إقامة بُنى تحتية قادرة على الصمود،
وتحفيز التصنيع المستدام
الشامل للجميع، وتشجيع الابُتكار

تحميل الفصل

ألف. مقدمة

تشتدّ حاجة المنطقة العربية إلى تحوّل جذري نحو التصنيع المستدام الشامل للجميع. وتبرز ضرورة تطوير البنى الأساسية في ظل تزايد البطالة، وضعف الكفاءة وعدم الاستدامة في استخدام الموارد الطبيعية، وتراكم الديون، واستمرار الأزمات المديدة. ولا تزال مشاريع إنشاء البنى الأساسية تواجه تحديات خطيرة، بما في ذلك القيود على التمويل، وضعف القدرات المؤسسية، ونشوب الأزمات.

وعلى الرغم من التقدم المحقق في الآونة في البحث والتطوير، تستمرّ الفجوة بين البحث العلمي ومتطلبات الصناعات والأسواق المحلية. فقد أُجريت بحوث وصدرت منشورات كثيرة بمعزل عن التطبيقات التكنولوجية العملية، ولم يكن تأثيرها الفعلي كبيراً على الاقتصادات والمجتمعات. وجرت محاولات حثيثة لتعميم استخدام التكنولوجيا وانتهاز الفرص التي تتيحها الرقمنة في مختلف القطاعات الاقتصادية، إلاّ أن تضمين التقنيات في عمليات التصنيع يبقى محدوداً أو غائباً كلياً. وتقتصر المشاركة المتزايدة للبلدان في هذا المجال على استخدام هذه التقنيات، دون تطويرها أو تصديرها، ما يطرح إشكاليات عدة، لا سيما على مستوى المنطقة المتأخرة عن اللحاق بوتيرة تقدم الثورة الصناعية الرابعة في العالم.

يؤدي التصنيع المستدام الشامل للجميع إلى تحفيز النمو الاقتصادي المستدام وزيادة فرص العمل اللائق (الهدف 8). فيساهم في الحد من الفقر (الهدف 1)، والقضاء على الجوع (الهدف 2)، وتقليص أوجه عدم المساواة (الهدفان 5 و10). ويعزّز الصحة الجيدة ويحسّن الرفاه (الهدف 3)، ويزيد من كفاءة استخدام الموارد والطاقة (الأهداف 6 و7 و11 و12)، ويحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة وسائر الانبعاثات الملوثة، بما فيها انبعاثات المواد الكيميائية (الأهداف 13 و14 و15).

وتعزيز نمو قطاع الصناعات التحويلية ضروري لتحقيق التنمية الصناعية، وهو حافز للابتكار. إلا أنّ تخطيط التنمية الصناعية من دون مراعاة معايير الاستدامة يؤدي إلى المفاضلة بين أهداف التنمية المستدامة بسبب زيادة الانبعاثات (الهدف 13) واستهلاك الموارد الطبيعية (الأهداف 6 و7 و12 و15).

ولإنشاء بنى أساسية موثوقة، وشاملة، ومستدامة دور رئيسي في تحسين سبل العيش في المناطق الريفية والمناطق الحضرية (الهدف 11). ويؤدي تحسين النقل إلى تفعيل الخدمات اللوجستية وتعزيز سلاسل الإمداد للأغذية، وزيادة الإنتاجية الزراعية (الهدف 2)، وتسهيل فرص الوصول إلى خدمات مثل الصحة (الهدف 3) والتعليم (الهدف 4).

وتساهم أنشطة البحث والتطوير في تحقيق معظم أهداف التنمية المستدامة، إن لم يكن كلها، لا بل هي شرط مسبق لتحقيق بعضها. ويتناول الهدف 9 نظام البحث العلمي ككل لما للبحث والتطوير من أهمية في التقدم في الإنتاج الزراعي (الهدف 2)، وإنتاج اللقاحات (الهدف 3)، واعتماد الطاقة النظيفة (الهدف 7).

المصادر: UNIDO, 2021b; Mantlana and Maoela, 2019.

ما تقوله البيانات

البيانات في هذا القسم مستمدة من المرصد العربي لأهداف التنمية المستدامة التابع للإسكوا، ما لم يذكر خلاف ذلك (اطلع عليها في ديسمبر 2023).
لا تزال الصناعة التحويلية ضعيفة على الرغم من التقدم عقب جائحة كوفيد-19. وبلغت القيمة المضافة للصناعة التحويلية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 10.3 في المائة في المنطقة العربية في عام 2022 مقارنة بمتوسط عالمي قدره 16.7 في المائة.
لا يزال الابتكار يفتقر إلى التمويل ولم يوضع بعد ضمن الأولويات. في عام 2021، بلغ عدد الباحثين المتفرغين لكل مليون نسمة في المنطقة 630 باحثاً، مقارنة بمتوسط عالمي قدره 1,353. ولم ينفق على البحث والتطوير سوى 0.61 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي؛ فيما المتوسط العالمي 1.93 في المائة.
بلغ نصيب الفرد من القيمة المضافة للصناعة التحويلية 621.80 دولار في 2022، أي قرابة ثلث المتوسط العالمي. واللافت تراجع هذه القيمة على صعيد المنطقة منذ 2015؛ وقد تأثرت سلبياً بالجائحة. أما على صعيد مجموعات البلدان، فكان نصيب الفرد من القيمة المضافة للصناعة التحويلية أعلى بكثير في بلدان مجلس التعاون الخليجي (2,898.50 دولار في 2022)، وقد عاد إلى المستوى ما قبل الجائحة وتجاوزه.
بلغت نسبة القيمة المضافة للصناعات التكنولوجية المتوسطة والمتقدمة 32.4 في المائة من إجمالي القيمة المضافة في العام 2020. وسجلت هذه النسبة زيادة إجمالية قدرها 1.2 في المائة منذ 2000، على الرغم من التقلبات التي شهدتها على مر السنين. إلا ان الاتجاه العالمي في تراجع.
أدّى تراجع الصناعة إلى انخفاض القوى العاملة في الصناعة التحويلية في المنطقة منذ عام 2000 لتصل إلى 10.3 في المائة في عام 2021، مقارنة بمتوسط عالمي قدره 13.6 في المائة.
تجاوز معدل تغطية شبكة الجيل الثاني للهاتف المحمول 96 في المائة في جميع أنحاء المنطقة في عام 2022، أي ما يناهز المتوسط العالمي. وكانت النسبة المئوية هي نفسها لتغطية شبكة الجيل الثالث. أما معدل تغطية شبكة الجيل الرابع ، فبلغت 76 في المائة مقارنة بمتوسط عالمي قدره 88 في المائة.
تفتقر الصناعات الصغيرة إلى الدعم المالي. في عام 2023، استفاد واحد فقط من كل سبعة صناعيين صغار من قرض أو خط ائتمان، وهي نسبة تعادل نصف القيمة العالمية.
ارتفع عدد المسافرين جواً على صعيد المنطقة والعالم بين عامي 2017 و2019، ولكنه سجّل انخفاضاً كبيراً في جميع أنحاء العالم على أثر تفشي جائحة كوفيد-19. وبحلول عام 2021، كانت المنطقة العربية قد شهدت تعافياً بطيئاً في هذا المجال، ولم تسجّل إلا ثلث أرقام ما قبل الجائحة.
انخفضت نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة من القيمة المضافة للصناعة التحويلية في المنطقة منذ عام 2015 لتصل إلى 1.1 كيلوغرام لكل دولار في عام 2020، لكنها لا تزال تناهز ضعف القيمة العالمية. وتعدّ نسبة ثاني أكسيد الكربون المنبعث من احتراق الوقود في المنطقة منخفضة مقارنة بالمناطق الأخرى، وقد شكلت 4.6 في المائة من الكمية المنبعثة في عام 2020 على مستوى العالم.
انخفض حجم الشحنات المنقولة جواً (طن- كيلومتر) بنحو 14 في المائة في عام 2020 على اثر تفشي الجائحة. إلا ان التعافى الكامل في عام 2021 ادى الى تجاوز الأرقام التي سجلها ما قبل الجائحة، بحيث انها وصلت الى اكثر من 33 مليار طن-كيلومتر أو ما يعادل 15 في المائة من القيمة العالمية. ومعظم هذه الشحنات في المنطقة تنقلها البلدان المرتفعة الدخل التي تحتل المرتبة الثالثة بعد أوروبا، وأمريكا الشمالية وشرق وجنوب شرق آسيا.
للاطلاع على أحدث البيانات الخاصة بالهدف 9 على المستويين الوطني والإقليمي وتحليل مدى توفرها، يرجى زيارة المرصد العربي لأهداف التنمية المستدامة التابع للإسكوا.

