenges and Barriers to Accessing the Right to Mental Health. An input into the 2023 Arab Watch Report: The Right to Health, Arab NGO Network for Development.