وصولاً إلى عام 2030: نُهُج السياسات المقترحة لتسريع التقدم في تحقيق الهدف 9

تحسين مواءمة الاستراتيجيات المعنية بالبنية الأساسية مع الاستراتيجيات التجارية الوطنية والإقليمية، وتوطيد التنسيق الأفقي والرأسي ضمن الحكومات بشأن التخطيط للبنية الأساسية، والاستثمارات العامة، والمشتريات العامة، والشراكات بين القطاعين العام والخاص.
إيلاء الأولوية للصناعة التحويلية كسبيل لتحقيق التنويع الاقتصادي واستحداث فرص عمل، مع التركيز على الأسواق المتخصصة، واستخدام التكنولوجيا، وتضمين مبادئ التنمية المستدامة.
تضمين الابتكار في تخطيط السياسات العامة على المستوى الوطني، وتوطيد التعاون في مشاريع الابتكار بين الأوساط الأكاديمية والصناعية لتشجيع الابتكار ضمن القطاعات.
تعزيز التفاعل بين العلوم والسياسات، ووضع الأنظمة التي تساهم في إسداء المشورة العلمية إلى صانعي السياسات. وكذلك إنشاء أُطُر عمل أو مراصد وطنية تُعنى بجمع البيانات الصناعية بهدف دعم رصد الأداء الصناعي وتحليله، والاعتماد على المعلومات في صنع القرار وتصميم السياسات.
توطيد التعاون الإقليمي ووضع سياسات، وعمليات، وهياكل لنقل التكنولوجيا على نحو فعّال داخل المنطقة وبينها وبين المناطق الأخرى، ولا سيما في قطاع الصناعة التحويلية.
الاستثمار في بناء القدرات البشرية لإنشاء وتشغيل الشركات الناشئة المبتكرة التي تعتمد على التكنولوجيا، بطرق منها تحسين المهارات وإعادة تشكيلها، وتعزيز التحول الثقافي لصالح ريادة الأعمال.
تنويع أدوات التمويل المتاحة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، بما في ذلك الصناعات الصغيرة، وتسهيل حصولها على هذا التمويل. ولهذه الغاية، لا بد من إزالة العوائق الهيكلية المتعلقة بتسجيل الأعمال التجارية، ومنح التراخيص والتصاريح، وفرض الضرائب، وغيرها من العمليات ذات الصلة.

باء. مشهد السياسات المعنية بالهدف 9

الهدف 9 هدف مركّب يصعب تتبعه بالكامل عبر مشهد السياسات. ويتناول هذا الفصل مجالين أساسيين من مجالات السياسات ذات الصلة في جميع أنحاء المنطقة العربية.

يشمل المجال الأول وضع سياسات التصنيع المستدام، ويركّز على تعزيز قطاع الصناعة التحويلية وتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة. أمّا الاستراتيجيات الصناعية الموجهة نحو التنويع الاقتصادي، فمن شأنها إنشاء قطاعات مستقلة عن النفط والغاز. وتركز السياسات على تسريع تنمية القطاع الصناعي، وتحسين قدرته التنافسية، وتشجيع الاستثمارات، مع التحفيز على الإنتاج النظيف ومراعاة الاعتبارات البيئية المرتبطة بوضوح بالهدفين 12 و13.

ويركز المجال الثاني على البحث العلمي والتطوير والابتكار، ويتناول وضع الاستراتيجيات الوطنية، وتعزيز وسائل التنفيذ والرصد والتمويل. وتتجلّى استراتيجيات البحث والتطوير الفعالة في تحويل البحث العلمي إلى تطبيقات عملية تستجيب لمتطلبات السوق. ويقترن وضع هذه الاستراتيجيات بوضع أُطُر للرصد، ومؤشرات على الصعيد الوطني لا تقتصر على حساب عدد العاملين في مجال البحث، أو مبالغ التمويل المخصصة للبحث والتطوير1.

تُحلَّل البنية الأساسية انطلاقاً من الخطط والمشاريع المنفّذة. ويركّز تعريف البنية الأساسية على الشبكات والنُّظُم المادية الضخمة التي تقوم عليها الأشغال في البلدان، بما في ذلك النقل، والطاقة، والمياه، والصرف الصحي، والاتصالات السلكية واللاسلكية. إلا أنّ توسيع هذا التفسير ليشمل المؤسسات التي تتيح الرعاية الصحية، وفرص التعليم، والحوكمة خير دليل على أن تطوير البنية الأساسية يمثل أولوية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
للاطلاع على معلومات حول كل نوع من أنواع البنية الأساسية، يمكن الرجوع إلى الفصول المعنية بأهداف التنمية المستدامة التالية: البنية الأساسية للرعاية الصحية (الهدف 3)، والبنية الأساسية للمدارس (الهدف 4)، والبنية الأساسية للمياه (الهدف 6)، والبنية الأساسية للطاقة (الهدف 7)، والبنية الأساسية للمناطق الحضرية (الهدف 11)، والبنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (الهدف 17).
تتولى الحكومات تطوير البنية الأساسية في المنطقة، بتمويل من الدولة ومن المقرضين المتعدّدي الأطراف والثنائيين. وأحرزت المنطقة عموماً تقدّماً في هذا المجال، لكنّ الاختلاف ظاهر بين البلدان من حيث الأداء ونوع البنية الأساسية. فالبنى الأساسية متطورة نسبياً في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومحدودة في قطاع النقل على مستوى الربط والخدمات اللوجستية، ما يضع عائقاً أمام أنشطة التجارة والقطاعات الإنتاجية على غرار الصناعة التحويلية 2 . إلاّ أنّ مشاريع هامة أُطلقت لتطوير البنية الأساسية باستثمارات ضخمة في بلدان عدّة، من تشييد المدن الجديدة، إلى وضع خطط النقل وإنشاء محطات الطاقة النووية.
أُطلِق مؤشر البنية التحتية للجودة المعني بتحقيق التنمية المستدامة (QI4SD) في عام 2022، وهو يشمل 137 بلداً. ومن 16 بلداً عربياً مشمولاً بهذا المؤشر، احتلت الإمارات العربية المتحدة المتحدة دون غيرها مرتبةً بين البلدان الخمسة والعشرين ذات المراتب الأعلى على مستوى العالم. وحلّت تونس في المرتبة 39، والمملكة العربية السعودية في المرتبة 45، ومصر في المرتبة 56، والمغرب في المرتبة 68. ولا يرتبط تصنيف المرتبات بمستوى الدخل؛ إذ تحلّ عدة بلدان عربية متوسطة الدخل في مرتبة أعلى من البلدان المرتفعة الدخل في المنطقة.

ويؤدي القطاع الخاص دوراً محدوداً ولكنه هام من خلال عقد الشراكات بين القطاعين العام والخاص. ويتزايد الدعم السياسي لمثل هذه الشراكات بما تتخذه الدول من تدابير لتهيئة بيئة تحفز الشركات على تقديم الخبرة والمساعدة في تخفيف الأعباء على الميزانيات العامة3. وأصدر 15 بلداً عربياً قوانين ترعى الشراكة بين القطاعين العام والخاص، أو حدّث قوانين صادرة في الأعوام العشرة الماضية4. وتختلف خصائص هذه القوانين وفعاليتها باختلاف الظروف والأُطر القانونية لكل بلد.

  • أطلقت المملكة العربية السعودية مشاريع عقارية ومشاريع للبنى الأساسية بقيمة 1.25 تريليون دولار في إطار تنفيذ رؤية 2030، وسعياً إلى بلوغ الهدف العام، أي تحقيق النمو وتنويع الاقتصاد، بالإضافة إلى زيادة فرص العمل5. وقد استثمرت الحكومة في إنشاء المطارات، والموانئ، والطرق السريعة، والمناطق الصناعية والسياحية الجديدة. ومن المشاريع العملاقة، "نيوم" ومشروع تطوير البحر الأحمر.
  • أقرّت الحكومة المصرية في إطار وضع رؤيتها لعام 2030 بأن إقامة بنية أساسية متينة هي السبيل لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وبحلول نهاية عام 2023، كانت قيمة مشاريع البنى الأساسية في مجالات البناء، والطاقة، والمياه، والنقل قد بلغت 400 مليار دولار6. وتنفذ الحكومة مشاريع عملاقة تفوق ميزانيتها 10 مليار دولار لتشييد المساكن، والمجمعات الصناعية، والسكك الحديدية، وتتولّى تعهّدات على غرار تطوير قناة السويس وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة7.
  • بين عامي 2001 و2017، استثمر المغرب نسبة تتراوح بين 25 و38 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في تطوير البنى الأساسية، وهي من أعلى النسب في العالم8. وأدت مشاريع البنى الأساسية إلى زيادة كبيرة في معدلات الحصول على خدمات النقل، والمياه والصرف الصحي، والري، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والكهرباء، وإلى تضييق الفجوة بين المناطق الريفية والمناطق الحضرية. ومن العوامل التي ساهمت في التقدم عقد الشراكات مع القطاع الخاص، وتعزيز المشتريات العامة، وتسهيل الملكية المختلطة مع الشركات المملوكة للدولة. ويواصل المغرب الاستثمار في الغالب في مجالات الطاقة، والنقل، والبناء، بمخصصات تناهز حالياً 150 مليار دولار9.
تعكف عدة بلدان عربية على تخطيط أو تصميم سياسات صناعية لزيادة حصة التصنيع من الناتج المحلي الإجمالي والصادرات باعتبار أن قطاع الصناعة التحويلية يفتح آفاقاً أوسع أمام تحقيق التنويع الاقتصادي والنمو الاقتصادي (الفصل الخاص بالهدف 8). واستكمل وضع السياسات الصناعية باتخاذ تدابير تشمل تحديد المجالات المتخصصة للصناعة التحويلية، وتحسين بيئة الأعمال التجارية، وتعزيز الروابط بين مجالات البحث العلمي، وإدماج التكنولوجيات الجديدة، وتسهيل الوصول إلى سلاسل القيمة العالمية، وتشجيع التصدير إلى الأسواق العالمية، وإجراء المفاوضات التجارية.
  • حددت كل من الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، وقطر مؤشرات أداء رئيسية لتقييم المساهمة المتزايدة للقطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي10. وتخطط تونس لرفع نسبة مساهمة الصناعة التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20 في المائة بحلول عام 2035 11.
  • تسعى مصر في إطار تنفيذ الإصلاح الهيكلي إلى تحفيز التصنيع من خلال تدخلات محددة الأهداف في قطاعات الصناعة التحويلية، والأعمال التجارية الزراعية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ومن المتوقع أن تؤدي هذه التدابير إلى رفع مجموع مساهمة هذه القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي إلى 30 في المائة على الأقل بحلول عام 2024.
  • تخطط عُمان عُمان لزيادة نسبة الصادرات الصناعية من مجموع الصادرات من 16 في المائة في عام 2015 إلى 28 في المائة في عام 2040.
  • أٌطِلقت منصة الصناعة المتقدمة السعودية بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي، وذلك بهدف تحويل المملكة العربية السعودية إلى مركز عالمي للابتكار الصناعي والصناعة التحويلية المتقدمة. ونتيجة لذلك، أنشئت مصانع للأدوية، وقطع الطائرات، وتشكيل المعادن، وغيرها من الصناعات، وتنشئ شركات متعددة الجنسيات المرافق اللازمة.
  • دفع التحوّل إلى سياسات صناعية محددة الأهداف على مدى عقدين من الزمن بالمغرب إلى موقع الريادة في بعض الصناعات. فالإصلاحات في شركة الفوسفات المملوكة للدولة أفضت مثلاً إلى تصنيف المغرب ضمن مجموعة البلدان الخمسة الأولى في تصنيع الأسمدة في العالم12.
ثغرات في القياس

أتاحت المؤشرات العالمية إطاراً شاملاً لقياس الأداء الصناعي ومقارنته في المنطقة. فمؤشر الإنتاج الصناعي للمنطقة العربية الذي كان أعلى من المتوسط العالمي قبل عام 2019، ما لبث أن انخفض، ولم يستعد مستوياته بالكامل حتى الآن. وعلى مستوى مجموعات البلدان، كان مؤشر قياس الأداء الصناعي التنافسي للبلدان المرتفعة الدخل (0.065) أقل من نصف القيمة المسجلة على مستوى العالم (0.131) في عام 2021.

وقد لا تكفي مؤشرات الأداء المسجلة على مستوى العالم في عمليات القياس، ما يستدعي وضع أُطُر ونُظُم للرصد الإحصائي مصممة خصيصاً لتلبية الاحتياجات الوطنية والإقليمية. وينتج المرصد الصناعي الأردني تحليلات صناعية قائمة على الأدلة، في ممارسة جيدة لقياس الأثر. ويوفر المرصد مجموعات بيانات عن القوى العاملة، والطاقة، والتجارة، والصناعة، مربوطة بقواعد البيانات الإقليمية والدولية.

المصادر: حساب منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية لقيم عام 2021 لكلا المؤشرين؛ UNIDO, 2024.
تعمد البلدان المتوسطة والمرتفعة الدخل إلى إنشاء تجمّعات صناعية لدعم تنفيذ السياسات الصناعية. وتشير البيانات إلى تجمّعات صناعية ومناطق صناعية ومجمّعات ومراكز ومدن صناعية أُنشئت أو هي قيد الإنشاء في 13 بلداً على الأقل13. ويؤدّي تركيز الموارد من بنى أساسية، وتمويل، وقدرات بشرية، في التجمّعات الصناعية إلى تهيئة بيئة مؤاتية لتحقيق النمو والاندماج في سلاسل القيمة العالمية. وتقرّب التجمّعات الصناعية المسافة بين أصحاب المصلحة، من شركات، وجهات فاعلة حكومية، ومعاهد بحوث، فيما لا يزال الضعف يشوب التعاون مع الأوساط الأكاديمية.
تُستكمل السياسات الصناعية باعتماد أدوات وتدابير تدعم الصناعة التحويلية المحلية. فعلى سبيل المثال، اعتمدت بلدان عربية مثل الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، ولبنان، ومصر، والمغرب، والمملكة العربية السعودية علامة "صنع في" على منتجاتها.
براءات الاختراع

براءات الاختراع هي أداة فاعلة تحفّز التطوّر الصناعي والتكنولوجي، وتصلح كبديل لقياس الابتكار. ولا تزال حصة المنطقة من براءات الاختراع منخفضة للغاية مقارنة بعدد البراءات في العالم، وذلك على الرغم من الزيادة الطفيفة التي تشهدها منذ عام 2018. ولم تتجاوز نسبة طلبات الحصول على براءات اختراع في المنطقة 0.5 في المائة من المجموع في العالم في عام 2022، إذ بلغ مجموع الطلبات 17,260 طلباً، واقتصرت الموافقة على 5,786 براءة اختراع. وحلّت في المراتب الأولى حسب ترتيب الحصص المملكة العربية السعودية، والمغرب، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، والجزائر.

المصادر: WIPO, 2023. لمزيد من المعلومات، يمكن الاطلاع على ESCWA, 2024.
تُبذل جهود واعدة من أجل صناعات أكثر استدامة. فالسياسات الصناعية المعتمدة في المنطقة تركز عموماً على قطاع معين، وتُعنى بالنمو الاقتصادي، إلاّ أنّ ثمانية بلدان عربية على الأقل عمدت إلى تضمين بعض عناصر التنمية الصناعية المستدامة في سياساتها مع مراعاة المكونات الاجتماعية والبيئية16.
تتيح الالتزامات بتحقيق صافي الانبعاثات الصفري فرصاً لتطوير البنى الأساسية والمنظومات الصناعية، وتوطيد الروابط مع قطاعي الطاقة والزراعة.
تُبذل جهود حالياً لتعزيز دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتحسين قدرتها التنافسية باتخاذ تدابير تهدف إلى تشجيع الابتكار. فهذه المشاريع تمثل في المنطقة أكثر من 90 في المائة من مجموع الأعمال التجارية في مختلف القطاعات الاقتصادية، وقد تناهز هذه النسبة 99 في المئة في الجزائر.17 ولم تعد التدابير المتخذة على مستوى البلدان لمواجهة العوائق التي تحول دون نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة تقتصر على تقديم منح أو الحصول على إعفاءات ضريبية فحسب، بل أصبحت تشمل تقديم خدمات التحول الرقمي، وإسداء المشورة، والإرشاد، وبناء القدرات، والحصول على تمويل، وتعزيز الروابط مع سلاسل القيمة العالمية. ويعكف 16 بلداً عربياً18 على دعم هذه المشاريع بوضع استراتيجيات وإنشاء مؤسسات، وقد أقرّت هذه البلدان قوانين، أو حدّثتها، لتسهيل الحصول على التمويل، وتخفيف القيود على إنشاء المؤسسات الصغيرة، أو تبسيط إجراءات العمل.
يعتمد نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة ونجاحها على إزالة العوائق الهيكلية في بيئة الأعمال. فإنشاء صندوق لدعم هذه المشاريع لن يثمر نتائج ناجحة إذا استمرت الشركات في مواجهة عقبات مثل كثرة الأنظمة المعرقلة وقلة المهارات.

يشوب التقصير جهود الرقمنة على مستوى المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مع أنّ الرقمنة ضرورية لتحفيز الابتكار، وخفض التكاليف، وتحسين الكفاءة، وإتاحة الوصول إلى الأسواق والموارد كتوفير فرص للتدريب، وإنشاء شبكات لتوظيف المواهب، وتأمين التمويل. وما أجري من دراسات عن الرقمنة في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لا تزال تشوبه ثغرات من حيث القدرة على القياس بناء على مؤشرات مثل الوصول إلى بوابات الدفع الإلكتروني وإلى التجارة الإلكترونية واستخدامهما.
  • تساهم مؤسسة "تمكين" الحكومية في البحرين في تطوير القطاع الخاص، وتقدم خدمات بناء المهارات، وتسهل الحصول على التمويل. وهي تركز على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والشركات الناشئة وروّاد الأعمال، ولا سيما الشركات ذات الإمكانيات العالية في الابتكار. وفي عام 2022، ساهمت "تمكين" بأكثر من 259.95 مليون دولار في اقتصاد البحرين، ودعمت أكثر من 18,400 فرصة عمل وتدريب19.
  • تعمل عُمان على تهيئة بيئة مؤاتية لعمل المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وتتيح الحكومة الملكية الأجنبية بنسبة 100 في المائة، وقد أنشأت نقطة خدمات موحّدة ضمن الموانئ ومناطق التجارة الحرة للحد من التعقيدات الروتينية وتسريع إنشاء الشركات20. وعلى صعيد التمويل، يوفّر صندوق تنمية مشروعات الشباب "شراكة"، وهو شركة مساهمة عامة في عُمان، مجموعة من الخدمات لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ويقدّم لها الدعم المالي. وقد حصل أكثر من 180 من المشاريع الصغيرة والمتوسطة على مساعدة في مجالات الصناعة التحويلية، والخدمات، والتجارة. ومن المزمع تقديم الدعم للصناعات التحويلية مثل المزارع المائية، وتجهيز الأسماك، والخدمات اللوجستية، والسياحة، والتكنولوجيا، والابتكار21.




2. البلدان العربية المتوسطة الدخل

تسجل مجموعة البلدان العربية المتوسطة الدخل أعلى نسبة من القوى العاملة في مجال الصناعة التحويلية (12.2 في المائة) مقارنة بسائر مجموعات البلدان. والنسبة المئوية للعاملات في مجال البحث في كل من تونس، والجزائر، ومصر، والمغرب أعلى من المتوسط العالمي (31.2 في المائة)28. والنسبة المئوية للصناعات الصغيرة التي حصلت على قرض أو خط ائتمان (20.9 في المائة) أعلى من النسبة المئوية لسائر مجموعات بلدان المنطقة، ولكنها ثاني أدنى نسبة مقارنة بالمناطق الأخرى في العالم. وتحدّد أولويات البحوث الوطنية على أساس زيادة فوائد الاستثمارات البحثية، وتوجيه استخدام الأموال إلى المجالات ذات الإمكانيات العالية.

لا بد من اعتماد سياسات صناعية داعمة وتفعيل الإرادة السياسية لزيادة حصص السوق والوصول إلى سلاسل القيمة العالمية. وبين عامي 2015 و2020، تجاوز معدل نمو القيمة المضافة للصناعة التكنولوجية المتوسطة والمتقدمة من مجموع القيمة المضافة في المنطقة (1.5 في المائة) المعدل العالمي (0.3 في المائة). وسجلت البلدان المتوسطة الدخل أعلى معدل للنمو في المنطقة (3.6 في المائة).

مع ذلك، لا تزال القيمة المضافة للصناعة التكنولوجية المتوسطة والمتقدمة من مجموع القيمة المضافة في البلدان المتوسطة الدخل (25 في المائة) أدنى من القيمة على مستوى المنطقة (32 في المائة)، ما يدل على أن الصناعة التكنولوجية المتوسطة والمتقدمة هي أكثر تطوراً في بلدان مجلس التعاون الخليجي. ولا تزال الصناعة التكنولوجية المنخفضة هي الغالبة في البلدان المتوسطة الدخل.

المصدر: United Nations, 2023a.
تعتمد البلدان المتوسطة الدخل السياسات الصناعية لزيادة فرص العمل. ولتحقيق المزيد من التأثير، ينبغي أن يقترن وضع هذه السياسات بدور استباقي تضطلع به الحكومة في إنشاء الأسواق المحلية وأسواق التصدير، ودعم المؤسسات، وتسهيل الحصول على التمويل، وبناء القدرات والمعرفة، وإزالة الاختناقات في البنى الأساسية، وتشجيع اعتماد التكنولوجيا. وأدرجت هذه البلدان في سياساتها الصناعية أهدافاً أو غايات لزيادة فرص العمل. فمصر مثلاً حددت هدفاً يتمثل في استحداث "ثلاثة ملايين فرصة عمل لائق ومنتج" في مجال الصناعة التحويلية29. وشدّد الأردن على زيادة فرص العمل المتاحة للنساء في المصانع، وتعزيز الروابط بين الجامعات والصناعات لتوفير التدريب وفرص العمل للخريجين الجدد. والبرنامج الوطني "دكتور لكل مصنع" هو من الوسائل التي تربط الجامعات بقطاع الصناعة من الناحية العملية30. فقد تناول إمكانيات التعاون في مجالات التعبئة والتغليف، والصناعات الكيميائية، والإمدادات الغذائية وغيرها، وكشف عن التحديات القائمة على مستوى التواصل بين الأوساط الأكاديمية وقطاع الصناعة، وتوفير المهارات اللازمة. وأعلن المغرب في عام 2020 أن البرنامج الذي وضعه لتسريع الصناعة أدى إلى استحداث 405,000 فرصة عمل31. وتسعى تونس إلى زيادة فرص العمل بحيث تتجاوز 300,000 فرصة بحلول عام 2035، وستعمل على تحسين موقعها في سلاسل القيمة العالمية من خلال إنشاء قطاعات أكثر إنتاجية تتطلب قوى عاملة ماهرة.
ربطت البلدان المتوسطة الدخل مجالات البحث بالأولويات الوطنية التي تشمل الطاقة المتجددة (الجزائر، ومصر، والمغرب)، والمياه (الأردن، وتونس، ومصر)، والحفاظ على الموارد الطبيعية والعلوم الاجتماعية. وحدّدت مجالات بحث متخصصة، مثل صناعة الأدوية في الأردن وتدعم مراكز ومشاريع البحوث المتخصصة مجالات البحث والتطوير العلمية ذات الأولوية. فمركز تنمية الطاقات المتجددة في الجزائر يحلّ في المرتبة الأولى من حيث عدد براءات الاختراع المودعة مقارنة بمراكز البحوث الأخرى32. وأطلقت الجزائر أيضاً خططاً لتنفيذ مشاريع ضخمة لتوليد الطاقة الشمسية33. ووضع معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة تصميماً لمركز الطاقة الخضراء في المغرب، وهو يضم مختبرات متخصصة في مجال الطاقة الشمسية34. غير أن الفجوة لا تزال قائمة بين قطاع الصناعة والأوساط الأكاديمية؛ فالصناعات تركز على تطوير الإنتاج، والوصول إلى الأسواق، وتخفيف المخاطر، وجني الأرباح، في حين أن البحوث الأكاديمية تقتصر في معظم الحالات على الناحية العلمية، ويصعب تحويلها إلى تطبيقات عملية. والاختلاف واضح أيضاً من حيث الوقت، فالبحث العلمي يستغرق عادةً وقتاً طويلاً، وفي مجال الصناعة، كلما استغرق التطوير أو الإنتاج وقتاً أطول، زادت الكلفة.
مثال من خارج المنطقة: التعاون بين الجامعات وقطاع الصناعة في تركيا

حققت تركيا تعاوناً بطرق شتى بين الجامعات وقطاع الصناعة بهدف نقل المعرفة وتحويلها إلى مجال الابتكار والتكنولوجيا. واعتمدت الحكومة أنظمة وقوانين بشأن الآليات التي توجه العلاقة بين الشركات الصناعية والأوساط الأكاديمية. ومن الأمثلة:
• وضع نظام لرأس المال المتجدد تكشف من خلاله الشركات الصناعية عن رغبتها في الحصول على الخدمات الأكاديمية والمشورة (لقاء مقابل) بشأن مشاريع محددة.
• إنشاء مجمّعات تكنولوجية تخضع للقانون بشأن مناطق التطوير التكنولوجي، وتسمح لأفراد الهيئة التعليمية بمزاولة أنشطة تجارية لتحويل البحث والمعرفة إلى منتجات مبتكرة.
• إنشاء مكاتب لنقل للتكنولوجيا تتوافق مع الجامعات ومقترحات المشاريع. ويعتمد مجلس البحوث العلمية والتكنولوجية في تركيا برنامجاً لدعم هذه المكاتب.
وكشفت البحوث أن العوائق الرئيسية أمام تحقيق التعاون تتمثل في نقص المعلومات عن الآليات المتاحة، وعدم كفاية الدعم المالي.

المصادر: Yalcintas, Ciflikli Kaya and Kaya, 2015; Kleiner-Schaefer and Schaefer, 2022.


أدى تحقيق التعاون خارج المنطقة إلى تعزيز تمويل البحوث العلمية ونشرها، وإدخال آليات جديدة لتوطيد التعاون الإقليمي. وتزايد التعاون العلمي الثنائي مع بلدان من خارج المنطقة. والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية هي في عداد الدول الخمس الأولى الشريكة لمعظم الدول العربية، ومنها المتوسطة الدخل. وأصبحت الصين الشريك الرئيسي لبعض البلدان، على غرار مصر. وتحرص البلدان المتوسطة الدخل على متابعة إجراء المبادرات البحثية مع الاتحاد الأوروبي من خلال مبادرات مثل "أفق 2020"35. وأثرت هذه العلاقات بين البلدان على كيفية تخصيص التمويل وسبل الحصول عليه، إذ استعيض عن إرسال تحويلات جماعية إلى معاهد البحوث، بإجراء مسابقات مفتوحة وشفافة خاضعة لمراجعة النظراء36.
كان الاتحاد الأوروبي شريكاً في مجال العلوم مع العديد من الدول العربية على مر السنين. وسهّلت المنصة الإقليمية للبحث والابتكار التابعة للاتحاد من أجل المتوسط سبل التعاون في إطار سياسة الجوار الأوروبي. وأجريت حوارات على مستوى السياسات، وأبرمت اتفاقات ثنائية للتعاون في مجال العلم والتكنولوجيا بين الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء والدول العربية، بما فيها الأردن، وتونس، والجزائر، ودولة فلسطين، ولبنان، ومصر، والمغرب، وموريتانيا أ .

ونفذت مبادرات بارزة عقب اعتماد إعلان فاليتا بشأن تعزيز التعاون الأورومتوسطي عبر البحث والابتكار تضمنت ما يلي: إطلاق مبادرة البحث والابتكار للوظائف الزرقاء والنمو في منطقة البحر الأبيض المتوسط (BLUEMED)، وإبرام اتفاقية الشراكة من أجل البحوث والابتكار في منطقة البحر المتوسط (PRIMA) التي يساهم فيها الاتحاد الأوروبي بمبلغ 220 مليون يورو، بالإضافة إلى مصادر التمويل الوطنية.

المصادر: European Commission, 2021, 2023.
أ. تشغل ليبيا مركز المراقب.


تنفذ البلدان سياسات وتدابير رامية إلى تيسير الروابط بين البحث العلمي والصناعة من أجل إزالة العوائق التي تحول دون تحقيق التعاون. وركزت سياسات الابتكار المعتمدة في تونس والمغرب على مدى العقدين الماضيين على إنشاء مؤسسات مبتكرة وموجهة نحو الصناعة من خلال ربط معاهد البحوث والجامعات بقطاعات الصناعة التحويلية. ويساعد إنشاء المجمعات التكنولوجية في كلا البلدين في تنفيذ هذه السياسات عن طريق ربط الجامعات والمؤسسات لوضع التطبيقات التي تستجيب للاحتياجات والمشاكل المحلية37. وفي مصر،تتضمن الاستراتيجية القومية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار هدفاً متعلق بدعم الاستثمار في البحث العلمي وتعزيز الروابط مع قطاع الصناعة. ونتيجة لذلك، يوفر القانون رقم 23 لعام 2018 للجامعات ومعاهد البحوث الحكومية التي تؤسس شركات ناشئة إطاراً قانونياً لإضفاء الطابع التجاري على بحوثها38. وركّز الأردن بشكل كبير على إنشاء منظومة يستفيد منها رواد الأعمال للابتكار. وأدرج في سياسته الوطنية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار عدة عناصر لدعم رواد الأعمال، وتعزيز التنسيق بين قطاعي البحوث والتجارة لوضع الأفكار المبتكرة في التداول التجاري.

من العوائق التي تحول دون الابتكار والبحث والتطوير الخوف من وصم الفشل، والتغلب عليه يتطلب تغيير الثقافة والنظرة إلى المجازفة والفشل، واعتبارهما جزءاً أساسياً من عملية الابتكار. وللحكومة وغيرها من أصحاب المصلحة دور حاسم في إحداث هذا التغيير، والنظر في سبل تشجيع المخاطرة في البحوث والاكتشافات العلمية.



3. أقل البلدان العربية نمواً والبلدان التي تشهد صراعات

تسجل هاتان المجموعتان من البلدان أدنى متوسط في القيمة المضافة للصناعة التحويلية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي (4.3 في المائة للبلدان التي تشهد صراعات، و6.7 في المائة لأقل البلدان نمواً في عام 2022). والقوى العاملة في الصناعة التحويلية كنسبة من مجموع القوى العاملة في أقل البلدان نمواً هي الأدنى في المنطقة (7.82 في المائة)، وإن ناهزت المتوسط العالمي لهذه الفئة من البلدان (7.96 في المائة). والإنفاق على البحث والتطوير منخفض والبيانات مفقودة. وتعاني هذه البلدان من فجوة رقمية ملحوظة، إذ تحلّ في المرتبة الأدنى عالمياً من حيث نسبة السكان الموصولين بشبكة الهاتف المحمول (الشكل 9-3)، ولا تزال إلى حد كبير غير جاهزة للاستفادة من الفرص التي تتيحها الرقمنة والثورة الصناعية الرابعة. وتواجه المجموعتان معركة شاقة في هذين المجالين غير مضمونة النتائج، إما لحالة البنى الأساسية المتداعية، أو لما لحقها من أضرار بفعل الصراعات.

لا تزال أقل البلدان نمواً في مرحلة أوّلية من حيث تحقيق التنمية الصناعية في غياب السياسات المخصصة لهذا المجال أو محدوديتها. وضعف البنية الأساسية هو من العوائق التي تحول دون تحقيق نمو الصناعات، وتأمين الكهرباء بأسعار معقولة، ووجود شبكات النقل الكافية، وتوفّر سبل الوصول إلى سلاسل الإمداد والقيمة العالمية. وتصبّ البلدان التي أدرجت التنمية الصناعية ضمن سياساتها أو خططها الإنمائية الوطنية معظم تركيزها على صناعة الغذاء (تجهيز المنتجات الزراعية والسمكية)، والصناعات الحرفية الصغيرة النطاق. وأدرجت جزر القمر وجيبوتي ضمن ما وضعته مؤخراً من خطط للتنمية أو للإسراع في تحقيق أهداف التنمية المستدامة أهدافاً استراتيجية ترمي إلى زيادة القدرة التنافسية للصناعات الغذائية الزراعية، والصناعات الحرفية، وصناعات البناء، وإلى تعزيز سلاسل القيمة وتحفيز التجارة. وأطلقت موريتانيا حديثاً استراتيجيتها الوطنية للتصنيع، وتركّز فيها على استغلال مواردها الطبيعية (في الزراعة، والفلاحة، وصيد الأسماك، والطاقة المتجددة) في تحقيق التنمية الصناعية.

الشكل 9-3

نسبة السكان الموصولين بشبكة الجيل الثالث على الأقل للهاتف المحمول، 2022 (بالنسبة المئوية)
المصدر: استناداً إلى بيانات ESCWA, 2023b، اعتباراً من 28 كانون الأول/ديسمبر 2023.
يتطلب تطوير العلم والتكنولوجيا والابتكار في أقل البلدان نمواً دعماً من الجهات المانحة والتزاماً من الحكومات الوطنية ببناء القدرات البشرية، وتحسين أُطُر الحوكمة، والاستفادة من التكنولوجيات الرقمية. ومن الضروري الإقرار بأهمية الابتكارات الشعبية، والمحلية، والفعالة من حيث الكلفة، لما تختزنه من فوائد في التصدي لتحديات التنمية والقدرة على إنتاج القيمة الاجتماعية. ويتطلب نقل التكنولوجيا، الذي هو أداة رئيسية، عقد شراكات قوية ووضع أُطُر قانونية صلبة.
يُبرز مشهد السياسات في أقل البلدان نمواً وعياً متزايداً لأهمية العلم والتكنولوجيا والابتكار والحوكمة. فموريتانيا مثلاً وضعت استراتيجية للبحث العلمي، وأنشأت مجلساً أعلى للبحوث، وهي تعمل على إرساء نظام حوكمة للبحث والتطوير وإنشاء منظومة للابتكار.
أدّى نشوب الصراعات إلى تعطل نُظُم البحث والتطوير، وتدمير البنى الأساسية، وتعثر التصنيع. وتمثّل هذه الصراعات عائقاً رئيسياً أمام تحقيق التكامل الإقليمي، ما يؤثر على سلاسل الإمداد ويعوق حركة السلع. وأقرّ السودان في عام 2017 سياسة للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، وقد اعتزم رفع معدل الإنفاق على البحث والتطوير. إلاّ أنّ تجدد الصراع في عام 2023 أدّى إلى وقف تنفيذ هذه السياسة وشلّ عمل المؤسسات التعليمية.
تعتمد حكومة دولة فلسطين سياسة خاصة لدعم منظومة الشركات الناشئة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات39. وتتميّز هذه "المنظومة التي لا تزال في مراحلها الأوّلية" بأنها تأسست على يد مجموعة من أصحاب الكفاءة العالية، وضمنها أكبر نسبة من النساء40.
أبدت البلدان التي تعاني من أزمات اهتماماً بتنمية الصناعة باعتبارها قطاعاً إنتاجياً أساسياً لمرحلة التعافي. وتنطبق هذه الحال على العراق وليبيا،اللذين يركزان على الاستفادة من مجالي الابتكار وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحقيق التعافي والنمو، وعلى عقد الشراكة مع القطاع الخاص. فأنشأت ليبيا منطقة وادي الحرير الاقتصادية الخاصة في عام 2021، وقطباً للتكنولوجيا الصناعية في عام 2022. ولحقت بالبنى الأساسية أضرار جسيمة جراء الدمار في البلدان التي تعاني من أزمات، وقدّرت كلفة إعادة البناء بمئات مليارات الدولارات.

المصادر: World Bank, 2020a; ESCWA and University of St. Andrews, 2020.
أمام البلدان الخارجة من الصراعات فرص واسعة للتركيز على البنى الأساسية. وتفتح مرحلة إعادة البناء آفاقاً للتنمية الصناعية التي يمكن ربطها منذ البداية بالتصنيع الأخضر والشامل وكذلك بالتكنولوجيا. ويتطلب ذلك تضافر الجهود بين الحكومات، والجهات غير الحكومية، والجهات المانحة لضمان دمج المواهب والمهارات المحلية في صلب عملية إعادة البناء. وحددت الجمهورية العربية السورية أولويات البحوث، وأجرت تقييمات للاحتياجات خلال الفترة 2018-2020. ويستمر وضع الخطط لإطلاق إصلاحات قانونية، وإنشاء وحدات للبحوث، وتوطيد الروابط بين العاملين في مجال البحث والمستثمرين41.

دال. سياسات لعدم إهمال أحد

غالباً ما يُنظر إلى عدم إهمال أحد في إطار الهدف 9 من منظار التهميش (الجدول 9-1). ويقصد بذلك الأفراد الذين يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا، أو لا يلمّون بالتكنولوجيا الرقمية، أو يحتاجون إلى تنفيذ سياسات قائمة على الإنصاف لانخراطهم في اقتصاد المعرفة. ويقصد بذلك أيضاً المناطق الجغرافية غير المتصلة بمختلف شبكات أو خطوط البنى الأساسية، ما يسهم في محدودية التنمية في المناطق الريفية، وفي تزايد الهجرة الداخلية إلى المدن. ويتعذّر على غالبية الفقراء المشاركة في التطور التكنولوجي بسبب نوعية التعليم أو الافتقار إلى المهارات والبنى الأساسية في مجتمعاتهم المحلية، حتى وإن كان بعضهم يستفيد من هذا التطور من خلال برامج في مجال الصحة أو سائر الخدمات.

تقضي معالجة عدم إهمال أحد في إطار الهدف 9 بوضع سياسات على المستوى الكلي تستهدف أوجه عدم المساواة على المستوى دون الوطني، وتساهم في تعزيز التنمية الريفية، وتحسّن إمكانية الوصول، وتتصدى لتحديات "الميل الأخير".
يتعرّض الأشخاص ذوو الإعاقة لخطر الإهمال في حال لم تُوفَّر لهم التقنيات المساعدة، ولم تؤخذ احتياجاتهم الخاصة في الحسبان عند تصميم الواجهات البينية. وتتطلب معالجة هاتين المسألتين تضافر الجهود لإيلاء الأولوية في عمليات تصميم التكنولوجيا وتطويرها لتيسير نفاذ هؤلاء إلى التكنولوجيا، والالتزام بالمعايير والمبادئ التوجيهية لتسهيل هذا النفاذ، وإشراكهم لفهم احتياجاتهم وتفضيلاتهم. ويساهم إذكاء الوعي بشأن النفاذية الرقمية للأشخاص ذوي الإعاقة في تعزيز مشهد أكثر شمولاً على المستوى التكنولوجي لجميع المستخدمين. وللحصول على المزيد من التفاصيل والأمثلة القطرية، يمكن الاطلاع على الفصل الخاص بالهدف 17.

الجدول 9-1

أمثلة على السياسات التي تراعي مبدأ عدم إهمال أحد
أقل البلدان العربية نمواً وتلك المتأثرة بالصراعات التي تفتقر إلى تنفيذ السياسات أو بناء القدرات المتعلقة بالعلم والتكنولوجيا والابتكار معرضة لخطر الإهمال. ويؤدي نشوب النزاعات المسلحة إلى تراكم العقبات بسبب تدمير البنية الأساسية والمصانع. • يعِدّ مصرف التكنولوجيا لأقل البلدان نمواً بحوثاً بشأن احتياجات هذه البلدان في مجال العلم والتكنولوجيا والابتكار، ويسعى إلى تسهيل نقل التكنولوجيا والمعرفة، بالإضافة إلى حشد الموارد. ويجري حالياً تقييماً للاحتياجات التكنولوجية في جيبوتي. ويقدّم هذا المصرف برامج لبناء القدرات للعاملين في مجال البحث، والطلاب، وروّاد الأعمال. وأدى وضع برنامج لتعزيز وإنشاء أكاديميات وطنية للعلوم إلى تأسيس أكاديميات جديدة في أقل البلدان نمواً خارج المنطقة العربية؛ وتعهّد المصرف بتوفير دعم مماثل في شمال أفريقيا أ.

• أطلقت موريتانيا مؤخراً حاضنات لأعمال الابتكار تدعم وتمول رواد الأعمال الشباب الذين يسعون إلى تأسيس شركات مبتكرة، من أبرزها مركز "كوزموس" للابتكار، وحاضنة "ريمتيك". ويندرج عمل هذه الحاضنات في إطار الجهود الوطنية الأوسع نطاقاً الرامية إلى تعزيز منظومة البحث والتطوير والابتكار، بطرق منها إنشاء مجلس وطني ووحدة للابتكار، ووضع استراتيجية للبحث والتطوير ب .
النساء: على الرغم من ارتفاع عدد الخريجات في اختصاصات العلوم والتكنولوجيا، لا يزال تمثيل المرأة في القوى العاملة ضعيفاً في هذه القطاعات. ولا بد أن تؤثر الزيادة المتوقعة في الأتمتة ودمج تقنيات الثورة الصناعية الرابعة على وظائف الأعمال اليدوية المتكررة التي تتطلب مهارات منخفضة والتي تزاولها النساء في كثير من الأحيان. • يقدم بنك مسقط في عُمان خدمات لدعم وتشجيع رائدات الأعمال في مراحل مختلفة من نمو شركاتهنّ. ويوفّر لهنّ، بالتعاون مع هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، "ريادة"، الفرص لتطوير مهاراتهنّ في ريادة الأعمال، والروابط الأساسية بهدف مساعدتهنّ على إحراز التقدّم في هذه الشركات ج .

• قدّم جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في مصر،بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قروضاً استفاد منها روّاد الأعمال في أكثر من 520,000 شركة من هذا النوع، 48 في المائة منهم نساء د .
الموظفون/العمال الأكبر سناً: أدى التداخل المتزايد بين التكنولوجيا وقطاعات الصناعة إلى التصور بأن الموظفين/العمال الأكبر سناً قد يمتنعون عن اعتماد التكنولوجيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي. وتستلزم سرعة تقدم التكنولوجيا الرقمية تحسين مهارات الموظفين وإعادة تشكيلها، وهي مسألة لم يجرِ تناولها على نطاق واسع في المنطقة، وتنطبق بشكل خاص على الموظفين الذين تزيد أعمارهم عن 55 عاماً. في المملكة العربية السعودية، يعكف 47 في المائة من أصحاب العمل على تدريب الموظفين لسد النقص في خبرتهم. وأطلقت هيئة الحكومة الرقمية برنامجاً لتطوير المهارات الرقمية في القطاع العام بالشراكة مع الأوساط الأكاديمية المحلية والعالمية .
  • أ. United Nations, 2023b.
  • ب. ESCWA, 2017; United Nations Technology Bank for the Least Developed Countries, 2022.
  • ج. Bank Muscat, 2023; al Maskry, 2016.
  • د. Egypt, 2021.
  • ﻫ. Pwc, 2022; Alarabiya, 2021.

هاء. مشهد التمويل

تشير التقديرات إلى أن المنطقة العربية بحاجة إلى إنفاق ما لا يقل عن 8.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لتحقيق أهداف البنية الأساسية بحلول عام 2030 42. ولا تتوفر مقاييس وافية لحساب تمويل مشاريع إنشاء البنى الأساسية الجيدة النوعية التي يعوّل عليها، وتتسم بالاستدامة والقدرة على الصمود. وتستمد بعض الأفكار من آليات ومؤسسات التمويل القائمة أو الناشئة التي تدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وكذلك البحث والتطوير لتحفيز التصنيع المستدام، وتشجيع الابتكار.

تبذل البلدان جهوداً لدعم الصناعات الصغيرة من خلال إنشاء الصناديق أو اتخاذ التدابير المخصصة لتسهيل الحصول على التمويل. فالكويت مثلاً أنشأت الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة برأس مال قدره 6.5 مليار دولار لتغطية ما يصل إلى 80 في المائة من احتياجات تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة43. واتُّخذت إجراءات منذ إنشاء هذا الصندوق من بينها إعادة هيكلة الحوكمة، ووضع البرامج، ومراجعة الأنظمة بهدف تحسين أثر عمله.

ولا يزال الإنفاق على البحث والتطوير في المنطقة منخفضاً، بحيث أنه اقتصر على 0.61 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021، ومعظمه من الموارد الحكومية. ويبين الشكل 9-4 أن البيانات المتعلقة بمعظم البلدان نادرة وقديمة. كما أن تفصيلها حسب مصدر التمويل ونوع الإنفاق القطاعي محدود أو غير متاح 44 . ويعزى انخفاض النسبة المئوية للإنفاق جزئياً إلى محدودية القدرة الاستيعابية، أو إلى ارتفاع قيمة الناتج المحلي الإجمالي في البلدان الغنية بالموارد. والظاهر أنه لم يتأثر بالانتشار الكبير الذي شهده التعليم العالي في السنوات الأخيرة، والتمويل العام السخي الذي أغدق على الجامعات. وفي بعض الحالات، شكّل تعاقد الجامعات مع شركات النفط والغاز لإجراء البحوث مصدراً مهمّاً لتمويلها، لكن ما ترتب عنه من تأثير ومساهمات في المجتمع كان محدوداً. ولا بد من أن ينصبّ التركيز على تمويل الأوساط البحثية الفعالة والنُّهُج المتعددة التخصصات للاضطلاع بنواتج تحقق عوائد اجتماعية45.
تقل نسبة الصناعات الصغيرة التي حصلت على قرض أو خط ائتمان عن 50 في المائة في البلدان العربية التي تتوفر عنها بيانات. ولا تتجاوز هذه النسبة 2.4 في المائة في العراق (2022) والسودان (2014)، و3.4 في المائة في اليمن (2013)، و4.1 في المائة في مصر (2020).

المصدر: ESCWA, 2023b.

الشكل 9-4

الإنفاق على البحث والتطوير كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي (بالنسبة المئوية)


المصدر: ESCWA, 2023b.

الشكل 9-5

الجهات المانحة للمساعدات الإنمائية الرسمية في المنطقة وفقاً لأهداف التنمية المستدامة (بالنسبة المئوية)


المصدر: OECD, 2017.
وتقدر الاستثمارات اللازمة لربط غير الموصولين بالنطاق العريض في المنطقة بمبلغ 28 مليار دولار46. وعلى صعيد العالم، تعهدت أكبر 25 جهة مانحة للمساعدات الإنمائية الرسمية بتقديم 18.4 مليار دولار لتحقيق الهدف 9 ككل في عام 2019. ويحظى الهدف 9 بأكبر قدر من التمويل الذي تقدمه الجهات المانحة العربية مقارنة بسائر الأهداف العالمية (الشكل 9-5).

المؤسسات والآليات القائمة لتحسين تمويل الهدف 9

تدعم مصارف التنمية الوطنية الوكلاء الاقتصاديين لضمان استمرار عملياتهم في أوقات الاضطرابات الاقتصادية. ويتطلّب هذا الدعم تنمية الموارد البشرية وبناء المهارات47. واستثمر بنك قطر للتنمية في منظومة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وأطلق مبادرات على غرار وكالة تنمية وترويج الصادرات "تصدير"، وحاضنة قطر للأعمال اللتين تدعمان الإنتاج المحلي. وأنشأ البنك أيضاً صندوق الاستثمار الرأسمالي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الذي يمنح جوائز خاصة للشركات التي تحقق تميّزاً48. ويقدم بنك التنمية العُماني تسهيلات للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والصغرى في عدد من القطاعات الصناعية، بما في ذلك الصناعة التحويلية، والتكنولوجيا، والخدمات اللوجستية. وفي عام 2021، وافق هذا البنك على منح قروض بقيمة 54 مليون ريال عُماني (140.3 مليون دولار)، وخصّص أعلى قدر منها للمؤسسات العاملة في قطاع الصناعات التحويلية49.

الجدول 9-2

الخدمات التي تقدّمها مصارف التنمية الوطنية في مرحلة التعافي من الجائحة

المصدر: UNIDO, 2021a.
الصناديق الوطنية المتخصصة: يدعم صندوق التنمية الصناعية السعودي تنافسية المؤسسات بهدف تنويع الاقتصاد السعودي.وجرت مواءمة تفويضه مع رؤية السعودية 2030. وفي العقد الماضي، وافق هذا الصندوق على منح 1,545 قرضاً متوسط وطويل الأجل للمشاريع الصناعية بقيمة 107 مليار ريال سعودي (28.5 مليار دولار). وحقق نمواً في رأس المال من 40 مليار ريال سعودي في عام 2012 إلى 105 مليار ريال سعودي في عام 2019 50.
مصارف التنمية الإقليمية: توفر تأمين وتعبئة الموارد بهدف دعم حكومات البلدان النامية لإقامة البنى الأساسية وإطلاق المشاريع الاقتصادية. وتركز أيضاً على تحقيق التكامل الإقليمي من خلال دعم المشاريع القطرية المشتركة. وتعهّد الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بتقديم أكثر من 36 مليار دولار على شكل قروض منذ إنشائه. وبين عامي 2019 و2021، تجاوزت القروض الممنوحة لإقامة البنى الأساسية وتعزيز القطاعات الإنتاجية 1.7 مليار دولار51 . وخلال الفترة نفسها، تجاوزت هذه القروض المقدمة من البنك الإسلامي للتنمية إلى الدول العربية 310 مليون دولار، ذهب معظمها إلى لبنان وموريتانيا 52.
جذب الاستثمار الأجنبي المباشر: في المغرب، ، يكتسب الاستثمار الأجنبي المباشر لتحقيق التنمية الصناعية أهمية متزايدة. واجتذب المغرب تدفقات كبيرة من خلال اتخاذ إجراءات ملموسة استقطبت المستثمرين، وهي تحسين البنى الأساسية، وتعزيز المهارات، وإنشاء المنظومات بدلاً من السعي للحصول على الدعم أو الإعفاءات الضريبية (الفصل الخاص بالهدف 8)53.
تمويل التحول الصناعي المستدام: يتطلب هذا التمويل زيادة الاستثمارات العامة والخاصة، وتنسيقها، وتحديد أهدافها. وعلى صعيد القطاع العام، من الضروري اتخاذ تدابير تحفز الاستثمارات الخاصة باستخدام الأدوات الضريبية والمالية. ومن الأمثلة، إقرار الخصومات الضريبية، أو تحفيز الطلب من خلال المشتريات العامة المبتكرة أو الخضراء. ولمصارف التنمية العامة دورٌ في سد الفجوات في الموارد والفجوات المعرفية (الاستعلامات عن السوق)، وفي اتخاذ التدابير التنظيمية تحفيزٌ للإقراض التجاري من خلال تقاسم المخاطر. ولا تزال نسبة الصناعات الصغيرة التي حصلت على قرض أو خط ائتمان (15.2 في المائة) تناهز نصف القيمة العالمية، وتقلّ عمّا هي عليه في أي منطقة أخرى في العالم (الشكل 9-6).

الشكل 9-6

المؤشر 9-3-2: نسبة الصناعات الصغيرة التي حصلت على قرض أو خط ائتمان، 2023 (بالنسبة المئوية)
المصدر: استناداً إلى بيانات ESCWA, 2023b، اعتباراً من كانون الأول/ديسمبر 2023.

واو. الأبعاد الإقليمية

أثمر توطيد التعاون وعقد الشراكات في إطار الهدف 9 في المنطقة العربية في بعض الحالات، ومعظمها على مستوى مجموعات البلدان. وانصبّ التركيز على التنمية الصناعية والبحث العلمي وفقاً لعدة أشكال، داخل المنطقة وخارجها.

1. إعادة النظر في سلاسل الإمداد

قبل جائحة كوفيد-19، أدت العولمة إلى تعزيز التنويع الجغرافي لسلاسل الإمداد الذي أفضى إلى زيادة ارتباط البلدان العربية بالأسواق العالمية. ومنذ تفشي الجائحة، أعيد النظر في سلاسل الإمداد بهدف زيادة ربطها بالمستوى المحلي ورقمنتها وتحديثها. وتفاوت التقدم المحرز في هذا الإطار. فبلدان مجلس التعاون الخليجي تعمل على إنشاء بنى أساسية متطورة للخدمات اللوجستية سعياً منها لأن تصبح مراكز دولية لحركة الأشخاص والسلع، فيما حققت البلدان المتوسطة الدخل تقدماً محدوداً في هذا المجال. وأبرزت الجائحة أهمية تعزيز قدرة سلاسل الإمداد على الصمود كأساس لتعزيز قطاعات الصناعات التحويلية والتصنيع. وتتمحور فرص تحقيق التكامل الإقليمي حول اتخاذ الإجراءات الرامية إلى تبسيط نُظُم الخدمات اللوجستية والتعريفات، ورقمنة سلاسل الإمداد، وتيسير حركة الأشخاص والبضائع، وتهيئة بيئة مؤاتية لدمج الشركات في سلاسل الإمداد.

2. عقد الشراكات بين بعض بلدان المنطقة العربية

تأسست الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة في عام 2022 بهدف تفعيل الفرص الصناعية، وتحقيق التكامل في الموارد والقدرات والخبرات في عدة قطاعات، منها الزراعة والأغذية والأسمدة؛ والأدوية؛ والمنسوجات؛ والمعادن والبتروكيماويات. ومن أعضائها الحاليين، الأردن، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، ومصر. وانطلقت الشراكة بصندوق استثمار أولي بقيمة 10 مليار دولار. وفي بداية عام 2023، وُقِّعت 12 اتفاقية بشأن تسعة مشاريع صناعية بقيمة استثمارية تفوق 2 مليار دولار54. ويشمل التعاون الثنائي المشروع القطري العُماني المشترك الذي ساهم في مرحلة أولى بتلبية احتياجات النقل خلال كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر، بحيث أن 800 حافلة من أصل 4,000 كانت تعمل بالكهرباء بشكل كامل، وهي خالية من انبعاثات الكربون55.

3. المبادرات الإقليمية التي يقودها بلد واحد أو أكثر

أطلقت المملكة العربية السعودية مبادرة الشرق الأوسط الأخضر لتحفيز التعاون الإقليمي في تحقيق الأهداف المناخية والتخفيف من آثار تغيّر المناخ. وحددت هدفاً طموحاً يتمثل في تحقيق خفض جماعي بنسبة 60 في المائة في الانبعاثات على المستوى الإقليمي. وتضم المبادرة العديد من الأنشطة الإقليمية، وتتضمن منصة لتسريع الانتقال إلى الاقتصاد الدائري، وتعزيز قدرته على تحويل مستقبل الصناعات في المنطقة. لمزيد من المعلومات، يمكن الاطلاع على الفصل الخاص بالهدف 12.

4. التحالفات الهادفة إلى حشد الالتزام

انضمت البلدان إلى تحالفات من شأنها تعزيز إنتاج واستخدام المواد الصناعية المنخفضة الكربون. . فالإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية عضوان في مبادرة إزالة الكربون الصناعي العميق، وهي تحالف عالمي يضم حكومات وشركات من القطاع الخاص تسعى إلى نزع الكربون من الصناعات الثقيلة (الصلب، والأسمنت، والخرسانة) التي هي مصدر لأكثر من 50 في المائة من انبعاثات الكربون. وتتضمن المبادرة التزاماً بالمشتريات العامة الخضراء، وسيعمل أعضاؤها على وضع إطار عالمي للمعايير المتعلقة بخفض الانبعاثات إلى أقرب مستوى من الصفر، واعتماد نُهُج لجمع البيانات والإبلاغ عنها56.
تتعاون المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين مع مركز الإسكوا للتكنولوجيا لتحقيق التكامل الإقليمي في البحوث الصناعية، وتوطيد الروابط بين الجامعات والصناعات. وتعتمد هذه المنظمة العديد من البرامج التي تعزز التكامل الإقليمي والتعاون بين القطاعات في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا النانو، والتعدين المستدام.

لمزيد من المعلومات، يمكن الاطلاع على المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتقييس والتعدين.

5. التعاون العلمي داخل البلدان وفي ما بينها

يعدّ الاتحاد الأوروبي من أكبر شركاء الدول العربية في مجال البحث العلمي من خارج المنطقة.وتشارك مصر والمملكة العربية السعودية في إعداد أكبر عدد من الأوراق البحثية ضمن المنطقة57. وبما أنّ قدرة البحث العلمي محصورة إلى حد كبير بين جدران الجامعات ومراكز البحوث، من شأن هذا التعاون تعزيز الروابط مع قطاع الصناعة وإضفاء الطابع التجاري عليه.

الحواشي

1. العلاقة بين عدد العاملين في مجال البحث ومبالغ تمويل البحث والتطوير مقابل مخرجات الابتكار ليست بالضرورة علاقة خطية.

2. OECD, 2021.

3. المرجع نفسه.

4. الأردن، والإمارات العربية المتحدة، وتونس، وجزر القمر، والجمهورية العربية السورية، وجيبوتي، وعُمان، وقطر، والكويت، ولبنان، ومصر، والمغرب، والمملكة العربية السعودية، وموريتانيا.

5. Zawya, 2023.

6. MEED, 2023a.

7. Egypt, 2021.

8. World Bank, 2020b.

9. MEED, 2023b.

10. يمكن الاطلاع مثلاً على Qatar Ministry of Commerce and Industry, 2018; United Arab Emirates, 2023.

11. Tunisia Ministry of Industry, Energy and Mines, 2022.

12. Tanchum, 2022.

13. الأردن، والإمارات العربية المتحدة، وتونس، وعُمان، ودولة فلسطين، وقطر، والكويت، ولبنان، وليبيا، ومصر، والمغرب، والمملكة العربية السعودية، وموريتانيا.

14. Saudi Authority for Industrial Cities and Technology Zones – Modon, 2021.

15. Morocco Ministry of Industry and Trade, 2023; Zawya, 2021; Riera and Paetzold, 2020.

16. الأردن، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، وتونس، وعُمان، ولبنان، والمغرب، والمملكة العربية السعودية.

17. European Union, 2023.

18. أقرّت الإمارات العربية المتحدة، وتونس، والجزائر، وعُمان، وقطر، والكويت، ومصر، والمملكة العربية السعودية، وموريتانيا قوانينَ بهذا الخصوص، أما الأردن، والبحرين، والجمهورية العربية السورية، والعراق، ودولة فلسطين، ولبنان، والمغرب فتعتمد هياكل، أو استراتيجيات، أو مبادرات لتقديم الدعم أو التمويل. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة المنصة العربية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة التابعة للإسكوا.

19. Tamkeen, 2023.

20. Zawya, 2020; Sohar, 2023.

21. Sharakah, 2023.

22. World Bank, 2023.

23. Invest Qatar, 2023; Saudi Arabia’s General Authority for Statistics, 2022.

24. WIPO, 2022.

25. Arab News, 2021.

26. في عام 2020، بلغ عدد العاملين في مجال البحث (بمكافئ الدوام الكامل) لكل مليون نسمة في الإمارات العربية المتحدة 2,489 باحثاً مقارنة بمتوسط عالمي قدره 1,353 باحثاً. ESCWA, 2023b، استرجع في ديسمبر/كانون الأول 2023.

27. UNESCO, 2021.

28. UNESCO, 2022.

29. Egypt, Ministry of Trade and Industry, 2015.

30. Al Abdallat and Tutunji, 2012.

31. Morocco, 2020.

32. UNESCO, 2021.

33. Attaqa, 2022.

34. UNESCO, 2021.

35. European Commission, 2022.

36. Arvantis and Hanafi, 2019.

37. Dossou and Hanaa, 2020.

38. El-Sayed and Ghoneima, 2022.

39. The State of Palestine, Ministry of Telecoms and IT, 2019.

40. World Bank, 2018.

41. UNESCO, 2021.

42. Noumba Um, 2020.

43. The National Fund for Small and Medium Enterprise Development, 2023.

44. تحدد اليونسكو خمسة مصادر رئيسية لتمويل البحث والتطوير: المشاريع التجارية، والحكومة، والتعليم العالي، والشركات الخاصة غير الربحية، وسائر العالم.

45. UNESCO, 2021.

46. ITU, 2020.

47. UNIDO, 2021a.

48. Qatar Development Bank, n.d..

49. Oman Development Bank, 2021.

50. Saudi Industrial Development Fund, 2021.

51. Arab Fund for Economic and Social Development, 2022.

52. Islamic Development Bank, 2022.

53. Cherkaoui, 2023.

54. Hussein, 2023; Bahrain, Ministry of Industry and Commerce, n.d..

55. The Peninsula, 2022.

56. UNIDO, 2023.

57. UNESCO, 2021.

المراجع

Al Abdallat, Y., and Tutunji, T. (2012). Faculty for Factory program: A University-industry link in Jordan.

Arab Fund for Economic and Social Development (AFESD) (2022). AFESD’s annual reports.

Arab News (2021). Saudi Arabia prepares 100 plants for the fourth industrial revolution.

Alarabiya (2021). Saudi Arabia – digital government authority launches capacity building programme Quodrat Tech.

Arvantis, R., and S. Hanafi (2019). Research policy in Arab countries: international cooperation, Competitive Calls, and Career Incentives. In The Transformation of Research in the South: Policies and Outcomes. Marseille: IRD Éditions.

Attaqa (2022). Renewable energy by 2030. Algeria competes with Morocco for leadership in the region (Arabic).

Bahrain, Ministry of Industry and Commerce (n.d.). Industrial partnership.

Bank Muscat (2023). Al Wathbah.

Cherkaoui, M. (2023). Industrial and regional policies in MENA: survey of economists. Economic Research Forum.

Dossou, L., and Hanaa, I. (2020). Development of innovation policy: Case study of north and West African countries. SHS Web of Conferences 89.

Economic and Social Commission for Western Asia (ESCWA) (2017). National Technology Development and Transfer System in Mauritania. Beirut. __________ (2023a). Background note on SDG 9.

__________ (2023b). ESCWA Arab SDG Monitor.

__________ (2023c). Progress Towards the Sustainable Development Goals in the Arab Region. Beirut.

__________ (2024). Annual SDG Review 2024: Skills development, innovation and the private sector in the Arab region. Beirut.

Economic and Social Commission for Western Asia (ESCWA) and University of St Andrews (2020). Syria at War – Eight Years On.

Egypt (2021). Voluntary National Review 2021.

Egypt, Ministry of Trade and Industry (2015). Industry and Trade Development Strategy 2016–2020.

European Commission (2021). Updates on the Association of Third Countries to Horizon Europe.

__________ (2022). EU-Mediterranean Cooperation in Research and Innovation. Publications Office of the European Union.

__________ (2023). Research and innovation – Mediterranean.

European Union (2023). MED MSMEs policies for inclusive growth – Algeria.

Hussein, H. (2023). UAE, Egypt, Jordan and Bahrain Sign $2bln of industrial agreements. Zawya, 27 February.

The Institute of Engineering and Technology (2022). Engineering and technology skills in the United Arab Emirates.

__________ (2023). Engineering and technology skills in the Sultanate of Oman.

International Telecommunication Union (ITU) (2020). Assessing Investment Needs of Connecting Humanity to the Internet by 2030. Invest Qatar (2023). Sectors and opportunities: education.

Islamic Development Bank (2022). Annual reports.

Kleiner-Schaefer, T., & Schaefer, K. (2022). Barriers to university–industry collaboration in an emerging market: Firm-level evidence from Turkey. The Journal of Technology Transfer, 47, 872–905.

Mantlana, K. B., and M. A. Maoela (2019). Mapping the Interlinkages between sustainable development goal 9 and other sustainable development goals: a preliminary exploration. Business Strategy and Development, 13 December.

Al Maskry, F. (2016). Riyada, Bank Muscat join hands to support women entrepreneurs initiatives. Oman Daily Observer.

Middle East business intelligence (MEED) (2023a). Egypt 2024 country profile and databank.

__________ (2023b). Morocco 2024 country profile and databank.

Morocco (2020). Voluntary National Review 2020.

Morocco, Ministry of Industry and Trade (2023). Key figures.

The National Fund for Small and Medium Enterprise Development (2023). Main website.

Noumba Um, P. (2020). Building forward better in MENA: How infrastructure investments can create jobs. World Bank Blogs.

Oman Development Bank (2021). Annual Report 2021.

Organisation for Economic Co-operation and Development (OECD) (2017). How Arab countries and institutions finance development.

__________ (2021). Middle East and North Africa Investment Policy Perspectives. Paris.

The State of Palestine, Ministry of Telecommunications and Information Technology (2019). Policy Agenda to Support Palestine ICT Startup Ecosystem. The Peninsula (2022). “Karwa” to operate massive bus fleet to serve World Cup fans.

PwC (2022). The Hopes and fears of employees across the Kingdom of Saudi Arabia.

Qatar Development Bank (n.d.). Role of QDB in supporting entrepreneurship and SMEs in Qatar.

Qatar, Ministry of Commerce and Industry (2018). Qatar National Manufacturing Strategy 2018–2022.

Riera, O., and P. Paetzold (2020). Global value chains diagnostic – case study: automobiles made in Morocco. European Bank for Reconstruction and Development. Saudi Authority for Industrial Cities and Technology Zones – Modon (2021). Annual Report 2021. Saudi Industrial Development Fund (2021). Annual Report 2021.

El-Sayed, K., and M. Ghoneima (2022). Science, Technology, Innovation and Digitalization. In M. Mohieldin, ed., Financing Sustainable Development In Egypt Report. Cairo: League of Arab States.

Sharakah (2023). Ruwad Sharakah.

Sohar (2023). Sohar One Stop Shop.

Tamkeen (2023). Tamkeen Annual Plan 2023.

Tanchum, M. (2022). Morocco’s new challenges as a gatekeeper of the world’s food supply: the geopolitics, economics, and sustainability of OCP’s global fertilizer exports. Middle East Institute.

Tunisia, Ministry of Industry, Energy and Mines (2022). Tunisia Industrial and Innovation Strategy 2035.

United Nations (2023a). Financing for Sustainable Development Report 2023: Financing Sustainable Transformations. New York: Inter-agency Task Force on Financing for Development.

United Nations (2023b). Technology Bank for the Least Developed Countries.

United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) (2021). UNESCO Science Report: the race against time for smarter development. Paris.

__________ (2022). UNESCO Institute for Statistics Database. Accessed on 1 July 2023.

United Nations Industrial Development Organization (UNIDO) (2021a). Industrial Development Report 2022. The Future of Industrialization in a Post-Pandemic World. Vienna.

__________ (2021b). Statistical Indicators of Inclusive and Sustainable Industrialization – Biennial Progress Report 2021.

__________ (2023). An overview of the industrial deep decarbonisation initiative.

__________ (2024). Independent Terminal Evaluation – Job Creation for Youth and Women through Improvement of Business Environment and SMEs Competitiveness. United Nations Technology Bank for the Least Developed Countries (2022).

World Bank (2018). Tech Startup Ecosystem in West Bank and Gaza.

__________ (2020a). Updated dynamic needs assessment for Yemen.

__________ (2020b). Morocco Infrastructure Review.

World Intellectual Property Organization (WIPO) (2022). Global Innovation Index 2022: What Is the Future of Innovation-Driven Growth. Geneva.

Yalçıntaş, M., Çiflikli Kaya, C., & Kaya, B. (2015). University-Industry Cooperation interfaces in Turkey from academicians’ perspective. Procedia – Social and Behavioral Sciences, 195, 62–71.

Zawya (2020). 100% foreign ownership now possible in most Omani businesses.

__________ (2021). Morocco becomes Africa’s new automotive manufacturing hub.

__________ (2023). Saudi megaprojects: value of construction deals reaches $250bln.